عواصم – في خطوة مستغربة ومستهجنة، أعلنت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أنها قررت وقف تمويل منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التابعة للامم المتحدة بعد تصويت الجمعية العامة للمنظمة، الاثنين الماضي، لصالح قبول “دولة فلسطين” في المنظمة الأممية كدولة كاملة العضوية.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، إن بلادها لم يكن أمامها أي خيار سوى وقف تمويل “اليونسكو” بسبب القانون الأميركي الذي يحظر تمويل المنظمة اذا قبلت عضوية فلسطين (!). وأوضحت نولاند أنه سيتم وقف تحويل مالي بقيمة 60 مليون دولار كان من المقرر أن تتلقاها المنظمة الدولية.
وكانت السفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة سوزان رايس قد أكدت في وقت سابق أن منح “اليونسكو” العضوية الكاملة للفلسطينيين “سيضر بشدة” المنظمة ولا يمكن ان يمثل بديلا لمحادثات السلام مع اسرائيل.
من جهتهم، كان الفلسطينيون قد رحبوا بقرار “اليونسكو” بالتصويت لصالح قبول “دولة فلسطين” كعضو كامل. وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أمام اجتماع الجمعية العامة للمنظمة، إن “هذا التصويت ازال جزءا بسيطا من الظلم الذي تعرض له الفلسطينيون”.
وفي رام الله أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن القرار يشكل “انتصارا للحق والعدل والحرية”، معربا عن شكره لكل الدول التي صوتت لصالح هذا الانضمام.
وأصدرت حركة “فتح” بيانا قالت فيه إن “اعتراف “اليونسكو” بدولة فلسطين انتصار لرموز شعبنا الثقافية والتاريخية في القدس عاصمة دولتنا المستقلة”. كما رحبت حركة “حماس” بقرار “اليونسكو”، واعتبرته “خطوة ايجابية تؤكد على الحق الاصيل للشعب الفلسطيني في ارضه ومقدساته وتراثه”.
رفض إسرائيلي
وفي المقابل، قال نمرود بركان السفير الاسرائيلي لدى “اليونسكو”، إن الدول التي أيدت القرار “ستضعف قدرتها على ان يكون لها تأثير على موقف اسرائيل”، ولا سيما في ما يتعلق بعملية السلام. كما أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا اعتبرت فيه أن هذا الإجراء يضر بفرص استئناف محادثات السلام في الشرق الأوسط. وجاء في البيان أن “هذه مناورة فلسطينية أحادية الجانب لن تجلب اي تغيير على ارض الواقع بل من شأنها ان تبعد احتمال اي اتفاق سلام”.
تأييد فرنسي
وصوتت 107 دول لصالح قبول عضوية فلسطين، بينما عارضته 14 وامتنعت 52 دولة. وبين الدول التي عارضت القرار الولايات المتحدة والمانيا وكندا ولاتفيا ورومانيا بينما امتنعت ايطاليا وبريطانيا عن التصويت.
بينما أيدت القرار روسيا والصين وجميع الدول العربية، وتقريبا كل الدول الافريقية والأمريكية اللاتينية.
وكان لافتا تأييد فرنسا برغم أنها سبق وأبدت تحفظات جدية على المسعى الفلسطيني في “اليونسكو”.
وينظر الفلسطينيون الى انضمامهم “لليونسكو” باعتباره نصرا معنويا يعزز مطلبهم بعضوية كاملة في الامم المتحدة. وتلك أول منظمة تابعة للامم المتحدة تقر عضوية كاملة لفلسطين منذ تقدم الفلسطينيون بطلب العضوية الكاملة للأمم المتحدة في 23 أيلول (سبتمبر) الماضي.
قانون أميركي
يشار إلى أن الولايات المتحدة تملك حق النقض (الفيتو) في الامم المتحدة واعلنت بالفعل انها يتستخدمه ضد طلب فلسطين عضوية كاملة في المنظمة الدولية. وتقدم الولايات المتحدة نحو 70 مليار دولار إلى “اليونسكو” أي ما يقدر بنحو 22 بالمئة من ميزانية المنظمة.
يشار إلى أن الولايات المتحدة عادت إلى عضوية منظمة “اليونسكو” عام 2003 بعد ان انسحبت منها في عام 1984 بسبب ما وصفته الخارجية الأميركية بتعارض بين اهداف المنظمة والسياسة الخارجية الأميركية.
ويحظر قانونان أميركيان اعتمدا في مطلع التسعينيات تمويل وكالة متخصصة في الأمم المتحدة تقبل فلسطين كدولة كاملة العضوية. وتقر مصادر في “اليونسكو” بأنه “ليس هناك اية فرصة أن يقوم كونغرس يسيطر عليه جمهوريون بتعديل هذا القانون”.
كما أن ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما محرجة لأنها تنظر إلى “اليونسكو” باعتبار أنها تشكل قسما من المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.
ولهذه الغاية زارت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون المنظمة في نهاية آيار (مايو) الماضي لكي تدعم مبادرة حول تعليم النساء والفتيات.
ويقوم مجلس الامن حاليا بدراسة طلب عضوية فلسطين إلى الامم المتحدة ويمكن ان يصوت على ذلك في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
Leave a Reply