ديربورن – خاص “صدى الوطن”
امتدادا لانقسام الشارع اليمني بين معارضين يتطلعون إلى إسقاط النظام الحاكم وآخرين يوالونه، تشهد الجالية اليمنية في ميشيغن انقساما مماثلاً إلى حد بعيد. وتزامناً مع التظاهرات المعارضة للنظام وتلك الداعمة له، شهدت منطقة ديترويت عددا من التظاهرات المشابهة.
وانطلاقا من الدور الإعلامي الذي اضطلعت به “صدى الوطن” ولاتزال في تغطية الحدث العربي أيا كان موقعه ومهما اختلفت منطلقاته، قامت الصحيفة بتغطية معظم هذه التظاهرات بشقيها المعارض والمؤيد، متوخية نقل الحدث بكل موضوعية وحياد.
لكن مهنة البحث عن المتاعب متهمة دوما من قبل فريق لا يروق له مالا يتفق مع توجهاته السياسية أو الفكرية، لذلك ارتأت “صدى الوطن” إجراء مقابلة صحفية مع ناشطين ينتميان إلى خطين مختلفين، كي يجيبا على الأسئلة نفسها لعلنا في ذلك نزيل أي لبس في المواقف.
علما بأن للصحيفة موقفا من الأحداث تجاهر به من خلال افتتاحياتها من دون أن يعني ذلك توظيف هذه التغطيات في دعم موقف الصحيفة وخطها الواضح. “صدى الوطن” التقت الناشطين الدكتور دحان النجار (معارضة) والناشط أمين شريف (موالاة) وطرحت عليهما هذه الأسئلة:
– طرح “مجلس التعاون الخليجي” مبادرة سياسية لإنهاء الأزمة اليمنية، كيف تقيمون هذه المبادرة؟
– شريف: لقد أيدنا هذه المبادرة التي جاءت وقت يظهر فيه اليمن وهو بأمس الحاجة إلى مخرج من النفق المظلم، ولكن لو رجعنا إلى الوراء، لرأينا المبادرات التي طرحها الرئيس علي عبدالله صالح، وهي من وجهة نظري ونظر بعض الشباب المثقف في الجالية اليمنية أحسن بكثير من المبادرة الخليجية. ولكن وجود طرف ثالث في هذه المبادرة هو ضروري وجيد بسبب وجود أزمة ثقة بين الأطراف السياسية في اليمن، وبالذات بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة. نحن نؤيد في الوقت الحاضر هذه المبادرة وكذلك النظام الرسمي يوافق عليها اذا تضمنت مخارج مشرفة للحزب الحاكم ولقياداته وبقية أعضائه، وتحصل لاحقا انتخابات، ولكن المهم أن المبادرة ستكون مخرجاً مشرفا إذا طبقت كحزمة مبادئ للعمل عليها.
– النجار: هي أقل بكثير مما تتطلبه القوى الثورية، والمسألة ليست مسألة مبادرات، بل الثورة هي التي تملي مبادئها ومطالبها وأهدافها، فعندما يكون الشارع قد وصل الى هذا الحد من الثورة السلمية وتحريك الملايين ومحاولة القضاء على الفساد والإفساد والتوريث والمحسوبية الموجودة في السلطة فليس من المعقول أن تعطي فرصة لمبادرة كهذه، ولكننا نقبل هذه المبادرة حقنا للدماء وتجنب تفجير الأوضاع، مع العلم أنه من المرجح، وبنسبة 90 بالمئة، أن الرئيس صالح سيرفضها في مرحلة لاحقة.
– ترافقت مظاهرات التغيير ومظاهرات التأييد مع عمليات عنف ذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، من يتحمل المسؤولية في ممارسات كهذه؟
– شريف: من منظور ديمقراطي الرئيس هو صاحب الشرعية بموجب انتخابات العام 2006، ونحن نحمل أحزاب اللقاء المشترك المسؤولية الكاملة حول أحداث العنف، لأنهم يمسكون بالأرض ويسيطرون على الشارع. نحن يمكن أن نتحمل نتائج الفساد ونعالجه مع الوقت ولكن لا يمكن أن نعالج مشكلة الاعتداءات.. فالمتظاهرون يغلقون الشوارع ويعطلون الحياة العامة ويقولون إن الدستور يعطيهم هذا الحق. عندما انطلقت ثورة الشباب في جامعة صنعاء في 16 فبراير الماضي، وكان بينهم من ينتمي إلى أحزاب اللقاء وآخرون ينتمون إلى الحزب الحاكم، وكان عندهم مطالب التغيير والإصلاح، وقلنا لا مانع بذلك، وأعلن الرئيس أنه سيحمي الشباب. فجأة حدثت المشاكل وتطور المأزق وصار خلاف بين الشباب أنفسهم منهم من يريد الإصلاحات ومنهم من ينادي برحيل النظام. طبعا يحق لهم وفقا للقانون وللدستور العمل إلى الوصول الى السلطة، ولكن ليس من حقهم حجز حرية الآخرين وإقصائهم والاعتداء عليهم.
– النجار: السلطة هي المسؤولة عن أحداث العنف والقتل، لأنها هي الوحيدة التي تمتلك الأجهزة الأمنية وهي التي تقمع على مدى 33 سنة بما عندها من خبرات أمنية ما يكفي للوصول الى كل بيت وكل زقاق. أما المعارضة فهي ضحية. المعارضة نزلت الى الشارع والتزمت بالثورة السلمية. وأقول: الشرعية تنتهي عندما تبدأ شرعية الشعب والشارع، فلا شرعية للنظام بعد ذلك.
وما هو ذنب المعارضة؟ أنها تحملت 33 سنة من الفساد والقمع وتزوير الانتخابات وتوريث السلطة. هم يتحملون كامل المسؤولية فيما وصل اليه الشارع اليمني، وهم يقمعون ويقتلون لأن الأجهزة بأيديهم وهم أصحاب القرار والخبرات المتراكمة، أما المعارضة فلا ذنب لها.
– حدثت انشقاقات واستقالات في صفوف الجيش والحزب الحاكم وصولا إلى أفراد في عائلة الرئيس اليمني، كيف يقرأ كل منكما هذه الانشقاقات وما تأثيرها على موقفي الموالاة والمعارضة؟
– النجار: الانشقاقات تعني إفلاس النظام، وتعني أن النظام وصل إلى درجة اللاعودة وأنه استهلك صلاحيته وأصبح غير صالح. لم يبق في يد النظام إلا البنك المركزي لاستعمال السيولة المالية لإغراء مجاميع من البشر ماديا وبعض القوى العسكرية والقبلية، أما الشارع والشعب سواء أكانوا من أسرة الرئيس أو من الجيش فلهم موقف، وأتوقع أن مواقفهم ستحسم في الأيام القريبة باتجاه الوطن وليس باتجاه النظام.
– شريف: (معقبا) إذا كان في اليمن أية إخفاقات فليس النظام وحده هو المسؤول عنها، بل أحزاب اللقاء المشترك لأنهم كانوا شركاء في الحكم، وحتى الآن وما يسمى بـ”ثورة الشباب” نحن نقدر الشباب الذين قاموا بحركات عفوية، ولكننا لا نقدر أحزاب اللقاء التي تريد ركوب الموجة. أما بالنسبة للانشقاقات، فنحن لا يمكننا أن نشخصن الأمور، فاذا انتقل أحد أقرباء الرئيس إلى المعارضة.. فهذا يدحض مزاعم المعارضة بعدم وجود الديمقراطية في البلاد. كما أن الانشقاقات حصلت من أناس فاسدين سرقوا ونهبوا، وهم فعلوا ذلك ليخرجوا أنفسهم من اللوم. يريدون أن يسبقوا الحدث والمعارضة استقبلتهم. لو كانت المعارضة صادقة بكل معنى الكلمة، لكانت الأمور تغيرت من عشرين سنة، ولما توجب علينا الانتظار لمدة 33 سنة، فالمعارضة فيها فساد وإفساد وتوريث كذلك.
– من موقعيكما، في المعارضة أو في الموالاة، كيف ترون مستقبل اليمن في حال انتهت الأزمة بتنحي الرئيس صالح، وكيف ترون مسألة اليمن الجنوبي في المشهد الجديد؟
– شريف: إذا تنازل الرئيس عن حقه الدستوري بموجب انتخابات العام 200٦ التي خرج فيها 5 ملايين مواطن يمني وأدلوا له بأصواتهم، علما أن المعارضة اعترفت حينها بنزاهة الانتخابات وشرعيتها ومنهم حميد الأحمر الذي وصف الانتخابات بأنها ديمقراطية وغير مزورة. إذا حصل وانتهت الأزمة فاليمن الجنوبي عنده رجال وكفاءات يتطلعون مثل بقية اليمنيين إلى يمن موحد يعم فيه العدل والمساواة على الجميع، ووحدة اليمن لا رجعة عنها عند الأغلبية الساحقة من اليمنيين في الشمال وفي الجنوب.
– النجار: من المستغرب أن السلطات التي تحكم البلاد من عشرات السنين ولديها القضاء والجيش والمخابرات والأمن والمؤسسات المالية تتهم المعارضة بالفساد وتتهم أفرادا منها بالفساد.. أين كانت نائمة ولماذا لم تحاسبهم؟ الآن نحن عندنا ثورة والنظام بيده كل الأجهزة الأمنية والقضائية والقمعية وهو الذي يتحمل المسؤولية كاملة في كل ما يجري وعن كل خطأ. أما عن مستقبل اليمن، فإنني أتوقع له مستقبل ديمقراطي أفضل ولكن بوجه آخر. وجه توجد فيه شراكة فعلية ليس فيه إشارات الضم والإلحاق والتخوين، ستعود الشراكة بين الشمال والجنوب، ضمن كيان موحد ولكن بشراكة فعلية.
– لماذا لا يتحاور أبناء الجالية اليمنية في ميشيغن، وفي الولايات المتحدة، لتجاوز الانقسامات الحادة في الجالية، خاصة وأنكم بعيدين عن التأثير المباشر لما يجري من أحداث في اليمن؟
– شريف: نتمنى ذلك، ولكن للأسف نحن منقسمون. من هم في المعارضة يريدون إلغاء الآخرين ومازالوا في موقع المعارضة فكيف اذا وصلوا إلى السلطة. هم يقولون إن الحزب الحاكم أقصاهم عن المشاركة الفعلية وهمشهم، ولكنهم الآن في اليمن “يقطعون” ألسنة من يعارضهم. وهم لا يلغون الاخرين فقط بل يريدون الانتقام منهم. ولكننا كجالية نعيش جوا ديمقراطيا أفضل، وكل واحد منا له رأيه يقوله ويذهب الى بيته، وانقساماتنا قد تسمى حزبية أو شخصية، فهناك أشخاص يريدون فرض أنفسهم ومكانتهم وآرائهم وهذا يقسمنا الى عدة شرائح. نحن نرجو أن نبدأ حوارا بناء، لكن المشكلة أنه بمجرد بدء الحوار تتدخل عوامل أخرى فتفرقع الأمور..
– النجار: أعتقد أن الأحوال السائدة هي أحوال طبيعية بحكم الاختلاف في وجهات النظر والجالية ليست مستعدية لبعضها حتى نبدأ بحوار مستعجل. الحوار مطلوب ولا بد من العمل على الحوار ولدينا مشاريع للإعداد لبعض الندوات الثقافية يجتمع فيها الأخوة ونسمع الرأي والرأي الآخر، وليس المظاهرات فقط، مع العلم أن معظم الجالية تؤيد المعارضة، ولكن نحن نتعامل بشكل ديمقراطي ونتواصل مع بعضنا بالرغم من اختلاف آرائنا.
Leave a Reply