توفيت عميدة مراسلي البيت الأبيض المتحدرة من أصل عربي هيلين توماس عن 92 عاما بعد مسيرة إعلامية استمرت 67 عاما قضت 50 عاما منها كمراسلة ومعلقة صحفية في البيت الأبيض وشملت 11 رئيسا أميركيا من أواخر فترة حكم الرئيس دوايت أيزنهاور حتى الرئيس باراك أوباما. وأصدر الرئيس أوباما بهذه المناسبة بيانا أعرب فيه عن حزنه، وجاء في البيان «كانت هيلين توماس رائدة فعلية، فقد فتحت الأبواب وكسرت الحواجز لأجيال من النساء في ميدان الصحافة، ولم تكف أبدا عن إبقاء الرؤساء – بمن فيهم أنا شخصيا – في حالة توخّ للحرص والحذر». وشملت مسيرتها الصحفية 57 عاما مع وكالة يونايتد برس إنترناشنال وعشر سنوات مع صحف هيسرت التي انتهت باستقالتها في العام 2010 وهي على مشارف سن التسعين، وذلك بعد الإدلاء بتصريحات مؤيدة لحق الفلسطينيين في العيش بوطنهم فلسطين ودعوة اليهود في فلسطين بالعودة إلى الدول التي جاؤوا منها كبولندا وألمانيا وأميركا.
تعرفت شخصيا على هيلين توماس في واشنطن قبل أكثر من 50 عاما ونشأت بيننا صداقة منذ ذلك الوقت، وقمت قبل أقل من عامين بزيارتها في منزلها بواشنطن وبتسجيل مقابلة تلفزيونية معها نيابة عن الجمعية الأردنية للبحث العلمي عرضت في المؤتمر السنوي للجمعية. وتركزت هذه المقابلة على تصريحاتها المثيرة للجدل المتعلقة بالقضية الفلسطينية وعلى مسيرتها الصحفية في البيت الأبيض وتقويمها لبعض الرؤساء الأميركيين الذين تعاملت معهم.
وأكدت هيلين توماس خلال المقابلة أن الحل العادل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي هو أن «تعود فلسطين للفلسطينيين، وأن يرحل الإسرائيليون الأجانب عنها»، مضيفة «ليس للإسرائيليين حق في فلسطين، فهم أتوا من أوروبا وما يقومون به غير محتمل»، مشيرة إلى أنهم «يريدون القدس وكل شيء آخر، ويعملون على إذلال الفلسطينيين ويستمرون في بناء مستوطناتهم ومنازلهم على أرض فلسطين».
وفيما يتعلق بتقويمها لبعض الرؤساء الأميركيين الذين قامت بتغطية أخبارهم، قالت هيلين توماس «إن جون كينيدي كان محبا للسلام” ووصفته بـ «الرئيس الأكثر تعاطفا مع القضايا العربية». وحول حكومة الرئيس باراك أوباما، قالت هيلين توماس إنها «ضعيفة وفاشلة ورهيبة»، مضيفة «لا أحب أسلوب تعامل الرئيس أوباما مع القضايا العربية». وكانت هيلين توماس قد وصفت الرئيس جوج بوش الابن إبان فترة حكمه بأنه أسوأ رئيس قامت بتغطية أخباره.
كانت هيلين توماس تفاخر بانتمائها العربي، وقالت إنها تشعر بانتمائها إلى ثقافتين، وكانت على معرفة متواضعة باللغة العربية. وقد هاجر والداها من مدينة طرابلس بلبنان. وانضمت هيلين توماس إلى وكالة يونايتد برس إنترناشنال في العام 1943، بعد عام من تخرجها من جامعة وين بمدينة ديترويت، وتحولت على مر السنين إلى أبرز صحفية في الولايات المتحدة. ومن الألقاب التي أطلقت عليها لقب «السيدة الأولى في الصحافة الأميركية» و«الصحفية الأسطورة». وكانت هيلين توماس تحتل مقعدا أماميا محجوزا لها في قاعة المؤتمرات الصحفية للرؤساء الأميركيين في البيت الأبيض، وتقوم بتوجيه السؤال الأول وتختتم المؤتمرات الصحفية بعبارة «شكرا، السيد الرئيس».
ووصفت جريدة كريستيان ساينس الأميركية المرموقة هيلين توماس في مقال نشر في العام 2008 بأنها «عنصر ثابت في السياسة الأميركية، وهي صريحة وجريئة وبارعة وقوية وصارمة». وعندما سئل الرئيس الكوبي فيديل كاسترو عن الفرق بين الديمقراطية في كوبا وفي الولايات المتحدة، أجاب قائلا «أنا لست ملزما في كوبا بأن أجيب على أسئلة توجهها هيلين توماس». واعتبرت هيلين توماس هذا الجواب قمة الإطراء لها.
Leave a Reply