ديترويت – خاص “صدى الوطن”
أنهت الحكومة الأميركية العمل بنظام التسجيل المعتمد منذ ما بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2011 والذي يستهدف شريحة من المقيمين على الأرض الأميركية بدون وثائق هجرة.
ويفرض برنامج “مكافحة الإرهاب” المثير للجدل الذي يعرف باسم “نظام تسجيل الدخول-الخروج للأمن الوطني” (أنسيرز) على الرجال المقيمين في الولايات المتحدة الذين وفدوا من بلدان اسلامية في الغالب، التسجيل واخذ البصمات ممن تبلغ اعمارهم 16 سنة وما فوق، وجرى تطبيق هذه الاجراءات أيضا على الرجال القادمين من كوريا الشمالية.
واستهدف البرنامج الداخلين الى الولايات المتحدة اضافة الى نحو 80 ألف ممن يقيمون في البلاد، ومن بينهم نحو 1000 رجل من منطقة ديترويت.
وأعلن عن انهاء العمل في البرنامج في 28 نيسان (ابريل) الماضي دون ضجة، من خلال خبر مقتضب نشر على الموقع الالكتروني لوزارة الأمن الداخلي الأميركي.
وشملت تحقيقات البرنامج حتى تاريخ إنهاء العمل به نحو 13800 مقيم وأدى الى ترحيل 2870 من بينهم في أوقات لاحقة.
غير أن أيا من الحالات التي حقق بها القائمون على البرنامج لم يجر اتهام صاحبها بعلاقة بالارهاب، وهذه حقيقة يقول الخبراء أنها أثبتت فشل البرنامج الذي تعرض بصورة ظالمة بالمضايقات لآلاف الأشخاص.
ووصفت شوبا سيفابراساد واضحية، أستاذة القانون في جامعة بنسلفانيا التي أخضعت البرنامج لبحث مكثف، بالقول “لقد كان عديم الفائدة ومنفرا”.
وفي حين ينتهي العمل بهذا البرنامج المثير للجدل إلا أن رب عائلة من مدينة ديربورن لايزال يواجه خطر الترحيل بناء على مخالفة صغيرة.
في العام 2003 كانت صفوف طويلة تتشكل أمام مكاتب الهجرة في ديترويت وتضم رجالا يسكنهم الخوف، من بلدان عربية ومن بلدان أخرى منتظرين أدوارهم لتسجيل أسمائهم في ظل برنامج مكافحة الارهاب.
حينها قالت الحكومة الأميركية إن عملية التسجيل والتي كانت تشمل بصمات الأصابع والمقابلات كانت حاجة للمساعدة على تأمين سلامة البلاد في اطار الحرب على الارهاب، لكن الكثيرين شعروا بأنها كانت مجرد عملية تحرش اثنية.
“لقد عاملونا مثل الحيوانات” هكذا يتذكر صفي الدين صفي الدين (44 سنة) من مدينة ديربورن وهو يعقب على التطور الجديد الذي أنهى البرنامج. ويقول هذا المهاجر اللبناني إنه خضع مرة لعملية تسجيل استمرت من التاسعة صباحا حتى السابعة مساء، ليقولوا له في نهاية هذا اليوم الطويل والمليء بالقلق أن يعود في اليوم التالي!
وهنالك نحو 80 ألف حالة في عموم الولايات المتحدة تشبه حالة صفي الدين وينتمون الى 24 بلدا تقطنها غالبية مسلمة، والى كوريا الشمالية، ممن كانوا يقطنون في اميركا والعديد خضعوا للاستجواب وكان عليهم العودة الى دائرة الهجرة بصورة دورية في اطار قانون التسجيل.
تداعيات اعتداءات 11 أيلول
عندما ابتدأ العمل بها عام 2002 كانت عملية التسجيل جزءا من برنامج أشمل فرض على الزائرين من تلك البلدان تسجيل أنفسهم في نقاط الدخول الى البلاد. وفي مكاتب الهجرة المحلية، وقد أطلقت شرارة هذه العملية من حقيقة أن ارهابيي هجمات 11 أيلول كانوا متواجدين على الأراضي الأميركية بتأشيرات زيارة.
ويعتبر عدد الزوار من كوريا الشمالية ضئيلا مقارنة بنظيره من البلدان العربية والاسلامية.
ويقول ادوارد ألدن من مجلس العلاقات الخارجية إن البرنامج تعدى في اجراءاته نظام الفرز العرقي ولم يكن منتجا ويصف آلدن، الذي ألف كتابا بعنوان “إغلاق الحدود الأميركية: الارهاب والهجرة والأمن منذ 11 أيلول” البرنامج بقوله إنه تسبب بقلق عميق للكثيرين من العرب الأميركيين والمسلمين، وادى الى تفرق عائلات كثيرة، والى آلاف عمليات الترحيل لأسباب تتصل بمخالفات هجرة بسيطة.
لكن في المحصلة لم ينجح هذا البرنامج في العثور ولو على حالة ارهابية واحدة، وفق ما يؤكد الخبراء.
وقد انتهى العمل بهذا البرنامج اعتبارا من 28 نيسان (ابريل) عندما بادرت وزارة الأمن الداخلي الى ازالة أسماء الـ25 بلدا من برنامج التسجيل.
ورحب المدير الاقليمي للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز عماد حمد بالغاء العمل ببرنامج التسجيل ووصفه بـ”الخطوة في الاتجاه الصحيح”.
وقال حمد: “بأوجه عديدة، كان هذا البرنامج نموذجا عن مبالغة الحكومة في الحرب على الارهاب. وقال المحامي نبيه عياد إن البرنامج لم تكن له أية فاعلية وتسبب فقط باهدار الموارد الحكومية”. أضاف عياد الذي مثل في المحاكم الأميركية بعض الرجال الذين استهدفهم البرنامج ومنهم صفي الدين: لقد كان (البرنامج) عملية فرز عرقي مكشوفة.
ومن بين الـ80 الفا من الرجال الذين استهدفهم البرنامج جرى تحويل 13.799 الى مزيد من التحقيقات وتم احتجاز 2870 رجلا من بينهم، فيما جرى ترحيل العديدين بسبب مخالفات كانت تعتبر عادية ولم تكن تمثل أولوية لسلطات تنفيذ القانون. ويعتبر صفي الدين مثالا على هؤلاء حيث أنه لايزال يواجه خطر الترحيل لأنه تجاوز في العام 2003 مدة الاقامة المحددة على تأشيرته.
و كانت هذه المخالفة، في العادة، تصنف في خانة المخالفات ذات الأولوية المنخفضة. ويعمل صفي الدين حاليا في محطة للمحروقات ويقول إنه غير قادر على العودة الى لبنان والانفصال عن زوجته وطفليه.
وتطالب العديد من المنظمات وزارة الأمن الداخلي باعادة النظر في هذه الحالات، لكن الوزارة تقول انها تنوي مراجعتها بصورة فردية وتبعا لظروف كل حالة على حدة.
ويعلق المدير القانوني في لجنة الـ آي دي سي عبد أيوب على الممارسات بحق بعض المهاجرين ويقول إن أية وسائل بوليسية تعتمد على الفرز العرقي مصيرها الفشل.
Leave a Reply