حسن خليفة – «صدى الوطن»
زار وزير الأمن الداخلي الأميركي جه جونسون، يوم الأربعاء الماضي، مدينة ديربورن فـي مسعى من الإدارة الأميركية لتعزيز العلاقة مع الجاليات العربية والإسلامية فـي المنطقة، وطمأنة السكان بشأن الإجراءات الأمنية الجديدة ضد الإرهاب، مؤكداً بأنها لا تستهدف المواطنين بناء على خلفـياتهم الدينية والعرقية.
وفـي كلمة ألقاها فـي قاعة للمحاضرات غصت بالحضور فـي «جامعة ميشيغن-ديربورن»، أكد جونسون أن مكافحة الإرهاب هي المهمة الأساسية لوزارة الأمن الداخلي، مشيراً الى «أن منع الهجمات الإرهابية أصبح اليوم أكثر صعوبةً بعد ١١ أيلول (سبتمبر)» مشدداً على أهمية دور الشرطة المحلية والجاليات المسلمة فـي مكافحة الإرهاب داخل الولايات المتحدة.
![]() |
وزير الأمن الداخلي جه جونسون متحدثاً في جامعة ميشيغن-ديربورن.(صدى الوطن) |
نوع جديد من الإرهاب
وأضاف جونسون «اننا نجد أنفسنا فـي مرحلة جديدة من التهديد الإرهابي العالمي، الأمر الذي يتطلب نوعاً جديداً من الرد». وأوضح أن وزارة الأمن الداخلي تجد نفسها اليوم مضطرة للتعامل مع نوع جديد من الخطر الذي يشكله «المتطرفون المحليون»، الذين «يصعب تحديدهم»، وذلك بدلاً عن النسق السابق فـي مكافحة الإرهاب والذي كان يركز على مواجهة الهجمات المحتملة التي قد ينفذها إرهابيون يتم تدريبهم وتجهيزهم وإرسالهم من الخارج».
وأردف جونسون أن الإدارة الأميركية تعمل على «تعزيز الأمن الوطني من خلال حشد الجهود العسكرية فـي دول مثل سوريا والعراق وتنشيط الوكالات الامنية المحلية والفدرالية، وتشديد أمن المطارات المحلية والدولية» إضافة الى التعاون مع المجتمعات المحلية.
وأضاف جونسون أن وزارة الداخلية تعمل على إنشاء نظام تدقيق أمني فـي المطارات الخارجية، مشيراً الى أنه بهذه الطريقة «سيتمكن موظفو الهجرة والجمارك من معرفة الكثير عن المسافرين قبل صعودهم على متن الطائرة المتجهة للولايات المتحدة». وتابع أن هذه التدابير مطبقة حالياً فـي ١٥ من المطارات الأميركية فـيما تعمل الوزارة على توسيع هذا البرنامج الى خارج البلاد. «كما يجري العمل على إصلاح برنامج الإعفاء من التأشيرة» رغم تعثره فـي مجلس الشيوخ الأميركي الشهر الماضي.
تعاون مع الشرطة
وبسبب طبيعة الهجمات الإرهابية المتغيرة باستمرار، أفاد جونسون أن وزارة الأمن الداخلي «تعمل بشكل وثيق مع وكالات تطبيق القانون المحلية والتابعة للولاية. ويشمل هذا التعاون مشاركة المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالتهديدات المحتملة مع دوائر الشرطة عن طريق «نشرة الاستخبارات المشتركة».
«والواقع هو انه بالنظر إلى طبيعة التهديدات الحالية التي نواجهها، فالشرطي فـي الشارع هو أول من يكشف الهجوم الارهابي قبل وقوعه»، كما أفصح جونسون.
وكان أعلن لأول مرة عن هذا البرنامج الاستخباراتي المشترك فـي الشهر الماضي لإطلاع الجمهور على التهديدات الصغرى ونصحهم بشأن الإجراءات التي يجب اتخاذها إذا لاحظوا أي نشاط مشبوه.
العمل مع الجاليات المسلمة لمحاربة التطرف
وأبلغ جونسون الحضور ان الوزارة تسعى إلى زيادة التعاون مع المواطنين عبر حملة «إذا رأيت شيئاً فقل شيئاً»، مشيراً الى ان الوزارة تركز على الجاليات الإسلامية.
وتابع «ان «داعش» تستهدف المجتمعات الإسلامية فـي جميع أنحاء البلاد. ويجب أن تكون (الحملة) أكثر من مجرد شعار، ونريد إثارة الوعي العام واليقظة عندما يتعلق الأمر بتهديد محتمل لمجتمعاتنا».
وتعمل وزارة الأمن الداخلي، وفقاً لجونسون، على الحد من التطرف المحلي قائلاً ان الادارة تفعل ذلك عن طريق سحق سحر بريق «داعش» وقدرته على التجنيد عبر إرسال رسالة إيجابية عن الإسلام وإيجاد السبل لتوجيه طاقة الشباب. وأضاف «وعلى الذين يرغبون فـي الانضمام إلى هذه الجماعات الإرهابية عليهم أن يعرفوا أنهم سيتعرضون لكل أنواع المخاطر وإمكانية الموت والعبودية». واستطرد جونسون أن الوزارة تعمل أيضاً مع الكليات والجامعات لتحديد المهاجمين المحتملين وردعهم.
وطالب جونسون عموم الأميركيين «بعدم الحط من قدر المواطنين المسلمين الأميركيين لأن معظمهم ملتزمون بالإيمان والسلام. ويجب علينا ألا نذم المسلمين الأميركيين ونحن بحاجة إلى رفض أي سياسي يستهدف الناس بسبب العرق أو الدين. كما يجب علينا أن لا نرمي ظلال الشك على المسلمين الأميركيين، والدين الاسلامي ككل. يجب علينا أن لا نجبر المسلمين الأميركيين على الهروب والاختباء والتراجع الى الظل لأن هذا يتعارض مع الجهود الأمنية الوطنية وهو تصرف غير أميركي. الآن أكثر من أي وقت مضى، حان الوقت للعمل معاً للحماية والدفاع عن مجتمعاتنا وأسرنا ووطننا».
وحث جونسون أفراد الجالية المحبَطين على عدم الشعور بالمرارة وأن يتذكروا أن «من تقاليد هذه الأمة العظيمة دفع الذين وجدوا على هامش المجتمع الى الامام حتى يتمكنوا فـي نهاية المطاف من العودة ليكونوا جزءاً من النسيج العام».
المهاجرون والأمن القومي
وأكد جونسون أن الجانب الآخر من المهمة الأمنية الوطنية هو قبول المهاجرين فـي البلاد وأن الوزارة ملتزمة بإعادة توطين ١٠ آلاف لاجئ سوري على الأقل هذا العام. واستدرك «اننا ندرك من نحن كدولة، وأننا نوطن الناس الذين هم فـي أشد الحاجة إلى ذلك.. هؤلاء الذين تعرضوا للعنف والإرهاب الذي نحن قلقون منه». وقال انه فـي العام الماضي أعادت شرطة الجمارك وحماية الحدود عدداً أقل من المهاجرين غير الشرعيين الى بلادهم على الحدود الجنوبية منذ عام ١٩٧٢.
وخلال مؤتمر صحفـي، أعرب جونسون عن اعتقاده بأن حاكم الولاية ريك سنايدر يسير فـي الاتجاه الصحيح فـي التعامل مع اللاجئين فـي ميشيغن. وأضاف «أن سنايدر يقود جهداً فـي فهم أفضل لعملية فحص اللاجئين»، التي وصفها بأنها «دقيقة وتستغرق وقتاً طويلاً».
ومضى يقول «اننا دائماً نقوم باعادة تقويم (عملية الفحص والتدقيق الأمني) والتركيز على نوع معين من الأفراد الذين يفترض أنهم يحتاجون إلى المزيد من التدقيق».
انتقادات وإشادات!
من ناحية أخرى، انتقدت رنا المير، نائبة المدير التنفـيذي لاتحاد الحريات المدنية فـي ميشيغن (أي سي أل يو)، «جامعة ميشيغن» بسبب استضافتها لجونسون، مشيرةً فـي صفحتها على «الفـيسبوك» الى أن «السماح لوزارة الأمن الداخلي بالتحدث فـي الحرم الجامعي، حول برنامج غير فعال وتمييزي مثل CVE، أمر يحرض على الكراهية والخوف من الإسلام، ولا يجب أن يكون لدى الجامعة أي دور فـي ذلك».
وينظر بعض الناشطين فـي مجال الحقوق المدنية بعين الريبة إلى الجهود التي تبذلها وزارة الأمن الوطني لزيادة التعاون الأمني مع المسلمين فـي برنامج اطلق عليه اسم «مكافحة التطرف العنيف» (CVE). ويقول منتقدو المبادرة هذه بأنها محاولة حكومية لتجنيد المخبرين بين المسلمين.
وكان جونسون قد دافع فـي كلمته عن البرنامج المذكور، قائلاً إنه يهدف إلى إشراك الجاليات المسلمة فـي «الحرب على الارهاب».
ولكن النائب الاميركي جون كونيورز (ديمقراطي- ديترويت)، أشاد بجونسون، قائلاً انه «أعطانا أملاً جديداً والتزاماً جديداً فـي هذه المعركة الكبرى ضد الإرهاب».
وقالت النائبة الأميركية ديبي دنغل (ديمقراطية-ديربورن) للصحفـيين انها كانت قلقة خلال الأشهر القليلة الماضية من ان يقسم الخوف السكان فـي المدينة داعيةً الى الوحدة وتذكير الناس بعدم استهداف أي شخص بسبب الجنسية أو الدين. وأضافت «نحن مجتمع واحد. نفوز ونحن موحدين ونفشل ونحن منقسمين».
Leave a Reply