عماد مرمل – «صدى الوطن»
عندما صدرت مراسيم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، فوجئ جمال الجراح بقرار الرئيس سعد الحريري تعيينه وزيراً للإعلام. امتعض الجراح من القرار الذي وجد فيه تخفيضاً لـ«رتبته» من وزير بحقيبة أساسية –هي «الاتصالات» التي كان يتولاها في الحكومة السابقة– إلى وزير بحقيبة عادية يتهرب الجميع منها عند توزيع الحصص، وهي «الإعلام»، في حين أن زميلته في «تيار المستقبل» ريّا الحسن مُنحت وزارة الداخلية المصنفة بأنها «سيادية».
لم «يهضم» الجراح الأمر في البداية، واعتكف لبعض الوقت في رسالة احتجاجية إلى الحريري، لكنه ما لبث أن تقبل الواقع ولو على مضض، وانتقل إلى مكتبه الجديد في الوزارة في شارع الحمراء، خصوصاً أن الحريري لم يكن في وارد التراجع عن خياره، مع الإشارة إلى أن إحدى وظائف اختياره للجراح هي تحقيق التوازن السياسي والمناطقي مع الوزير الحليف لسوريا و«حزب الله» حسن مراد (الوزيران من البقاع الغربي).
إلغاء الإعلام
ما هي الاتجاهات التي سيسلكها الوزير الجديد في «مهمته الاضطرارية»؟
يؤكد الجراح لـ«صدى الوطن» أنه في صدد العمل على إلغاء وزارة الإعلام تحت مسلمتين، الاولى حماية الموظفين الحاليين وعدم المساس بهم وبحقوقهم، والثانية الذهاب إلى تشكيل المجلس الاعلى للاعلام او الابقاء على المجلس الوطني للإعلام الحالي بعد تفعيله أو أي شكل آخر يمكن عبره تطوير القطاع وإعادته إلى ما كان عليه في العصر الذهبي للاعلام اللبناني، مشيراً إلى أن بيروت كانت عاصمة القلم العربي، ونحن تربينا ونشأنا على الصحف اللبنانية التي كانت نافذتنا على العالم، كما أن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر كان يطالع الصحف اللبنانية بشكل يومي، لمعرفة الحقائق، انطلاقاً من موضوعيتها ومهنيتها.
ويشدد الجراح على ضرورة رسم خط واضح بين الموضوعية والحقيقة وبين الشائعة المغرضة والاستهداف السياسي، منبها إلى أنه إذا لم نحترم هذا الفصل، فإن الإعلام لن يكون قادراً على تأدية رسالته.
صوّبوا عليّ
ويشير إلى أن من واجب الإعلام أن يضيء على الجوانب الإيجابية والجميلة في لبنان، وعدم الاكتفاء بعرض واقع المكبات والنفايات والتلوث وزحمة السير وغيرها من الجوانب السلبية والمظلمة، لاسيما أننا على مشارف موسم سياحي واعد، ومسؤولية الإعلام الوطنية تستدعي منه تحقيق التوازن، على الأقل، في ما يعرضه، فلا يكتفي بنشر الأمور السيئة على حساب الأمور الجيدة التي يتم طمسها.
ويضيف: أنا شخصياً تعرضت خلال وجودي في وزارة الاتصالات إلى استهداف إعلامي مباشر، وكانت بعض وسائل الإعلام تصر على التصويب في اتجاهي، متجاهلة التوضيحات والأدلة التي كنت اقدمها لنفي صحة الاتهامات الموجهة إليّ.
وبالنسبة إلى التعيينات المؤجلة في «تلفزيون لبنان» و«الوكالة الوطنية للإعلام»، يعتبر الجراح أنه يجب أن تكون هناك سلة متكاملة في هذا الخصوص، وفي الوقت المناسب.
مصير الليطاني
ويؤكد العمل الجدي لإنهاء تلوث نهر الليطاني، موضحاً أن الأمور قيد الإنجاز وتحتاج إلى بعض الوقت، خصوصاً أن التمويل موجود، الا أن المصافي التي يتم تفعيلها اليوم، وبرغم أهميتها، لا تحل الأزمة إذا لم يتم توقيف التلوث الناتج عن المصانع والذي يشكل 15 بالمئة من نسبة تلويث النهر، محذراً من أن المواد الكيمياوية التي تفرزها المصانع هي الأخطر على النهر وتؤدي إلى نسبة تلويث 80 بالمئة، واذا لم تكن هناك معالجة جدية للتلوث فنحن سنكون أمام نهر غير قابل للحياة.
تنفيس التوتر
ويلفت الجراح إلى أن التوتر السياسي في البلد تم تنفيسه في المجلس النيابي عبر مداخلات النواب خلال جلسات الثقة، ونحن ذاهبون إلى مرحلة إنتاج لأن هناك مواضيع تتوجب معالجتها بسرعة كالماء والكهرباء وزحمة السير وتلوث الليطاني، بالإضافة إلى تخفيض العجز في الموازنة وهذا لا يكون إلا عبر تخفيض عجز الكهرباء.
ويشير الجراح إلى أن هناك مسعى من قبل معظم القوى السياسية لإمرار الفترة المقبلة بسلام وأمان لأنه ليست لدينا القدرة على تحمل أعباء الصراع في المنطقة والذي يمكن أن ندفع ثمنه باهظاً، ملاحظاً أن الخطاب السياسي المعتمد حالياً من قبل معظم الجهات السياسية هو «واقعي وتصالحي»، ولا توجد خطابات عالية النبرة، واليوم نحن أمام فرصة مهمة وأخيرة لمعالجة الملفات الاقتصادية والحياتية الصعبة.
قضية النزوح
وفي ملف النازحين السوريين، يؤكد ضرورة عودة النازحين إلى بلدهم أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، مشدداً على ضرورة أن تكون العودة الآمنة والطوعية إلى المناطق الآمنة تحت إشراف الأمم المتحدة، ولافتاً إلى أن الهيئات الدولية التي تساعدهم في لبنان تستطيع مساعدتهم في سوريا، والحل الجدي الوحيد اليوم لأزمة النازحين يتمثل في المبادرة الروسية ونحن ننتظر تطبيقها لأن مجتمعنا لم يعد يتحمل المزيد من الأعباء المترتبة على وجود هذا العدد الكبير من النازحين، وكذلك البنى التحتية للبنان.
المساعدة الإيرانية
وتعليقاً على عرض المساعدة الإيرانية في مجالي معالجة أزمة الكهرباء وتسليح الجيش، يقول الجراح: إن العرض الإيراني غير واقعي، إذ أن منظومة تسلح الجيش اللبناني هي في معظمها غربية وليس من السهل تعديلها ثم إذا كانت إيران تملك سلاح دفاع جوي نوعي فلماذا لا تستخدمه في سوريا للدفاع عن مواقعها في مواجهة الغارات الإسرائيلية قبل أن تمنحه إلينا، أما في ما يخص الكهرباء فلا أعرف كيف سيتم استجرار الطاقة من إيران إلى العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، علماً أن مشكلتنا الأساسية تكمن في عدم وجود شبكة نقل وتوزيع سليمة ومتكاملة تستطيع تلقف هذه الطاقة.
Leave a Reply