عماد مرمل – «صدى الوطن»
تزدحم الملفات الحساسة فـي مكتب وزير المالية اللبناني علي حسن خليل الذي يشغل أيضاً موقع المعاون السياسي للرئيس نبيه بري. ما بين التحديات المتعلقة بالوضع المالي، والأدوار السياسية المركبة، يتنقل خليل ساعياً الى تدوير الزوايا، سواء فـي المسائل النقدية أو فـي المسائل الداخلية الخلافـية.
ويقول خليل لـ«صدى الوطن» إن لبنان يمر فـي تجربة غير مسبوقة على مستوى النظم الدستورية فـي العالم، فـي ظل غياب رئيس الجمهورية وتعدد الاجتهادات والتفسيرات حول كيفـية عمل الحكومة، لافتاً الانتباه الى أن الدولة تعاني من أعلى درجات الفوضى الدستورية والتي ترتّب بدورها فوضى فـي ادارة الملف السياسي.
قانون الانتخاب: فرصة للحوار
ويشير الى أن الرئيس بري أراد من خلال تأجيل الدعوة الى عقد جلسة تشريع الضرورة أن يعطي فرصة لمكونات أساسية كي تعيد النظر فـي حساباتها ومواقفها، مشيراً الى أن اسئتناف النقاش فـي اللجان النيابية المشتركة حول قانون الانتخاب سيضع جميع القوى السياسية امام اختبار لنياتها، ولمدى جديتها فـي إنتاج مشروع عادل.
ويؤكد خليل أن بري يحتفظ بحقه فـي الدعوة الى الجلسة التشريعية التي لا نقاش فـي شرعيتها وصوابيتها، مشيراً الى أن حرص رئيس المجلس على روح الميثاقية وعدم توليد شعور لدى
أحد بالانكسار، هو الذي دفعه الى إعطاء الفرصة الجديدة،
حتى لو كانت اللحظة القائمة تسمح له دستورياً وسياسياً بعقد الجلسة.
وبالنسبة الى إمكانية نجاح اللجان المشتركة فـي مهمتها، يقول خليل: «بصراحة، نحن لسنا متوهمين بأننا قادرون على إنجاز قانون الانتخاب سريعاً، والمهمة تبدو فـي غاية الصعوبة وسط تضارب الحسابات والمصالح لدى الاطراف السياسية، ولكن لا بد من المحاولة، ونحن سنكون ايجابيين ومنفتحين.
ويشير الى أن المشروع المشترك الذي قدمه «الاشتراكي» و«المستقبل» و«القوات اللبنانية»، (60 نسبي – 68 أكثري) انطلق من معايير لا تنطبق على عقل، ملاحظاً أن كلا من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط قدم على طاولة الحوار الوطني مقاربة مغايرة عن الآخر لتقسيم الدوائر وكيفـية توزيع المقاعد، برغم أن هناك مشروعاً واحداً يفترض ان يجمعهما.
ويعتبر خليل أن المشروع الذي قدمه بري (60 أكثري – 60 نسبي) ينطوي على حد أدنى من العدالة والمعايير الواحدة، لكنه أبدى خشيته من أن يتم الدفع فـي اتجاه الابقاء على قانون الستين كأمر واقع، مؤكداً أن هذا القانون يشكل بالنسبة لنا مصيبة وهو بمثابة إعدام للحياة السياسية فـي لبنان، ونحن قبلنا به فـي السابق على مضض لانقاذ اتفاق الدوحة.
ويروي خليل كيف ان الملك السعودي والرئيس السوري والرئيس الإيراني وامير قطر ظلوا فوق رؤوس المتحاورين اللبنانيين لحثهم على التفاهم حول قانون الانتخاب، خلال مؤتمر الدوحة، الى حد أن أمير قطر السابق ووزير خارجيته آنذاك دخلا فـي دهاليز التفاوض حول تفاصيل دائرة الصيفـي والرميل فـي بيروت.
وفـي حين يعتبر خليل ان اعتماد النسبية على أوسع نطاق ممكن هو شرط الزامي لقانون عصري، يلفت الانتباه الى أن الذريعة القائلة بأن وجود السلاح بحوزة حزب الله يحول دون تطبيق نزيه للنظام النسبي إنما هي كذبة.
الاستحقاق الرئاسي: لا للنصف زائداً واحداً
وحول سبب استمرار المراوحة فـي الاستحقاق الرئاسي، يلفت خليل الانتباه الى أن المطلوب من الجميع المشاركة فـي جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، كما نفعل نحن فـي «كتلة التنمية والتحرير»، وما دام «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» توصلا الى اتفاق بينهما، فلينزلا الى المجلس معا، وأنا أدعو «القوات اللبنانية» الى ان تقنع حليفها الجديد بحضور جلسة الانتخاب، والكف عن المقاطعة، بدل تحميل «حزب الله» المسؤولية.
وعن طبيعة العلاقة بين الرئيس بري والعماد عون، فـي ظل ما يحكى عن تأرجحها المستمر، يقول خليل: «نحن لسنا فـي أزمة مفتوحة مع العماد عون، وللعلم فإن الرئيس بري على المستوى الشخصي يحب الجنرال ويرتاح له، وفـي السياسة لا توجد فـيتوات، وإنما هناك نقاط اختلاف معه حول الادارة الداخلية، كما توجد نقاط تلاق واسعة حول خيارات استراتيجية».
وعما إذا كانت «حركة أمل» أقرب الى النائب سليمان فرنجية من العماد عون، يقول خليل: «نحن أقرب الى النائب فرنجية على مستوى العلاقة السياسية، لكن هذا لا ينفـي ان للتصويت الرئاسي آليات واعتبارات أخرى».
وحين يُسأل عن رأيه فـي مطالبة البعض باعتماد نصاب «النصف+واحد» لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يجيب: النصاب هو الثلثين، وهذا أمر خارج النقاش، ويستحضرني فـي هذا المجال الموقف الحاسم والحازم الذي اتخذه البطريرك الماروني السابق نصرالله بطرس صفـير برفض طرح «النصف+واحد»، عندما عُرض عليه فـي الماضي. ويتابع: «ننصح بعدم اللعب بهذه المسألة لأنها كفـيلة بتخريب لبنان، ونلفت انتباه المتحمسين لهذا الطرح الى أنه فـي السياسة يوم إلك ويوم عليك..
الوضع النقدي: نتكيّف مع الواقع
ويشدد خليل على أن الوضع النقدي ثابت وسليم ولا مخاطر تهدده، أما الوضع المالي فـيتاثر بمدى انتظام العمل السياسي، والأزمة السورية، وغياب الموازنة، لكننا لسنا أمام انهيار دراماتيكي، ونحن استطعنا التكيف مع الوقائع والمعطيات المستجدة، من دون أن يعني ذلك، البقاء على هذا المنوال الى ما لا نهاية. ويؤكد أنه فـي ملفات الفساد لا غطاء ولا حماية لأحد، ونحن قلقون من امكانية عرقلة الجهود والتحقيقات الهادفة الى بلوغ الحقيقة فـي الملفات المفتوحة، ما يتطلب مواصلة كل أنواع الضغط لمنع لفلفتها، وهذا يحتاج الى قضاء لديه مساحة واسعة من الاستقلالية لاتخاذ القرار.
ويوضح انه بدأ فـي تحضير موازنة 2017، وقد أرسلت كتابا الى رئاسة الحكومة لادراج مشروعها على جدول اعمال مجلس الوزراء، مشيراً الى أن الامتناع عن إقرار الموازنة منذ عام 2005 هو سر يشبه سر الامتناع عن انتخاب رئيس الجمهورية.
Leave a Reply