عماد مرمل – «صدى الوطن»
انعقد مؤتمر «بروكسل–3» المتعلق بالنازحين السوريين على وقع تجاذب لبناني داخلي بشأنه، انعكس إقصاءً لوزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب عن الوفد الذي ترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، رغم أنه الوزير المختص أكثر من غيره بهذا الملف، إضافة إلى تغييب وزير الصحة الذي يمثل «حزب الله» جميل جبق، على الرغم من أن حقيبته معنية أيضاً بتداعيات النزوح.
وبدا واضحاً أن الغريب تعرض لعقاب سياسي سواء من الاتحاد الأوروبي الذي تجاهله اعتراضاً على سياساته وخياراته أو من الحريري الذي ابدى صراحة انزعاجه من مواقف وزير النازحين معطوفة على زيارته الأخيرة إلى دمشق، وبالتالي قرر رئيس الحكومة «تأديبه» من خلال استبعاده. أما جبق، فإن الدافع الكامن خلف عدم دعوته إلى مؤتمر بروكسل لا يحتاج إلى الكثير من التدقيق، فهو يمثل «حزب الله» المغضوب عليه إقليمياً ودولياً والمدرج على عدد متنامٍ من لوائح الإرهاب.
أولوية غريب
ويؤكد وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لـ«صدى الوطن» أن مهمته الأساسية هي تأمين الشروط المطلوبة لعودة النازحين إلى سوريا في أقصر وقت ممكن على قاعدة العودة الآمنة والكريمة كما ورد في البيان الوزاري للحكومة، مؤكداً على أن هذه العودة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر التنسيق مع القيادة السورية، معتبراً أن التواصل مع دمشق هو الممر الإلزامي لرجوع النازحين، ومن يستطع أن يجد بديلاً واقعياً فليفعل.
ويشير إلى أنه لمس من خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق كل إيجابية وتجاوب من الدولة السورية، لتسهيل معالجة ملف النازحين، موضحاً أنه سيتم الدفع في اتجاه تكثيف وتيرة العائدين عبر مجموعة من الإجراءات المتعلقة أساساً بالجانبين اللبناني والسوري، وأخرى مطلوب من الأمم المتحدة أن تنفذها.
وتعليقاً على استبعاده عن مؤتمر بروكسل، يشدد الغريب على أنه ليس معنياً بأن يستحصل على أموال لوزارته، أو أن يسمسر على ظهر هذا الملف كما يفعل الساعون إلى توطين النازحين، والوزارة كذلك ليست جمعية أهلية كي تغوص في المشكلات اليومية للنازحين على حساب المبدأ الأساسي وهو تحقيق العودة.
سبب الاستبعاد
يشير إلى أنه استفسر مباشرة من الرئيس الحريري عن أسباب استبعاده، فأوضح له الحريري بأن ليس هو من يحدد الدعوات، بل أنها تأتي من الاتحاد الأوروبي، ملاحظاً (أي الغريب) أن ما جرى ينطوي على تجاوز لكل الأصول والأعراف، إذ يرى الغريب أن من حق رئيس الحكومة وصلاحيته أن يضم إلى الوفد اللبناني من يشاء، وهذا ما تبلغه من جهات معنية في الاتحاد الأوروبي بعد استيضاحها حول هذه المسألة تحديداً.
ويشعر الغريب بأن الحريري اتخذ من الموقف الأوروبي «ذريعة» كي يتملص من اصطحابه معه إلى مؤتمر بروكسل، داعياً إلى الكف عن المتاجرة بملف النازحين وعن اعتماد سياسة الشحاذة على الأرصفة الدولية، مؤكداً على ضرورة أن تعلو المصلحة الوطنية العليا فوق كل الحسابات الضيقة وأن يجري سحب ملف النازحين من مستنقع التجاذبات السياسية.
الرد الأمثل
ويؤكد الغريب أن الرد الأفضل على محاولات تهميش دوره، سواء كانت أوروبية أم محلية، يتمثل في الدفع نحو زيادة وتيرة عودة النازحين وتطوير التعاون مع الدولة السورية في هذا الاتجاه، لافتاً إلى أن هناك شيئاً ما يجري التحضير له بينه وبين دمشق في سياق خطة شاملة، قيد الإعداد، لمعالجة ملف النزوح، «مع الأخذ في عين الاعتبار أن الكرة في ملعبنا بالدرجة الأولى وان علينا أن نتحمل مسؤولياتنا».
ويوضح أنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة على ورقة عملية، سيرفعها إلى مجلس الوزراء بعد الانتهاء من تحضيرها، ويُفترض أن تُترجم عقب اعتمادها إلى قرارات تنفيذية، بعيداً عن التنظير.
أهداف بروكسل
في المقابل، يلفت قريبون من الحريري إلى أن لبنان يأمل في الحصول من الدول والجهات المانحة المشاركة في مؤتمر بروكسل على مساعدات تتراوح بين 1.2 و1.5 مليار دولار للتخفيف من أعباء استضافة النازحين، «علما أن ما طلبه لبنان أساساً هو 2.5 مليار دولار»، وفقاً لغريب.
ويشير هؤلاء إلى أن المجتمع الدولي معني بأن يتحمل مسؤولياته الأخلاقية والأممية من خلال المساهمة في مساعدة لبنان ودعمه لتحمل أعباء النازحين المرهقة، ما داموا موجودين جزئياً أو كلياً على أرضه، لافتين إلى أن مؤتمر بروكسل تحديداً ليس معنياً بالبحث في مسألة العودة، من دون أن يمنع ذلك احتمال التطرق إليها في مداخلات بعض المشاركين.
ويعتبر المحيطون بالحريري أن المشاركة في مؤتمر بروكسل ضرورية من أجل إعانة لبنان اقتصادياً تحت أعباء الأعداد الكبيرة من النازحين، ومن كانت لديه وسائل تمويل أخرى لتغطية أعباء النزوح، فليفصح عنها.
Leave a Reply