صالح مهدي الأمين
لم تكن الجريمة البشعة التي راح ضحيتها ثلاثة اشخاص من الطلاب المسلمين فـي شابل هيل بولاية نورث كارولينا أمراً مفاجئاً. بل كان كما يبدو أول الغيث والآتي على المسلمين عموماًَ والعرب خصوصاً أعظم.
طبعاً لا يمكن تحليل ما حدث خلال عقد من الزمن فـي بضع كلمات. ولم يعد كافـياً التحذير ودق ناقوس الخطر، فالخطر قد وقع ونحن الآن فـي خضم احداث متسارعة لا أحد يعلم عاقبتها.
يتعامل الكثير مع المسلمين العرب الأميركيين بنوع من الإنتقائية إزاء ما حدث ويحدث فـي العالم الإسلامي اليوم. فتارة تراهم معنيين بما حصل يهتفون ويرفعون الشعارات، وقد ينددوا بجريمة اسرائيلية هنا واعتداء على الرسول هناك، وتارة أخرى تراهم كأنهم يعيشون فـي كوكب آخر ، يدفنون رؤوسهم فـي الرمال وتلهيهم المصالح الضيقة والمناصب وإلتقاط الصور والقشور.
القلة القليلة تستشعر بالخطر. القلة القليلة تفكر بأن الأميركي الأبيض يتأثر هو الآخر بما يحصل فـي عالمنا العربي والإسلامي، تخيفه الصورة القادمة من هناك. هو لا يفرق بين عربي وفارسي وتركي، بين لبناني وعراقي وسوري. هو لا يفرق بين سني وشيعي. ضع نفسك مكان جارك الاميركي، او اي اميركي يشاهد سموم فوكس نيوز وغيرها، ماذا تراه يفكر حين يرى الذبح بإسم الإسلام؟ هل يعرف هؤلاء أي شيء عن الإسلام حتى يدركوا سماحة هذا الدين ورسالته التي تدعو الى كلمة سواء وعدل.
إن أول انطباع ينطبع فـي اذهان الكثيرين هو أن هذا الذي يدعي الاسلام ويذبح على الهواء مباشرة هو من نفس الطينة التي انجبتنا نحن كجيران مسلمين اميركيين. من اين له
أن يعرف غير ذلك؟ فلننتفض ونفكر معاً. هل هنالك فضائية عربية إسلامية أو وسيلة إعلامية تصل الى هؤلاء ليسمعوا رأياً مقابلاً؟
اين رجال الدين وحماته؟ الذين يدعي بعضهم أن تضحياتهم قاربت تضحيات الرسول(ص)، والبعض الآخر يظن أنه أسري به الى المسجد الأقصى والباقون إما نائمون وإما يسكنون فـي بروج عاجية ظانين أن اساليب الزعامة والرياسة التي لم تعد تنفع فـي الشرق قد تنفعهم هنا.
أسألكم جميعاً ماذا قدمتم للدفاع عن صورة الإسلام؟ أين أصواتكم حين تدعو الحاجة؟ أين بياناتكم وإعلاناتكم فـي الصحف، أم انها فقط للسجالات بينكم؟ ماذا نفعتنا صوركم مع الرؤوساء والمسؤوليين؟ أين نتائج حفلات التكريم وإفطارات التقريب بين الاديان؟ أم أن ذلك كله خدع هوليودية؟ أين خطاباتكم؟ أم أنكم تصدحون فقط فـي مزادات بيع
الثواب وجمع الأموال؟ أنا اتحدى كل واحد منكم فرداً فرداً وإن شئتم سميتكم بأسمائكم أن يخبر هذه الجالية عما فعله لدرءالخطر.
إن ما يحدث اليوم هو اول طلائع الخطر القادم. وإن التجييش والتعبئة الإعلامية والدعاية ضد الإسلام والمسلمين من شأنه أن يفتح الباب على مزيد من جرائم الكراهية كتلك التي حدثت فـي شابل هيل. وما حدث فـي ديربورن من اعتداء على رجل مسلم مع إبنه وإبنته المحجبة هو نموذج قابل للتوسع.
كلامنا هذا لم يعد تكهنات بل صار أمراً واقعاً يجب أن يوقظنا جميعاً من سباتنا.
أميركا ليست اوروبا ولا أستراليا، فـي أميركا ٣٧٠ مليون قطعة سلاح، ودرجة الإحتقان مما تفعله داعش وأخواتها قد يدفع الكثيرين لإرتكاب أعمال إنتقامية ضد المسلمين. فالحذر الحذر فالموس قد وصل إلى لحانا.
ديربورن بما تمثله من ثقل ديموغرافـي عربي وإسلامي يجب أن تصبح نموذجا للإسلام الحقيقي فـي الولايات المتحدة بل يجب أن تصبح هذه المنطقة مصدرا للحدث المناهض والمضاد لأفعال داعش فـي الغرب . هذا ليس حلما بل هو أمر قابل للتحقيق بكل يسر اذا ما إستشعرنا الخطر وأردنا الحفاظ على ما بنيناه.
والمسؤولية تقع على عاتق من تنطح للقيادة فلا وقت للتراخي اليوم. هذا الزمن يحتاج الى وقفة رجال وتضحيات ابطال.
Leave a Reply