واشنطن – برعاية قطرية، قدم وفد «الجامعة العربية» الأسبوع الماضي تنازلاً جديداً عن حقوق الفلسطينيين، فقد أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن إعلان الوفد الوزاري العربي الذي اجتمع بهم يوم الاثنين الماضي موافقته على تعديل مبادرة السلام العربية الخاصة بحل الدولتين على أساس خط الرابع من حزيران (يونيو) عام ١٩٦٧ مع تبادل متفق عليه للأراضي هو «تغيير مهم» في الموقف العربي.
وقد اجتمع وفد الجامعة مع كبار المسؤولين الأميركيين، وفي مقدمتهم نائب الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري. وفي ختام المداولات، أعلن رئيس الوفد استعداد الجامعة لقبول «تغييرات طفيفة» في حدود العام 1967، الأمر الذي يسمح من وجهة نظر الإدارة الأميركية بتجسيد حل دولتين لشعبين. وضم وفد الجامعة عدداً من وزراء الخارجية والسفراء العرب المعتمدين في واشنطن، وكانت مهمة الوفد إقناع الإدارة بتحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين على أساس المبادرة العربية.
رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم مصافحاً وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقاء وفد الجامعة العربية مع مسؤولين أميركيين في قصر الضيافة، «بلير هاوس»، بواشنطن. (رويترز) |
وأشار وزير الخارجية الأميركي بعد لقائه الوفد العربي إلى أن «اللقاء كان بالغ الإيجابية، بالغ الفائدة، ومع نتائج إيجابية». وأوضح أن المسؤولين العرب «أعادوا تأكيد مبادرة السلام العربية، بهدف التوصل إلى إنهاء الصراع». وشدد كيري أمام الوفد العربي على أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ملتزم برؤية الدولتين التي رسمها في العام 2011 في خطابه أمام الخارجية الأميركية، ووعد بمواصلة التشاور بشكل منتظم مع ممثلي الجامعة حتى تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
من جهته، قال رئيس الوزراء القطري، الذي تحدث باسم الوفد مع الصحافيين في بيت الضيافة الرسمي «بلير هاوس»، إن «تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو خيار استراتيجي للدول العربية». وأضاف «اننا نعيد التأكيد على مبادرة السلام العربية، من أجل تحقيق العدل والسلام المشترك للفلسطينيين والإسرائيليين، والاستقرار في الشرق الأوسط». وبعدها جاء الكلام الواضح حول «التغييرات الطفيفة» من خلال قوله إن «الاتفاق يجب أن يرتكز على حل الدولتين، على أساس خطوط الرابع من حزيران العام 1967، مع إمكان تبادل أراض بحد أدنى متشابه ومتبادل». وهذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها الخطاب الرسمي العربي حول مبادرة السلام العربية عن صيغة التطبيع مقابل عودة إسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران.
وقال كيري لاحقاً إن الوضع قد اختلف الآن منذ طرح مبادرة السلام العربية في قمة بيروت عام 2002 مشيرا إلى أنها عندما طرحت لأول مرة لم تحظ بالتركيز الكامل والانتباه الكامل. وقال «الآن هناك تغييرات قد حدثت على الأرض وهناك خلافات بين عدد من الدول ونزاع في إسرائيل وخيبة أمل في عملية أوسلو» وأضاف «عندما كنت في إسرائيل سألت عما سيفعله العرب وماهية توجه العرب إزاء السلام في هذا الوقت؟
واعتبر كيري «عملية إعادة إطلاق مبادرة السلام» العربية في هذا الوقت أمر «مهم جداً»، معدداً الأسباب التي تجعله كذلك، وقال إذا توصل الإسرائيليون والفلسطينيون إلى اتفاق سلام نهائي فإن الدول العربية والإسلامية في منظمة التعاون الإسلامي التي تضم 56 دولة ستوافق على
1- إنهاء الصراع مع إسرائيل
2- إقامة تطبيع في العلاقات مع إسرائيل
3- الدخول في اتفاق سلام مع إسرائيل
4- توفير الأمن لكل دول المنطقة ووضع ترتيبات أمنية.
وقال إن ما فعله وزراء خارجية قطر والأردن ومصر والسلطة الفلسطينية والبحرين والأمين العام للجامعة العربية وسفيرا السعودية ولبنان، أعلنوا مجتمعين أنهم مستعدون للسلام في عام 2013 وأن التغيير الذي أدخلوه على المبادرة هو تبادل الأراضي.
وفيما شجبت الفصائل الفلسطينية التنازل الجديد، كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد طالب سابقاً إسرائيل بخريطة واضحة للحل والحدود، قبل ان يذهب إلى المفاوضات. لم يحصل عباس على شيء. ومنذ نحو عشرين عاماً أي منذ إتفاق «أوسلو» وقبله مدريد، لم تقدم إسرائيل أي تنازل، بل تستمر وأكثر من أي وقت مضى بقضم الأراضي الفلسطينية.
وإذا كان الكلام العربي في واشنطن قد لاقى ترحيباً اسرائيلياً فورياً، فإن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لم ينتظر مرور يوم واحد، حتى بادل الخطوة بقصف غزة ليقتل ناشطاً فلسطينياً. والأخطر من هذا، هو ما سربته قبل فترة الصحف الإسرائيلية عن خطة وزير الخارجية الأميركية جون كيري في خلال زيارة باراك أوباما الى إسرائيل تحدثت هذه الصحف وبينها مثلاً صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن بداية تطبيع جدية مع العرب، وعن تحليق قريب لطيران شركة «العال» الإسرائيلية فوق دول عربية.
قالت هذه الصحف الاسرائيلية إن كيري يريد إنشاء «مجموعة دعم» تضم السعودية وتركيا ودول الخليج، ودولاً أخرى من شمال أفريقيا. ولمزيد من الإستهزاء بالمواقف العربية باتت اسرائيل وأميركا تطرحان خططاً إقتصادية على الفلسطينيين على أن «يطمس» المال القضايا المركزية.
وقام كيري لاحقاً بمشاورات مع وزيرة العدل الإسرائيلية ومسؤولة ملف المفاوضات مع الفلسطينيين تسيبي ليفني حول عملية تسوية الصراع في ضوء ما أعلنه رئيس وزراء قطر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية باتريك فينتيل إن محادثات كيري مع ليفني تناولت أيضا قضايا سياسية وأمنية تواجه إسرائيل، لكنه رفض تقديم تفاصيل لهذه القضايا.
وأوضح فينتيل أن اجتماع كيري مع ليفني هو «جزء من نقاشات الوزير كيري الجارية مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين والمسؤولين العرب والأوروبيين المعنيين حول عملية السلام لاستكشاف سبل حل هذا الصراع».
ومن المتوقع أن يقوم كيري مرة أخرى بزيارة إلى المنطقة في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، لإجراء مزيد من المحادثات مع نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن مباحثات السلام ، غير أنه لم يتم تحديد موعد زمني لهذه الزيارة حتى الآن.
Leave a Reply