حسن عباس – «صدى الوطن»
رغم برودة الطقس، احتشد –صباح الاثنين الماضي– العشرات أمام منزل عائلة المهاجر اللبناني مدين المستراح، في مدينة ديربورن هايتس، بمشاركة مسؤولين منتخبين في مقدمتهم عضو الكونغرس الأميركي رشيدة طليب، مطالبين سلطات الهجرة الأميركية بعدم ترحيل المستراح الذين يعاني من أمراض مزمنة.
وناشد المتضامنون، السلطات بالسماح للمهاجر اللبناني بالبقاء في الولايات المتحدة، معتبرين قرار إبعاده إلى وطنه الأم بمثابة حكم بالإعدام عليه.
المستراح المهدد بالترحيل بتهمة الاحتيال في تحصيل الإقامة الدائمة عبر زواج مفبرك قبل 15 عاماً، كان يخطط لإجراء عملية زراعة الكبد حين أمرته «دائرة الهجرة والجمارك» (آيس) بالعودة إلى لبنان الذي يشهد حالياً اضطرابات واسعة وإغلاق حكومي بدأ يلقي بظلاله على القطاع الطبي، مما يجعل إجراء عملية المستراح مستحيلاً، ويجعل حصوله على الرعاية الطبية المطلوبة في منتهى الصعوبة.
وخاطبت ابنته، مريم شرارة، مسؤولي الهجرة بالقول: «لا أريد لأبي أن يموت»، مضيفة: «لديكم القدرة على إنقاذ حياته، إنه لا يشكل خطراً على الطيران، لقد بذل جهوداً حسنة النية للامتثال لجميع الأوامر التي طلبت منه».
وكانت «آيس» قد أمرت –قبيل عيد الشكر– بترحيل المستراح متجاهلة وضعه الصحي الحرج وتوصيات أطبائه بعدم ترحيله، لكن الوكالة الفدرالية تجاهلت تلك التوصيات واعتبرته لائقاً للطيران.
وأشارت شرارة في كلمة ألقتها أمام وسائل الإعلام في إطار الوقفة التضامنية، إلى أن والدها يقبع في سجن مقاطعة كالهون في مدينة باتل كريك، وقالت: «لقد فقد 20 باوند من وزنه، منذ 12 نوفمبر الماضي، بسبب مرضه»، لافتة إلى أنه «أُمر بالمغادرة هذا الأسبوع». وقالت: «لم يخبرونا بالموعد الدقيق.. والدي مريض للغاية.. إنه يعاني من تلف الكبد، وقد أوصى الأخصائيون بإجراء عملية زرع الكبد له».
ويتمتع المستراح بسجل جنائي نظيف وبعلاقات طيبة مع أفراد المجتمع المحلي، وكان يدفع تكاليف تأمينه الطبي، وقد أظهرت عائلته عدداً من الوثائق الطبية التي تثبت حراجة وضعه الصحي.
وناشدت شرارة، مسؤولي الهجرة لكي يسمحوا لأبيها بالبقاء في الولايات المتحدة «لأسباب إنسانية». وقالت، وهي تحبس دموعها: «هنالك إغلاق حكومي في لبنان.. إلى أين ترسلون والدي؟».
وكان المهاجر اللبناني قد دخل إلى الولايات المتحدة عام 1993، وحصل لاحقاً على الإقامة الدائمة عبر زواجه الأول الذي اعتبرته «آيس» مفبركاً بدعوى أنه لم يتذكر تاريخ زفافه قبل 15 عاماً. وبناءً عليه، قامت السلطات بتجريده من الـ«غرين كارد»، على الرغم من إفادة طليقته بأن زواجهما كان حقيقياً.
من جانبه، وصف محمد فوعاني، المستراح الذي يتشارك معه في ملكية عمل تجاري بأنه «رجل طيب وشخص لطيف يتمتع بالنزاهة والرقي الأخلاقي»، مضيفاً أن ترحيله سيعرض عملهما التجاري للخطر.
وأشار فوعاني إلى أن شريكه كدح بجد من أجل دعم أسرته، وأن عملهما التجاري وفر الكثير من فرص العمل التي تشتد الحاجة إليها في المجتمع.
وفي السياق ذاته، أكدت النائب العربية في الكونغرس الأميركي رشيدة طليب (ديمقراطية–ديترويت) بأنه يجب على «آيس» أن «تعترف بالمخاطر الصحية الخطيرة التي يعاني منها مدين»، وقالت: «لقد رأينا أعضاء في مجتمعنا، مثل جيمي الداوود، تسبب ترحيلهم بموتهم، وإننا نرفض السماح بحدوث ذلك مرة أخرى».
ففي وقت سابق من هذا العام، توفي المهاجر العراقي جيمي الداوود في بلده الأم بظروف مزرية بسبب نقص الرعاية الطبية، وذلك بعد فترة وجيزة من ترحيله من منطقة ديترويت قبل بضعة شهور.
وأشارت طليب إلى وجود قواعد تسمح بتأجيل الترحيل لأسباب طبية و«تلك القواعد موجودة في الكتب… لكن الإدارة الحالية ترفض الامتثال لها».
وقالت إن «آيس» رفضت الرد على طلباتها للحصول على مزيد من المعلومات حول قضية المستراح. وأضافت: «ما يحتاج الكثير من الأميركيين إلى معرفته في هذا البلد، هو أن هذه الإدارة لا تتبع القوانين والإجراءات المنصوص عليها في حالات إنسانية كهذه».
وتابعت: «من المؤكد أن نظام الهجرة لدينا مختل، لكن هناك إجراءات (لتفادي الترحيل) مثل اللجوء والتأجيل لأسباب إنسانية، إضافة إلى التأجيل لأسباب صحية».
وكانت «آيس» قد أبلغت عائلة المستراح بأن أطباء الوكالة عاينوا المهاجر اللبناني واعتبروه لائقاً للطيران، وقد رفضت دائرة الهجرة والجمارك طلباً تقدمت به طليب للكشف عن أسماء هؤلاء الأطباء أو تسليم تقييماتهم الطبية. وقالت طليب إن مقاطعة كالهون تتحمل أيضاً مسؤولية تقديم هذه المعلومات إلى عائلة المستراح.
تجدر الإشارة إلى أن الوقفة التضامنية جاءت تلبية لدعوة من منظمة «ميشيغن يونايتد»، وهي تحالف وطني، يعمل على إصلاح نظام الهجرة وإنهاء الاحتجاز الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين.
Leave a Reply