في 17 نيسان (أبريل) الماضي، بدأ أكثر من 1500 سجين فلسطيني إضراباً مفتوحاً عن الطعام في كافة السجون الإسرائيلية، بقيادة عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، الأسير مروان البرغوثي.
وقد لاقت معركة الأمعاء الخاوية التي جاءت تحت عنوان «إضراب الحرية والكرامة» دعماً واسعاً في الأرض المحتلة ترافق مع تضامن عالمي من قبل منظمات ونشطاء نظموا مظاهرات ومسيرات إشعال شموع في العديد من المناطق حول العالم، كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تضامناً إلكترونياً حيث أطلقت صفحات ورسوم (هاشتاغ) كان من بينها «تحدي الماء المالح».
ونشر متصفحون إلكترونيون مقاطع فيديو تصورهم وهم يشربون الماء المالح، في إشارة إلى دعم السجناء الفلسطينيين المضربين عن الطعام، والذين يقتصر غذاؤهم على الماء المالح تفادياً لتعفن الأمعاء.
ومحلياً، انضمت مجموعة صغيرة من الأفراد، بينها نساء وأطفال، إلى فريق المتضامنين مع السجناء الفلسطينيين، تجمعوا عصر الأربعاء الماضي، على رصيف شارع ميشيغن أفنيو أمام «مكتبة هنري فورد المئوية» في مدينة ديربورن، حيث حملوا لافتات كتبت عليها عبارات التضامن مع الأسرى الفلسطينيين، كما لوحوا بالأعلام الفلسطينية للسيارات العابرة التي تجاوب بعض سائقيها من خلال إطلاق الزمامير.
واجب التضامن
الناشط والكوميدي عامر زهر، الذي شارك في تنظيم الفعالية بالاشتراك مع منظمتي «أميركيون مسلمون من أجل فلسطين» و«الصوت اليهودي من أجل السلام في ديترويت»، أفاد لـ«صدى الوطن» أن إقامة الفعالية في ديربورن كانت ضرورية «لإبداء التضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام احتجاجاً على الظروف القاسية في المعتقلات الإسرائيلية»، وقال «إذا كان المعتقلون قادرين على الإضراب عن الطعام لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، فيمكننا إذن أن نظهر بعض التضامن معهم، هنا في أميركا».
وأضاف الناشط الفلسطيني الأميركي أن وقفة التضامن تهدف إلى نشر الوعي حول الظروف غير القانونية وغير الإنسانية التي تفرضها إسرائيل على الأسرى.
وكان الأسير مروان البرغوثي، قائد «إضراب الحرية والكرامة» قد نشر مقالاً في صحيفة «نيويورك تايمز» في 16 نيسان (ابريل) الماضي، دعا فيه سلطات الاحتلال إلى وضع حد لاضطهاد وقمع السجناء. وجاء في المقال: «لقد أثبتت عقود من الخبرة أن نظام إسرائيل اللاإنساني، نظام الاحتلال الاستعماري العسكري، يهدف إلى كسر روح السجناء وإرادة الوطن الذي ينتمون إليه، عبر إلحاق المعاناة بأجسادهم، وفصلهم عن عائلاتهم ومجتمعاتهم، باستخدام تدابير مهينة لإجبارهم على الامتثال والخضوع».
وكتب البرغوثي «إن إسرائيل قد خرقت القانون الدولي بطرق شتى وعلى مدى 70 عاماً، وما تزال بمأمن من جريرة أفعالها»، مؤكداً أن «احتجاج الفلسطينيين هو نضال من أجل الحرية والكرامة، وهو العنوان الذي اختاره السجناء لإضرابهم، بينما هم يواصلون طريقهم نحو الحرية».
فضح الاحتلال
من جانبها، قالت رئيسة منظمة «الصوت اليهودي من أجل السلام بديترويت» باربرا هارفي «لقد اعتقل الأسرى الفلسطينيون بأسلوب الاعتقال الإداري، بمن فيهم مئات الأطفال، وذلك بسبب رشقهم للحجارة»، مضيفة «أن الحبس الانفرادي يفرض أيضاً على الأطفال».
وأكدت «إن الحبس الانفرادي لأقل من 24 ساعة يمكن أن يتسبب بإصابات عقلية خطيرة، فما بالك بعزل السجناء في الزنازين الانفرادية لعدة أشهر.. هذا غير إنساني».
وأشارت هارفي إلى أن الزيارات العائلية ممنوعة على الأسرى في جميع المعتقلات، «باستثناء واحد في الأراضي المحتلة»، بحسب هارفي التي أضافت بالقول «إن معظم الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية لا يستطيعون الدخول إلى إسرائيل.. إنهم ممنوعون من السفر إلى إسرائيل، وهناك تصريح خاص متاح نظرياً لعائلات السجناء، ولكن من الصعب حقاً تحقيق واحد من تلك التصاريح الخاصة».
إحدى المشاركات في مظاهرة التضامن، وتدعى كارين دوناهو، كانت قد زارت إسرائيل ثلاث مرات وعاينت مباشرة طبيعة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بحسب ما قالت لـ«صدى الوطن»، مؤكدة «إن تلك الزيارات غيرت من وجهة نظري كثيراً».
وتابعت «لقد خرجت بفكرتين خلال الزيارة، الأولى كانت ضبط النفس.. عندما ترى القمع الذي يعيش تحته الفلسطينيون، والثانية هي الصورة المشوهة التي نتلقاها –في أميركا– عن الأوضاع في ذلك البلد».
وأشارت إلى أنها تريد للفلسطينيين أن يعلموا أنهم غير منسيين وأن هناك العديد من الأميركيين الذين بدأوا يدركون ذلك.
النضال مستمر
طفل فلسطيني أميركي عمره 13 عاماً يدعى محمد، ارتدى كوفية فلسطينية، قال لـ«صدى الوطن» إنه جاء مع والدته وشقيقه البالغ من العمر 7 سنوات، لأنه «يريد تحرير الشعب الفلسطيني».
كما شارك أب فلسطيني أميركي مع ابنيه لإظهار تضامنهم مع شعبهم.
وقال محمد عودة إنه اختبر واقعياً معاناة الشعب الفلسطيني، حيث 20 بالمئة من أبناء قريته تم اعتقالهم في السجون الإسرائيلية.
وأضاف «عندما يأخذونهم إلى السجن يضعونهم في زنزانة تفتقر لكل شيء.. إنهم يعانون الكثير.. لا أريد الحديث عن التفاصيل، ولكن يمكنك أن تقرأ ذلك بين السطور».
وأكد عودة أنه يريد لولديه أن يتعلموا أهمية المشاركة في مثل هذه النشاطات حتى يصبحوا في نهاية المطاف نشطاء مناصرين للقضية الفلسطينية.
وفي نهاية الفعالية، طلب زهر من الحاضرين أن يشربوا الماء المالح لإظهار تضامنهم مع السجناء الفلسطينيين، وقال في إشارة إلى المعتقلين الفلسطينيين «إنهم حاضرون دائماً في قلوبنا وأذهاننا.. نحن لن ننسى أبدأ، سواء كنا نقوم بنشاطاتنا في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي.. إنها –فلسطين– دائماً في قلوبنا وهذا هو فشل إسرائيل لأنه وبعد 70 عاماً (من إعلان قيام الدولة العبرية) ما نزال نتحدث عن فلسطين».
Leave a Reply