واشنطن - أوقفت الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، برنامجاً مثيراً للجدل لمراقبة وتحفـيظ جميع البيانات والمعلومات فـي هواتف المواطنين الاميركيين، فـي خطوة جاءت بعد كشف عميل الاستخبارات السابق ادوارد سنودن عن البرنامج السري الذي كانت تديره وكالة الأمن القومي.
ورحب انصار الخصوصية وعدد من شركات التكنولوجيا بإنهاء برنامج جمع المعلومات، الا ان عددا من المتشددين فـي شؤون الأمن أعربوا عن خشيتهم من أن يعيق ذلك الاجراء جهود أجهزة الأمن لإحباط الهجمات الارهابية المحتملة.
وابتداءً من يوم الأحد الماضي أنهت وكالة الامن القومي برنامج مراقبة اتصالات الأميركيين الهاتفـية، فـي حين لا تزال برامج تجسسية أخرى قيد التطبيق، بحسب حقوقيين.
وفـي وقت سابق من هذا العام صادق الكونغرس الأميركي على قانون عرف باسم «قانون الحرية فـي الولايات المتحدة»
لوقف البرنامج، والغاء بعض من الصلاحيات التي حصلت وكالة الأمن القومي عليها فـي أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.
وينهي القانون الجديد البرنامج الذي سمح للوكالة بالحصول على البيانات وتخزينها ومن بينها أرقام الهواتف وتاريخ واوقات المكالمات الهاتفـية، ولكن ليس محتواها، من ملايين الأميركيين الأبرياء.
ويقضي القانون بنقل مسؤولية تخزين البيانات الى شركات الهواتف ويسمح للسلطات بالحصول عليها فقط عند الحصول على تصريح من محكمة مكافحة الإرهاب التي تحدد الشخص أو مجموعة الأشخاص الذين يشتبه بعلاقتهم بالإرهاب.
الهاجس الأمني
دان المنتقدون هذه الخطوة وقالوا إنها تجعل الأميركيين أكثر عرضة لهجمات مثل تلك التي شهدتها العاصمة الفرنسية فـي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وعلق المرشح عن الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية المقبلة، دونالد ترامب، على الغاء برنامج المراقبة، قائلاً إنه: «يميل للجانب الأمني أكثر». وأشار ترامب إلى أنه -فـي حال انتخابه- سيعيد صلاحيات الحكومة الأميركية فـي خلق قواعد بيانات بسجلات المكالمات الهاتفـية، قائلاً فـي برنامج «هيوغ هيويت» الإذاعي، الثلاثاء الماضي: «عندما أبدأ بإجراء مكالماتي، أعتقد دائماً بأن هنالك من يستمع إليها إن كنتم ترغبون بالحقيقة فهذا واقع حزين.. لكنني أميل للجانب الأمني».
وأضاف «عندما ينظر العالم إلينا ويرغب بتدميرنا بأسرع وقت ممكن، فأنا أميل للجانب الأمني».
ومن جانبه، قال السناتور ماركو روبيو، المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة ان هذه الخطوة «اجتمع فـيها فراغ القيادة الرئاسية والتضليل فـي المعلومات معاً (..) لقتل برامج استخباراتية فـي وقت تتصاعد فـيه التهديدات الإرهابية على الولايات المتحدة وحلفائها».
البرنامج لم يمنع هجوماً إرهابياً واحداً
إلا أن واضعي «قانون الحرية» يقولون انه يحمي الأميركيين. فأحد بنود القانون يغلق ثغرة تطلب من الحكومة وقف تعقب الارهابيين الأجانب المشتبه بهم عند دخولهم الولايات المتحدة.
وقالت نيما سنغ غولياني من المجلس التشريعي فـي نقابة الحريات المدنية الأميركية التي قاضت وكالة الأمن القومي فـي 2013 بشأن جمع سجلات هواتف المواطنين الأميركيين على نطاق واسع، انه لا يوجد دليل على أن البرنامج ساعد فـي منع أية مخططات إرهابية. وأضافت «للأسف فبعد هجوم إرهابي أو أية أحداث مأساوية، غالباً ما نرى أعضاء الكونغرس يسعون إلى اقرار سياسات تؤثر على الحريات المدنية ولكنها لا تعزز الأمن القومي بالضرورة».
وأضافت «هنا لدينا برنامج تم تطبيقه لسنوات وجمع سجلات الجميع، ولم يسهم مرة واحدة فـي وقف أي هجوم إرهابي».
وقالت ان أحكام القانون الجديد هي خطوة فـي الاتجاه الصحيح، إلا انها أشارت الى إن وكالة الامن القومي وغيرها من اجهزة الاستخبارات لا تزال تتمتع بصلاحيات واسعة للتنصت بما فـي ذلك مراقبة الاتصالات عبر البريد الالكتروني.
وأضافت أن «العمل لم ينته بعد إذا أردنا فعلاً أن نتأكد من أن المعلومات الخاصة بنا لا يتم جمعها بشكل مخالف للدستور». وتسعى جماعات الحقوق الرقمية مثل مؤسسة «الجبهة الالكترونية» الى وقف ممارسات رقابة واسعة أخرى تستطيع من خلالها الحكومة التنصت على اتصالات الأشخاص عبر الانترنت.
وقالت المؤسسة على مدونة على الانترنت انه «رغم أن قانون الحرية فـي الولايات المتحدة ربما تمكن من تحييد برنامج المراقبة على سجلات الهواتف ووفر شفافـية ضرورية تتمثل فـي اشراف محكمة على عمليات التجسس، الا انه لم يحل مشكلة المراقبة الرقمية الواسعة».
ذاع صيت سنودن بعد ان سرب سلسلة من الاسرار فـي 2013 كشف خلالها عن عمليات مراقبة واسعة تقوم بها الأجهزة الأمنية الأميركية. وفر الى روسيا بعد ذلك، ويواجه المقاضاة فـي حال عودته الى الولايات المتحدة.
Leave a Reply