عماد مرمل
إذا كان الكثير من أطباق المائدة السياسية اللبنانية غير مطابق للمواصفات الصحية، فان النائب وليد جنبلاط يحرص على ان يكون الطعام الذي يتناوله وضيوفه مطابقا لشروط سلامة الغذاء، وهذا ما يفسر «النفوذ الواسع» الذي تحظى به الأطباق النباتية على مائدته.
ولا يهمل جنبلاط هواية التقاط الصور، سواء عبر هاتفه الخلوي او عبر الكاميرا الحديثة التي ترافقه، ويبدو مسرورا بها.
ويقول جنبلاط لـ«صدى الوطن» ان حالة الجمود السياسي فـي لبنان مرشحة للاستمرار فترة طويلة، مشيرا الى ان المطلوب فـي هذه المرحلة ان نهتم بالقضايا المعيشية ونتحرك ضمن المساحة الداخلية الممكنة، فـي انتظار ان يتبلور مسار التطورات الخارجية.
ويعتبر انه ليس أمرا بسيطا ان يستطيع لبنان المحافظة على حد مقبول من الاستقرار الداخلي، وسط الحرائق المشتعلة فـي الجوار الاقليمي، ومن الواضح ان هناك قرارا خارجيا كبيرا بتحييد لبنان عن فوضى المنطقة، وبالتالي علينا استثمار هذه الفرصة لتدبير أمورنا المحلية، وتحسين شروط التعايش مع الواقع الحالي، من دون الخوض فـي حسابات ورهانات، تفوق قدرتنا على التحمل، لان اللعبة أكبر منا جميعا.
ويؤكد ان الظروف التي أنتجت حرب ال15 عاما تغيرت، لافتا الانتباه الى انه فـي السابق كنا جزءا من محور سو فـياتي فـي مواجهة محور أميركي، وقد سبق للبارجة الاميركية الشهيرة «نيوجرسي» ان حطت على شواطئنا وقصفت الجبل، لكن طبيعة الصراع تبدلت فـي ما بعد، وها نحن اليوم امام نوع آخر من التحديات، ومن ثم فان نشوب حرب طائفـية بين المسيحيين من جهة والمسلمين من جهة أخرى، لاسيما الدروز، لم يعد مطروحا.
ويشدد جنبلاط على ان رئيس الحكومة تمام سلام هو شخص عاقل ونظيف، يدير مجلس الوزراء بتوازن واتزان، لافتا الانتباه الى انه استضاف مؤخرا سلام وزوجته الى مائدة العشاء فـي دارته فـي كليمنصو، مبيناً أنهما على
توافق تام.
ويضيف جنبلاط: لا انتخابات رئاسية فـي المدى المنظور، وأنا شخصيا ما أزال متمسكا بدعم مرشحي النائب هنري حلو، ولست مع تأييد ميشال عون او سمير جعجع.
ويرى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ان الانانيات المسيحية، لاسيما المارونية، تساهم فـي تأخير التوافق على رئيس الجمهورية، ملاحظا ان معظم القيادات المارونية لم تستخلص الدروس من الاختبارات التي مرت بها.
ويشير الى انه يكاد يكون حاليا الوسطي الوحيد الحقيقي على الساحة اللبنانية، قائلاً: أنا مرتاح فـي موقعي ولن ابارحه، موضحا انه لم يكن مرتاحا الى احتفال «البيال» الاخير، لمناسبة الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس ر فـيق الحريري. ويتابع: زوجتي نورا شاهدت وقائع الاحتفال عبر شاشة التلفزيون، أما أنا فقد اكتفـيت بسماع بعض أجزاء خطاب الرئيس سعد الحريري بالصوت، ولم أكمله حتى النهاية، وأعتقد انه كان من الافضل الاكتفاء بكلمة للحريري وعدم إدراج فقرات أخرى فـي المهرجان، من قبيل وصلة الراب التي كانت من دون معنى.
ويضيف: كان غريبا ان يمضي أحد المتكلمين وقتا طويلا فـي الكلام حول المنحة التعليمية التي سبق له ان حصل عليها من الرئيس الشهيد ر فـيق الحريري. أعتقد انه كان الأجدر بالشيخ سعد ان يبادر هو الى توزيع المنح، بدل استعادة الماضي بهذه الطريقة.
و فـي جانب آخر، يؤكد جنبلاط عدم وجود اية علاقة شخصية له بقيادات جبهة النصرة، لافتا الانتباه الى ان الوزير وائل ابو فاعور هو الذي يتواصل مع المسؤول الميداني ل«النصرة» فـي جرود عرسال ابو مالك التلي، وعبره مع مسؤول آخر، فـي إطار متابعة قضية المخطو فـين العسكريين.. ولا أخفـي انني بذلت كذلك جهدا لحماية الدروز فـي ريف إدلب.. هذه هي حدود صلتي بملف «النصرة»، أما أي شأن يتعلق ببعدها العقائدي، فليس من اختصاصي ولا أعرف عنه إلا القليل.
ويوضح انه زار مؤخرا تركيا، حيث التقى بعض المسؤولين الاتراك، معتبرا ان بإمكان أنقرة ان تساهم فـي تأمين قدر من الحماية للدروز فـي ريف إدلب.
ويبدي جنبلاط انزعاجه من بعض مظاهر التعصب والتطرف التي بدأت تتسرب الى المجتمع الدرزي فـي لبنان، مشيرا الى ان هناك مشايخ رفضوا على سبيل المثال التقيد بأصول التعامل مع بعض حالات الوفاة، لان المتو فـين كانوا من الدروز الذين تزوجوا نساء من خارج طائفتهم.
ويلاحظ جنبلاط انه لا يلوح فـي الافق أي مؤشر الى حل سياسي قريب للازمة السورية، ويقول: فـي البداية، كان لدى بعض قيادات 14آذار وهم بأن بشار الاسد سيسقط سريعا، إنما مرت أشهر وسنوات من دون ان يسقط، وأنا شخصيا تأكدت من ان الولايات المتحدة لا تستعجل رحيله عندما طرحت على أحد المسؤولين الاميركيين ضرورة تزويد المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات، لان من شأن ذلك ان يعدل موازين القوى باعتبار ان تفوق النظام يكمن بشكل أساس فـي التفوق الجوي، فأتاني رد بانه ليس هناك من قرار بتسليم المعارضة سلاحاً نوعياً.
ويروي جنبلاط كيف ان المسؤول الروسي بوغدانوف زاره قبل فترة فـي منزله وأكد له ان الايرانيين سيعبرون الحدود ويتدخلون عسكريا وبشريا على الارض، متى شعروا بان نظام بشار الاسد مهدد، لانه خط أحمر بالنسبة اليهم. ويتابع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي: لقد استعدت هذا الكلام بعدما حصلت الغارة الاسرائيلية على القنيطرة والتي أدت الى مقتل جنرال إيراني كبير، ما يعني ان الايرانيين أصبحوا موجودين فعلا فـي الميدان.
ويتطرق جنبلاط الى وضع مصر، مشيرا الى ان مصر التي كنا نعرفها فـي زمن صعود القومية العربية لم تعد موجودة، ولا أظن انها ستعود قريبا، معتبرا ان مصر الحالية منشغلة بأمنها ما بين سيناء المتوترة وليبيا المضطربة.
ويرى ان مصر ستحتاج الى فترة طويلة من الزمن قبل ان تستعيد عا فـيتها وموقعها المحوري فـي المنطقة، مبديا بعض الملاحظات على سلوك القيادة الحالية ومنها محاولة إلغاء الاخوان المسلمين الذين يشكلون جزءا من المجتمع المصري ولا يصح شطبهم، بمعزل عما إذا كانت نسبتهم 30او 10بالمئة، كما انه لم يكن مناسبا اعتبار «حماس» حركة ارهابية، إذ ان «حماس» تبقى فـي نهاية المطاف حركة مقاومة وترمز الى القضية الفلسطينية.
ويلفت الانتباه الى ان الشعب المصري الذي يقارب عدده حاليا ال90مليون، يزيد مليونا فـي العام تقريبا، ما يؤشر الى ان الأعباء تتراكم، وليس من السهل ان تستعيد القاهرة دورها الاستراتيجي فـي ظل هذه الضغوط.
ويؤكد جنبلاط ان ابنه تيمور يستعد لتحمل المسؤولية النيابية، بعد خوض الانتخابات الفرعية، وعندما أستقيل من المقعد الذي اشغله حاليا، مشددا بالقول: ان فريق عمل جيد يحيط بي، تماما كما وجدت فريقا مماثلا حولي أخذ بيدي فـي أعقاب اغتيال والدي.
ويروي جنبلاط كيف كان يُنظر اليه فـي البداية كشاب يهوى ركوب الدراجات النارية ويقول: لكن لحسن حظي انني وجدت من يساعدني فـي عبور المرحلة الانتقالية، وعشية ذكرى اربعين استشهاد كمال جنبلاط، أمضيت ساعات وأنا أتدرب على القاء كلمة للمناسبة، بمساعدة أحد الرفاق الحزبيين.
Leave a Reply