يصر المبعوث الأميركي ديڤيد ساترفيلد على تحقيق إنجاز لإسرائيل في معركتها النفطية ضد لبنان المشغول هذه الأيام بالاستعداد للاستحقاق النيابي المقبل في ٦ أيار المقبل. ذلك أن المعركة المقبلة بعد المياه هي معركة النفط والغاز، والتركيز الأميركي عليها يعود إلى سياسة دونالد ترامب الجشعة في الحصول على الثورات الطبيعية والمالية بعد أن فتح بنو سعود شهيته على مصراعيها.
فساترفيلد هو رجل إسرائيل الخبير الأول نتيجة عمله سابقاً كسفير لبلاده في تل أبيب ثم سفيراً لها في بيروت وخلال عمله كان المدافع الأساسي عن مصالح العدو وهو اليوم الخرطوشة الأخيرة لتل أبيب بعد أن فشلت الأخيرة في شن حرب عدوانية جديدة على لبنان وسوريا وأصبح تفوقها الجوي مشكوكاً بأمره ثم خيبة أملها في تقسيم سوريا المنتصرة على الجماعات التكفيرية الإرهابية.
لكن سياسة لي الأذرع الأميركية ولَّت إلى غير رجعة ومقارنةً بسيطة مع المبعوثين الأميركيين وأهمهم فيليب حبيب السيء الذكر الذي كافأ إسرائيل على غزوها للبنان عام 1982، نجد أن ساترفيلد لن ينجح في ابتزاز لبنان أو تهديده خصوصاً بعد التهديد المقابل للمقاومة بتدمير منصات الغاز الإسرائيلية وما بعد بعد المنصات وهو تهديد تعرفه تل أبيب جيداً.
كذلك يحاول ساترفيلد استغلال موسم الانتخابات لكي يغافل لبنان ويحمله على التنازل عن جزء من ثروته النفطية التي هي الخلاص الوحيد له من ديونه ومشاكله المالية. وحتى الآن يبدو أن لبنان صامد في وجه الابتزاز بقوته ووحدة موقفه مما قد يفشل الموقف الإسرائيلي والأميركي المشترك.
في آخر خطاب للسيد حسن نصرالله ألمح إلى نية إسرائيل بضم الجولان والاستيلاء على الموارد الطبيعية فيها وهذا مخطط واشنطن أيضاً لجني الثروات وتقاسمها مع حليفتها الوحيدة بعد ان أنفض من حولها حتى بعض العرب الذيليين بسبب انحيازها الأعمى لتل أبيب.
الزمن اليوم مختلف ولا عودة للسياسات الإستعمارية القديمة، في عصر المقاومة، وعلى القوى الوطنية في لبنان أن تتخذ من فرصة الاستحقاق الانتخابي مناسبة للتغيير وعدم الإبقاء على أشخاص وبرامج انتخابية غير موجودة حيث أن التململ الشعبي داخل كل فريق بدأ يطفو على السطح مما قد ينذر بخروقات في اللوائح وهذا ما يجب الانتباه إليه لأن الماكينة المعادية تعمل ليل نهار على تشويه صورة جمهور المقاومة وحلفائها من خلال الترويج بفوز نواب هذا الجمهور سلفاً لكي يتلكأ عن الانتخاب مادام الفوز مضمون سلفاً كما ينشر الخصم.
إن لبنان يقف على مفترق طريق مصيري فإذا أحسن اللعب وبقي موقفه صامداً وتصدى بوحدته للموقف المعادي فقد يصبح أخيراً من الدول المهمة في المنطقة بشكل متوازٍ مع خروج سوريا من حربها وتطهير أراضيها وعودتها قوة إقليمية مهمة في المنطقة.
ليست مفارقةً أن تخرج سوريا والعراق من ازماتهما وصمود اليمن والبحرين مقابل سقوط الرهانات السعودية وفشل سياسات ابن سلمان مما قد يُحدِث انقلاباً ضخماً وزلزالاً كبيراً في المنطقة.
دونالد ترامب لن يطول بقاؤه في الحكم بعد سلسلة الإخفاقات والتناقضات وحتى يتم هذا الأمر فإن لعبة عض الأصابع مستمرة خلال الوقت الضائع لكن الحقيقة التي يمكن الجزم بِهَا أن عهد الإمبريالية والعدوانية الإسرائيلية ولَّى إلى غير رجعة وحل مكانه عهد المقاومة والانتصارات.
Leave a Reply