أنصار حرية المرأة متوجسون من انقلاب المحكمة الأميركية العليا على حكم «رو ضدّ ويد»
لانسنغ
مع ازدياد مخاوف الليبراليين وأنصار حرية الإجهاض، من توجه المحكمة الأميركية العليا ذات الأغلبية المحافظة نحو إلغاء قانون «رو ضدّ وَيد» الذي أعطى للمرأة حق التخلّص من جنينها قبل الولادة، سارعت حاكمة ميشيغن، غريتشن ويتمر، إلى مطالبة السلطة التشريعية في الولاية بإلغاء قانون قديم –عمره 90 عاماً– يجرّم عمليات الإجهاض في ميشيغن، وذلك تفادياً لسريانه مجدداً بمجرد قيام المحكمة العليا بإلغاء حكم قضية «رو ضد وَيد» الصادر عام 1973.
وتوجّهت الحاكمة الديمقراطية، في بيان لها الثلاثاء الماضي، إلى الأغلبية الجمهورية في مجلسي النواب والشيوخ داعية إلى التحرك فوراً لإلغاء قانون حظر الإجهاض في ميشيغن والذي يعود للعام 1931.
وجاءت رسالة ويتمر بعد أقل من أسبوع على قرار المحكمة الأميركية العليا برفض دعوى تطالب بمنع ولاية تكساس من تنفيذ قانون أقرته مؤخراً بحظر الإجهاض بعد ستة أسابيع من الحمل، مما وجه ضربة كبيرة لمناصري «حق الاختيار».
وأشارت ويتمر إلى أن المحكمة الأميركية العليا تنظر حالياً في العديد من «القضايا الأخرى المستندة إلى قوانين متطرفة في ولايات عدة»، متوقعة أن ينتهي بها المطاف إلى الانقلاب كلياً على حكم «رو ضدّ ويد»، بسبب الأغلبية التي يتمتع بها القضاة المحافظون في أعلى سلطة دستورية في البلاد.
وأضافت الحاكمة بأن «الإجهاض في ميشيغن اليوم، آمن وقانوني، لكن لدينا قانون غامض لايزال في الكتب منذ ثلاثينيات القرن الماضي يحظر الإجهاض ويجرم مقدمي الرعاية الصحية الذين يقدمون الرعاية الشاملة والخدمات الإنجابية الأساسية».
وتابعت: «لحسن الحظ، حلّ قانون «رو ضد ويد» محل هذا القانون الخطير الذي عفا عليه الزمن، ولكن إذا ألغت المحكمة العليا هذا القانون، فقد يعود قانون ميشيغن القديم وغيره إلى حيز التنفيذ في عشرات الولايات»، لافتة إلى أن ذلك «سيؤثر بشكل غير متناسب على مجتمعات السود والسمر».
وتعهدت الحاكمة الديمقراطية بأنها «ستقف في وجه أي مشاريع قوانين تسعى إلى تجريد المرأة من الحقوق الأساسية أو تعرقل قدرة الأطباء على أداء وظائفهم».
ودعت ويتمر، المشرعين الجمهوريين إلى الموافقة على اقتراح تقدمت به السناتورة الديمقراطية، أريكا غايس (عن تايلور)، لإلغاء قانون 1931 الذي ينص على تجريم استخدام أي دواء أو مادة أو أداة بقصد إجراء عملية إجهاض.
ومن غير المتوقع أن تستجيب الأغلبية الجمهورية في ميشيغن لطلب الحاكمة الديمقراطية، لاسيما وأنه في السنوات الأخيرة، سعت العديد من المنظمات المحافظة إلى فرض قوانين تقيد الإجهاض في الولاية. كما أجهض المشرعون الجمهوريون محاولات سابقة لإلغاء قانون حظر الإجهاض في ميشيغن الذي تعود جذوره إلى القرن التاسع عشر.
من جانبها، احتفت منظمة «حق الحياة في مشيغن» بقرار المحكمة العليا حيال قانون تكساس، وقالت في منشور عبر «فيسبوك» إن «صناعة الإجهاض في ميشيغن تخشى ما يخبئه المستقبل لها»، مشيرة إلى أن «المستقبل سيكون لأنصار الحياة».
غير أن المدعي العام في ولاية ميشيغن، الديمقراطية دانا نسل، كانت قد صرحت سابقاً بأن مكتبها سيمتنع عن تطبيق قانون 1931 في حال أقدمت الأغلبية المحافظة في المحكمة العليا –كما هو متوقع– على إلغاء حكم «رو ضدّ ويد».
قضية تكساس
رفضت المحكمة العليا الأميركية الأسبوع الماضي، التماساً بوقف قانون تكساس لتقييد الإجهاض، الذي يحظر التخلص من الأجنة بعد ستة أسابيع من الحمل، مما شكل انتصاراً كبيراً للمدافعين عن «حق الحياة»، بمواجهة المدافعين عن «حق الاختيار».
وتثير مسألة الإجهاض انقساماً حاداً بين الأميركيين المحافظين والليبراليين في الولايات المتحدة.
وجاءت نتيجة التصويت في المحكمة العليا برفض القضاة، بأغلبية 5–4، طلباً طارئاً مقدماً من قبل مقدمي خدمات الإجهاض وصحة المرأة لإصدار أمر قضائي يمنع تطبيق الحظر الذي دخل حيز التنفيذ مطلع الشهر الجاري.
ورغم انتمائه عموماً للتيار المحافظ، انضم رئيس المحكمة جون روبرتس إلى القضاة الليبراليين الثلاثة في معارضة قانون تكساس. وكتبت القاضية الليبرالية سونيا سوتومايور في رأي مخالف: «أمر المحكمة مذهل».
وأضافت «استقبلت طلباً لإصدار قانون غير دستوري صارخ يهدف إلى منع المرأة من ممارسة حقوقها الدستورية والتهرب من الرقابة القضائية، وقد اختار غالبية القضاة دفن رؤوسهم في الرمال».
وأكدت جماعات حقوق الإجهاض أن القانون سيكون بمثابة حظر شبه كامل على الإجهاض في تكساس، حيث يتم إجراء 85 إلى 90 بالمئة من العمليات بعد مرور ستة أسابيع من الحمل، ومن المرجح أن يجبر العديد من العيادات على الإغلاق.
ويحظر القانون الذي أقرّته ولاية تكساس الإجهاض بمجرّد أن يصبح ممكناً رصد نبض قلب الجنين، وهو ما يكون متاحاً عادة في الأسبوع السادس من الحمل، غير أنّ معارضي القانون اعتبروا أن معظم النساء قد لا يكنّ على دراية بأنّهن حوامل أثناء هذه الفترة. كما لا يلحظ القانون أي استثناءات لحالات الحمل الناتجة عن الاغتصاب أو سفاح القربى.
بدوره، انتقد الرئيس الأميركي، جو بايدن، القانون واعتبره انتهاكاً صارخاً للحق الدستوري المنصوص عليه في حكم قضية «رو ضد وايد»، والذي أجاز الإجهاض في أي وقت طالما أن الجنين لا يزال داخل الرحم.
وأضاف أن القانون «سيؤدي إلى تقليل إمكانية وصول المرأة إلى الرعاية الصحية التي تحتاجها، خاصة للمجتمعات الملونة والأفراد ذوي الدخل المنخفض».
وفي السياق، وعدت وزارة العدل الأميركية في إدارة بايدن، باستخدام سلطاتها الفدرالية لحماية العيادات التي تجري عمليات الإجهاض في تكساس.
وقال وزير العدل ميريك غارلاند، في بيان، إنّ وزارته «ستقدّم الدعم من خلال تطبيق القانون الفدرالي عندما تتعرّض عيادة إجهاض أو مركز للصحّة الإنجابية لهجوم».
وأضاف أنّه سبق للوزارة وأن «تواصلت» مع المدّعين العامّين والمكاتب الميدانية لمكتب التحقيقات الفدرالي في تكساس لبحث سبل تنفيذ هذا الأمر.
وشدّد الوزير على أنّ الوزارة «لن تتسامح مع أيّ عنف يُمارس ضدّ أولئك الذين يسعون للحصول على خدمات الصحّة الإنجابية أو تقديمها»، ولا كذلك مع «من يلحقون أضراراً في الممتلكات في انتهاك لقانون فيس».
وفيس (اختصار لعبارة «حرية الوصول إلى مداخل العيادات»)، قانون فدرالي يحظر أيّ شكل من أشكال العنف ضدّ ممارسة الحقّ في الإجهاض.
Leave a Reply