عندما انتُخب الرئيس اللبناني ميشال عون، أطلق عليه اللبنانيون إسم «بيّ الكل»، وسادت فرحة عارمة لدى جميع اللبنانيين وأنا منهم، حيث حلّق طيف الأمل في نفوسنا كما في سماء لبنان العزيز، إذ هو الرئيس القويّ المعوّل عليه في إنقاذ الوطن من الفوضى التي تجتاحه والتسيب الذي يسود مؤسساته وتثبيت الأمن والأمان في ربوعه، كونه رجلاً سياسياً متمرساً خرج من قلب المؤسسة العسكرية، ومؤهلاً لتحقيق الأهداف والطموحات المقرونة بالنزاهة التي هي عماد انطلاق العمل!
إن نزاهة الرئيس الحالي جعلت كل اللبنانيين يعلقون عليه آمالا كبيرة في إنقاذ البلاد والعباد، لكن على عكس المتوقع فوجىء اللبنانيون منذ أيام مضت بأن يمر تحت مصادقته قرار تجنيس لعدد من الأشخاص ومن جنسيات مختلفة، في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة اللبنانية منح الجنسية اللبنانية لأبناء وأزواج اللبنانيات المتزوجات من غير لبناني وكأن المقربين ليسوا أولى بالمعروف، فالسيدة اللبنانية التي ولدت من أب وأم لبنانيين وعاشت حياتها كلها في لبنان ووضعته في قلبها وأذابت حياتها فيه انتماءً وتحملت أهوال الحروب، لا يسمح لها بمنح الجنسية لطفلها إلا في حال تزوجت لبنانياً!
يُعامل أبناؤها على أنهم غرباء سواء في المدارس أو الجامعات، فهم يعانون الأمرّين ليحصلوا على إقامة دائمة تقيهم شرور المضايقات، في الوقت الذي يتمتع فيه بالجنسية اللبنانية أبناء ذوي الأمهات من جنسيات مختلفة كالسريلانكية والفلبينية والهندية، لمجرد أن والدهم لبناني.
أليس هذا إجحافاً بحق المرأة اللبنانية؟ أين هي العدالة؟
وعودةً إلى مرسوم التجنيس الأخير، وجروح المرأة اللبنانية التي نكأها، لقد رأينا أنّ في كل عهد جديد يجنس أصحاب النفوذ عدداً من الأشخاص مقابل أموال طائلة تزيد من انتفاخ كروشهم! أفلا تكفيهم سرقة أموال الناس والدولة ليغرفوا أيضاً من عمولات التجنيس؟
أما بالنسبة لواجباتهم فحدث ولا حرج!
أليس من حق أبناء الشعب على أصحاب النفوذ أن يشهدوا حملة مبرمجة لتحسين الخدمات وتنظيف الشوارع من أكوام القمامة التي ارتفعت روائحها الكريهة إلى عنان السماء؟ لوثوا مناطقنا الجميلة التي كانت مرتع الاصطياف، يقصدها المصطافون من كل أنحاء العالم، فأين جمال بيروت (ست الدنيا) ومقاهيها المضاءة؟ وأين صداح فنانيها الذين جعلوها تحفة الشرق الأوسط؟ وهل من يحصي الإصابات السرطانية المتنوعة التي تفتك باللبنانيين وتدمر حياتهم؟
مع كل ذلك، مازلنا نأمل من رئيسنا القوي أن يصلح بعضاً مما أفسده الدهر والمفسدون والمقصرون ولصوص المال العام، ليعيد إلينا بعضاً من وجه لبنان المشرق بجماله ورونقه الذي عهدناه، وأن ينصف المرأة اللبنانية –التي ولدته– بإعطائها حقها أسوة بالرجل، عند ذاك لن يشك أحد بأن الرئيس عون هو «بيّ الكل» حقاً.
Leave a Reply