عدة مدن في المقاطعة لجأت الى إرسال المحكومين الى سجون في مقاطعات أخرى
ديترويت – خاص “صدى الوطن”
تضطر 19 مدينة على الاقل في مقاطعة وين الى اهدار آلاف الدولارات، والبعض منها مئات الآلاف، لارسال محكومين بجرائم كالقيادة تحت تأثير الكحول والعنف المحلي وتخريب الممتلكات الى سجون في شمال ولاية ميشيغن، وكانت هذه المدن تود لو زجت بهم في سجن مقاطعة وين ووفرت على نفسها هذه المبالغ الطائلة، لولا ان هذا السجن مكتظ جدا، ما يدفع المسؤولين فيه الى الافراج عن سجناء قبل انتهاء مدة محكومياتهم.
“نرسلهم الى سجن مقاطعة وين، ويرجعون الى الشارع في اليوم ذاته”، قال قائد شرطة ليفونيا روبرت ستفنسون مؤكداً أن “الأمر مشكلة حقيقية”.
ويقول المراقبون ان المسؤولين في سجن مقاطعة وين يدرسون خطة من شأنها زيادة الامر سوءاً، فهم يعتزمون تقليل عدد الأسرّة في السجن والسماح لادارته بالافراج عن مزيد من المحكومين بارتكاب جنح قبل انتهاء مدة محكومياتهم، الأمر الذي يثير حنق دوائر الشرطة في مدن المقاطعة الأكبر من حيث عدد السكان في ميشيغن.
ففي عام 2009 انفقت مدينة ويستلاند حوالي 600 الف دولار لترسل مئات من مرتكبي الجنح الى سجن مقاطعة ايزابيلا في وسط ميشيغن، الاموال ليست وحدها ما اغضبت قائد شرطة المدينة جيمس ريدينر، الذي هو ومسؤولون آخرون في مدينة ويستلاند، شعروا بالحاجة لارسال السجناء الى شمال الولاية، فلو انه أرسلهم الى سجن مقاطعة وين فانهم سرعان ما يعودون للشارع في غضون ايام معدودة، بدلا من مدة محكومياتهم التي يقررها القاضي في المدينة والتي تصل الى اسابيع وأشهر”. ويقول ريدنير “حين يصدر القاضي حكما بالسجن على احدهم 60 يوما، فاننا لا نرسله لسجن مقاطعة وين، لأن هناك فرصة كبيرة للافراج المبكر، وحينها علينا ان نتعامل مع المفرج عنهم مرة ثانية”.
يشار الى ان مقاطعة وين لها وضع فريد بين المقاطعات في ميشيغن، فهي الوحيدة التي بامكان مدير سجنها ان يفرج مبكرا عن محكومين بسبب الاكتظاظ، وذلك وفق مرسوم قضائي تم اقراره عام 1991، وهو ما يحدث فعليا يوما بعد يوم بحسب جيريل هيرد مدير سجن المقاطعة، وقال “حين نفرج مبكرا عن سجين، فان ذلك يجري ضمن عملية مشددة جدا، ننظر الى التهمة الحالية والتاريخ الاجرامي للشخص، ونفرج عنه اذا كانت تهمته ليست متعلقة بالاغتصاب أو العنف”.
يوجد حاليا 500 شخص مفرج عنهم من سجن مقاطعة وين تحت المراقبة ويتلقون علاجا، وهم إما مدمنون أو يعانون اضطرابات نفسية، ولكن يتوفر في المقاطعة 180 سريرا لمرتكبي الجنح من مدن خارج ديترويت، و180 سريرا اخرى لمن هم خارج اختصاص المحكمة 36 في ديترويت. حاليا يتوفر 120-140 سريرا يوميا لمرتكبي الجنح، فيما تخصص بقية الأسرّة الـ1700 في 3 سجون في المقاطعة لمرتكبي الجرائم. وهناك بحسب هيرد، سجونا تتسع لـ1200 شخص تم اقفالها بسبب المصاعب المالية، علما بأن تمويل السجون جزئيا يأتي من ضرائب على اصحاب العقارات في المقاطعة، وهذه توفر 40 مليون دولار سنويا، اضافة الى 35 دولار يوميا تدفعها كل مدينة عن كل واحد ترسله لسجون المقاطعة.
أوكلاند وماكومب
مقاطعتا اوكلاند وماكومب كلاهما لا تستوفي رسوما يومية على السجناء، ولا يفرج مبكرا في سجونهما عن محكومين دون امر من القاضي. قبل سنتين انهت مقاطعة أوكلاند عقدا بمليوني دولار سنويا، كانت ترسل بموجبه محكومين لسجون مقاطعة اخرى للتغلب على مشكلة الاكتظاظ، في حين ان مقاطعة ماكومب لم ترسل ابدا محكومين الى سجون مقاطعات اخرى.
الرسوم التي تفرضها مقاطعة وين تصيب قيادة الشرطة بالتوتر، يقول قائد شرطة ليفونيا روبرت ستفنسون “لدينا سجن يمول جزئيا من اهالي ليفونيا بحوالي مليون دولار سنويا، وفي الحقيقة اننا لا نجد سجنا يمكننا استخدامه اذا رغبنا في ارسال احد يمضى فيه بعض الوقت”.
تنفق ليفونيا 400 الف دولار سنويا لارسال محكومين الى مقاطعة ايزابيلا، والتي تستقبل سجناء من مقاطعة واين على مدى 20 سنة الماضية، ويتسع سجن مقاطعة ايزابيلا لـ196 نزيلا بحسب مديره توم ريكر، الذي قال ان معدل الاقامة فيه تصل الى 21 يوما.
يقول ستيفنسون “رسالتنا واضحة اذا اتيت الى ليفونيا وارتكبت جرما فيها، فإنك لا محالة ستقضي كامل مدة محكوميتك في السجن”، فالمدينة حسمت خيارها وهي تدفع 400 الف دولار سنويا تمثل رواتب اربعة من ضباط شرطتها.
العديد من القضاة في المقاطعات يلجأون احيانا الى اساليب بديلة عن الحكم بالسجن، ومنها المراقبة والبرامج العلاجية للمدمنين لكن قضاة مقاطعة وين مرغمون على هذه البدائل دوما.
يقول القاضي في المحكمة 23 في مدينة تايلور جينو سالمون “في نهاية اليوم هناك اشخاص تصرفاتهم الاجرامية تحتم ان يقضوا وقتا في السجن”، فيما قال قاضي المحكمة 17 في مدينة ريدفورد مارك ماكونيل “لا يهمني اين يقضوا فترة محكوميتهم، لكننا حين نرسلهم الى سجن ايزابيلا نكون متأكدين انهم سيقضوا هناك كامل المدة، وهذا ما يعطي احكامنا الهيبة والشرعية”.
الهدف ليس السجن
ترغب مقاطعة وين في توسيع صلاحيات مدير السجن بحيث يكون مخولا بالافراج عن محكومين بغض النظر عن مسألة الاكتظاظ، وبحيث ترفع الرسوم على كل سجين لـ43 دولار يوميا، وذلك بحسب اقتراح تقدمت به المقاطعة الشهر الماضي لهيئة مفوضي الولاية تمت فيه المطالبة كذلك بتخفيض عدد الاسرّة المخصصة لمرتكبي الجنح.
يقول مستشار مقاطعة وين وليام ولفسون “قديما كان ينظر الى السجن على انه اربعة حوائط وعدد من الاقفاص.. لم يعد هذا هو الحال”. الاعتراض من جانب قادة الشرطة وضباطها دفع ادارة المقاطعة الى وضع الاقتراح على نار حامية.
تقول باربرا ليفين المديرة التنفيذية في رابطة الدفاع عن حقوق السجناء “الشيء الذي يجب التأكد منه هو ان العقوبة ليست غاية في حد ذاتها، بقدر ما يكون لها من تأثير على الاصلاح، بحيث يتسنى لمرتكب الجنحة ان لا يعود لارتكابها مرة اخرى، فذلك أجدى من مجرد الزج به في غياهب السجون
Leave a Reply