خاص “صدى الوطن”
منذ انهيار اليسار العربي إثر سقوط الاتحاد السوفياتي مطلع تسعينات القرن الماضي، ندرت الأغنيات الوطنية واليسارية الملتزمة، حتى وصلت، مع انطلاق الألفية الجديدة، الى حافة الانقراض. ولكن مع نهضة الشارع العربي هذا العام بُثت الروح من جديد في أشرطة التسجيل العتيقة والأقراص المدمجة “المستّفة” على رفوف المكتبات وجيوب سيارات محبي هذا الفن، فعادت هذه الأغاني القديمة تصدح في بيوت وسيارات الباحثين عن الحرية.
وما إن عادت الروح الى الشارع العربي.. عاد الإلهام الى ما تبقى من فنانين ملتزمين. وأحد هؤلاء الفنان السوري سميح شقير صاحب “رجع الخي”، و”يا سجاني”، و”زهر الرمان”، و”بغرفة زغيري”.
فبعد أن تفاعل شقير مع الثورتين التونسية والمصرية كان من الطبيعي أن يتحرك من أجل انتفاضة شعبه فكانت أغنية “يا حيف” التي أصدرها بعد أحداث درعا الدموية، والتي تمثل عودة الأغنية الملتزمة، لما تحمله “يا حيف” من جمالية وشجاعة.
وقد أحدثت أغنيته الجديدة التي أهداها لشهداء مدينة درعا جدلاً كبيراً بين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها البعض على موقع “يوتيوب” “أغنية الثورة السورية”، فيما عتب آخرون على ”الفنان الذي التزم فلسطين” وهاجمه آخرون واتهموه بمحاولة تشويه صورة النظام السوري الممانع، من “مناضل سابق يعيش اليوم في باريس”.
وشقير من مواليد محافظة السويداء السورية المجاورة لدرعا، وهو موجود حالياً في باريس منذ فترة للعلاج. وتعتبر “يا حيف” فريدة من نوعها، من حيث الاحترافية والجرأة في التعبير عن حدث سياسي ما زال يتفاعل، وإعلان رفض القمع ضد المحتجين وإطلاق النار عليهم. ورغم المواقف المتباينة من الأغنية، فإنها سجلت مشاهدات كبيرة على المواقع الإلكترونية، وتم تداولها بشكل كبير، كما إنها من المؤكد ستبقى كشهادة ووثيقة تاريخيّة، على منعطف صعب يعيشه الشعب السوري، ودفع ثمنه ضحايا من المواطنين العزّل والأبرياء.
وتقول كلمات الأغنية: “يا حيف أخ ويا حيف/ زخ رصاص على الناس العزل يا حيف/ وأطفال بعمر الورد تعتقلن كيف/ وانت ابن بلادي وتقتل بولادي/ ظهرك للعادي وعليّ هاجم بالسيف.. يا حيف/ وهادا اللي صاير يا حيف/ وبدرعا يا يُمّا ويا حيف”.
وفي مكان آخر يقول شقير: “سِمعِت هالشباب يُمّا.. الحرية عالباب يُمّا/ طلعوا يهتفوا لها/ شافو البواريد يُمّا قالوا إخوتنا هنّي/ ومش رح يضربونا/ ضربونا يُما بالرصاص الحي/ متنا بإيد إخوتنا/ باسم أمن الوطن/ ونحنا مين نحنا/ واسألوا التاريخ يقرا صفحتنا/ مش تاري السجان يُمّا/ كلمة حرية وحدِة هزّتلو أركانو/ ومن هتفة الجموع يُمّا أصبح كالملسوع يُمّا/ يصلِينا بنيرانه/ واحنا اللي قلنا اللي بيقتل شعبه خاين/ يكون مين كاين/ والشعب مثل القدر/ مِن ينتخي مايِن/ والشعب مثل القدر/ والأمل بايِن”.
وكان شقير قد غنى لانتصار ثورة تونس: “يا شبابك نزلوا الشارع قالوا لا للديكتاتور/ هربت تماسيح مبارح وانقرض الديناصور/ مِن لمّا الثورة قامت، كتار اللي خافوا، وارتجفوا، واهتزوا ويستنّوا: مين اللي عليه الدور؟”.
Leave a Reply