من أكثر الأشياء التي تحز في النفس، أن أكثرنا نحن أهل ديربورن وحولها، قومٌ لا نأبه كثيراً بالجماليات وتهمنا الكماليات أكثر. السبب أن معظمنا مولعون بالفشخرة والمنظرة واستعراض الإمكانات، فتجدنا في الغالب نقتني الأثاث الثمين ذات الحجم الأكسترا، ليس لكونه جميلاً ومنسجماً مع بقية مكونات المنزل، بل لأنه يعطي الانطباع بأننا «فوق»… من الطبقة العليا.
تجد البعض، رجال ونساء، يلبس في معصمه ساعة كلها شخابيط ودوائر وعقارب وثعابين، يتباهى أمامك بأنه اشتراها بكذا ألف دولار، وأنت أدباً وحياءً لا تستطيع أن تقول له إن ساعتك، أم العشرة دولارات، أجمل من ساعته التي بحجم البيتزا، ولا تنفعك في معرفة الوقت لأنها مغطاة بالزخارف والماس .. والصلصة والزيتون وشرائح الببروني!
معظمنا تقريباً لا يعرف أن الجمال يكمن في البساطة، وخاصة في البيوت، التي تتحول لدى حديثي النعمة إلى متاحف قبيحة بسبب عجقة المعروض فيها من ألوان وستائر ومزهريات وصور ولوحات بلا ذوق أو تنسيق.
حتى في الأعراس وما أكثرها، والله يهنِّي أصحابها ويعين جيوبنا على المشاركة، فالورد والديكورات في القاعات والزينات في البيوت ومداخل البيوت ونصف الحي، والزفَّة، «ويللي شاف مش مثل اللي سمع». ثم فوق «الدَكَّة» والمبالغة في الدبكة، تعلو مكبرات الصوت التي تغنّي نيابة عن المغنّي الذي لا نعرف تحديداً من أين يغنّي، فلا نسمع ولا نفهم.
حتى الشباب تراهم «يشبشلون» أو ينهبلون أمام فتاة ذات جمال مهول –على رأي الصنديد الله يرحمه– رغم أنها خضعت بوضوح لعملية طلاء ودهان وسمكرة وشفط و«قصّ ولزق»، حتى أن هذا الشاب ما عاد ليرى أو يميز الصبيّة الجميلة جمالاً عادياً وبسيطاً والتي لا تحتاج سوى إلى الحد الأدنى من المكياج لإضافة لمسة من الأناقة إلى ملامحها.
والرجل إذا كان جمال الوجه هو شرطه الوحيد في اختيار الزوجة، فهو تاجر خاسر لأنه يجهل قيمة البساطة ولا يدرك خدعة المبالغة.
Leave a Reply