انظر الى شارع وورن في ديربورن. انظر الى اليمين والى اليسار. انظر الى الشرق والى الغرب، ثم أعد النظر كرتين، سوف يرتد اليك البصر خاسئا وهو حسير. لن ترى وردة. لن ترى زهرة أو نبتة أو مساحة خضراء في مدخل أو أمام أي محل.
سوف ترى لافتات بحجم كبير مكتوبة بخطوط عربية وانكليزية أو متشابكة ضوئيا والكترونيا بصورة بشعة. وترى أيضا بعض الأعشاب البرية، منبتها ونموها العشوائي، يزيد الاحباط والاكتئاب وتخطؤها العين الكليلة عن كل عيب، عين صاحب المتجر أو المدير للمحل، حيث يدخل ويخرج من محله دون أن يؤذيه منظر تلك النباتات والحشائش الغريبة.
أغلب المحلات التجارية على شارع وورن يملكها ويديرها أفراد من الجالية العربية واللبنانية المميزون بالذوق وحب الحياة، يدل على ذلك معيشتهم مع عوائلهم في أجمل البيوت وشراء السيارات الحديثة لأولادهم، واقتناء أخر صيحات التلفونات ولبس الموديلات العصرية من الثياب والنظارات الشمسية، والسفر مع العائلة كل سنة الى لبنان، مما يشعر اولئك الصبيان والبنات بالتشاوف والتكبر على أقرانهم. هذا عدا عن حفلات “الفشخرة” و”التشاوف” والسباق في اقامة الولائم والعزايم وحفلات أعياد الميلاد والزواج والتخرج ومآدب الباربكيو على شرف كل من هب ودب، تطالعنا صورهم في الصحف المحلية والعالمية، وكما قال أحدهم عن التبذير والهدر في تلك الولائم حيث يرمى من الطعام في القمامة أكثر مما تبتلعه الكروش المنتفخة والزلاعيم الوسيعة، وان ثمن ذلك الطعام المهدور يكفي لتجميل مداخل المحلات التجارية العربية ومداخل الجوامع والمراكز الدينية التي تعاني من الوفرة في المآدب وحفلات التكريم والشح في خدمات الصيانة وتجميل المساحات حولها. خصوصا في الربيع والصيف حيث تتحسر أن ترى للمحلات العربية أو المراكز الاسلامية مدخلا أو ممرا منسقا وملونا بالأزهار ونباتات الزينة والمساحات الخضراء مما يبعث في روح الناظر بعض الأمل والهدوء يعينه على تسبيح الخالق العظيم، وويغمر السلام روحه في هذا الزمن المتوحش، وربما قد يخفف السخط والتجهم من بعض وجوه أصحاب ومالكي المحلات فينشرح صدرهم ويتيسر أمرهم ولا يتكلون على بلدية مدينة ديربورن للقيام بخدمات الزينة والتجميل أمام محلاتهم. ولو كل صاحب محل كنس ونظف أمام دكانه فقط، لما تراكمت الأوساخ والأتربة ولبدا شارع وورن أقل كآبة وأكثر حيوية.
المدن جميلة بفضل ناسها الذين يعتنون بها، وبفضل روادها الذين يتعاملون بصورة حضارية مع جمالها وشارع وورن هو بمثابة مدينة العرب وعليه وفيه يقام كل سنة “المهرجان العربي” الذي يسعى لإبراز ثقافتنا. يا ترى أين الثقافة والفنون والجمال والذوق العربي في ديربورن؟
Leave a Reply