قصة نجاح اخرى تضيفها «صدى الوطن» الى سجل مبدعيها من العرب الاميركي
الذين ساهموا في اثراء المجتمع الاميركي، هذه المرة من ميشيغن. ولا نعرف، حقيقة، ما اذا كنا، نحن، من يسلط الضوء على مبدعينا ام هم من يسلطون بضوئهم علينا فيرفعون من قدرنا كجالية عربية اميركية ليزداد رصيدنا في مجتمع يرد جميل المعطائين بالاعتراف لهم بجهودهم وتكريمهم.الدكتور يحيى الباشا، مهاجر من سوريا، متفان في امرين يصبان اثنينهما في خدمة الجالية العربية: مشاركته في العمل العام، ليرفع من شأنها، وبالتالي من شأن ثقافتها؛ وتفانيه في عمله الذي يصب في نهاية المطاف خدمة لها ايضا. ففي الشأن العام، اسس الباشا وشارك في تأسيس عدد كبير من المؤسسات العربية والاسلامية؛ وفي الشأن الخاص، أوجد مؤسسة طبية جمع فيها ما بين تفاني الطبيب وابتكار رجل الاعمال، فذاع صيته الناجح وانتشرت خبرته في مجال الخدمة الانسانية ليرتفع قدره ويصبح، فيما بعد، واحدا من بين اربعة اختارتهم الخارجية الاميركية سفراء مدنيون الى العالم، يجوبونه ليوضحوا موقف الولايات المتحدة من الاسلام، عند المسلمين، ابتداء من اوروبا الى الشرق الاوسط، حتى شرق اسيا الادنى.
تحصيله العلميولد في مدينة حماه، سوريا، 1946، تتلمذ في مدرسة الكنيسة الارثودكسية ثم في المدرسة الرسمية السورية، ونهل من الطب في جامعة دمشق ليحصل على شهادة الدكتوراه في الطب العام، 1970. درس سنة واحدة اختصاص جراحة العيون ولم يكمل، اذ بعد ان اشبع في قلبه النهم الى المعرفة، بدأ رجل الاعمال الكامن في داخله توقا الى المغامرة والسفر. وككل شاب في مقتبل حياته، يلمس في نفسة طموحا، في عالم عربي لا فرص فيه، فكر الباشا في السفر: «قرأت الكثير عن الاعمال في الولايات المتحدة الاميركية واستطلعت الامر ممن كانوا يقبلون من الخارج، واحببت السفر».وسافرالباشا الى الولايات المتحدة الاميركية، ونزل في ديترويت، 1972. وكرس كل مجهوده لينغمس في الطب. فالتحق بعد سنة بمستشفى ماونت كارمن ميرسي. ثم انهى فترة تدرج في اختصاص التصوير الاشعاعي في مستشفى «وليام بومنت»، في مدينة رويال اوك في ميشيغن، خلال سنتين. كان الطب هو كل ما يشغل باله، فعمل في ثلاثة مستشفيات معا: دوام كامل في مركز «ميموريال» الطبي في مدينة وورن وفي ستيرلنغ هايتس، ودوام جزئي في مستشفى «وليام بومنت»، وايضا في مركز الولاية الطبي في وظيفة التصوير الاشعاعي. كان ذلك ما بين 1977 و1980.بعد ذلك، قرر الباشا ان يبدأ مشروعا يجمع فيه ما بين العمل التجاري والطب فاشترى عيادة تصوير اشعاعي من طبيب الماني متقاعد اسمه وليام واغنر واسس عليها مركزه الطبي ليصبح فيما بعد الفرع الاول لـ«مركز باشا الطبي» في مدينة رويال اوك.
عمله الاجتماعيللدكتور يحيى الباشا تاريخ طويل في العمل الاجتماعي في مناهضة التمييز العنصري وفي الدفاع عن الحقوق المدنية للمواطنين على الاخص العرب والمسلمين.فالباشا وعند تعرفه على احوال العرب والمسلمين في ميشيغن وجد انهم من دون قوة سياسية. واتضح له كما للكثيرين ان القوة تكمن في التكتل، وان احترام الاطياف الاخرى في المجتمع لا يكون الا باظهار القوة، لأنه، وكما يقول « ان هذه البلاد تحترم من يمتلك القوة ولا قوة دون وجود، والتجمع هو بداية اظهار الوجود ليعترف بك الآخر». لذلك، وكما النشطاء الآخرين من العرب والمسلمين، لم يقبل الباشا بالامر الواقع ويتقوقع وينسحب من المجتمع، بل قرر وابناء جاليته خوض المعترك الاجتماعي، ليعترف بهم المجتمع الذي ما زال يجهلهم، «وكان السبيل ليتعرف المجتمع الاميركي علينا ويعترف بوجودنا هو تأسيس المنظمات».
لم يكن اشتراك الباشا في العمل العام عادياً، كأن يكون رقما بين الارقام الاخرى، بل كان نشطا ديناميكيا وربما تكون عادة الانغماس في العمل انسحبت ايضا على مشاركته الاجتماعية فساهم في تأسيس عدد كبير جدا من المؤسسات الاجتماعية، الاسلامية منها بوجه الخصوص، «عندما تكون اقلية كما هو حال العرب في ذلك الوقت، تجد قوتك بالانضمام الى الانتماء الاوسع ليمنحك القوة، وكان الدين الاسلامي رابطا متينا يشدنا نحن المسلمين الى بعضنا البعض.. وبالفعل كان ذلك قوة لنا اذ لم يتخل، يوما، المسلمون من السود او الآسيويين عن الوقوف مع العرب في الدفاع عن قضاياه».
خلاصة تجربتهوبعد اكثر من ربع قرن من العمل العام، يلخص الباشا معرفته بأحوال الجالية العربية بكلمات: «نجح نا على الصعيد المحلي ان نثبت وجودنا وان نعرّف بقية اجزاء المجتمع الاميركي بنا كما في ديربورن، لكن على الصعيد الوطني ما زال امامنا الكثير من العمل كي ننتزع احترام الاخرين وكي يُنظر الينا كجزء مساهم في بناء المجتمع الذي يضمنا جميعا».وعن الذي ينقص الجالية في عملها على الصعيد الوطني لتتغلب على عائق «الجهل بالآخر»، يقول الباشا بأننا «نريد المزيد من المنظمات، المتخصصة منها على الاخص. يجب ان نقدم شيئا الى المجتمع حتى يقبلنا كمساهمين، نحتاج الى عيادات مجانية للفقراء، مثلا، والمزيد من المؤسسات الخيرية والمدنية كاللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز (اي دي سي)». اما فيما يخص العدد غير القليل من المؤسسات العربية الاميركية فيرى الباشا بأن العدد مهما زاد فهذا غنى للمجتمع «وعندما تحقق المنظمات والتجمعات القوة والوجود فانها تشجع العرب الاميركيين الذين ابتعدوا عن هويتهم العربية الاميركية وذابوا في المجتمع الاميركي من الرجوع والظهور مجددا الى الملأ بهويتهم الحقيقية، وكثيرون اعادوا اكتشاف هوياتهم بعد ان اصبح العرب الاميركيون اكثر ظهورا وانحج حركة من ذي قبل».الا ان المشكلة عند افراد كثيرين من العرب الاميركيين تتلخص في انهم «لا يندمجون، يبقون في حالة ذهنية تصور لهم ان اقامتهم في هذه البلاد مؤقتة، لذلك هم لا يشاركون ولا يبدون اهتماما، حتى ان البعض لا يتعلم اللغة. اذا اردنا من المجتمع الاميركي المتنوع ان يعتبرنا جزءا منه، فعلينا نحن اولا ان نعتبر انفسنا جزء منه، ونشارك.. ونقدم العطاءات الانسانية، ولا ننطوي بحجة ان المجتمع يرفضنا فلا احدٌ يرفض احدا هنا».ووسائل الاندماج عند الباشا هي «المشاركة في الانتخابات العامة والحياة السياسية (وظائف عامة وبوليس) وتقديم العطاءات الى المجتمع ككل، وليس فقط الى ابناء جاليتنا».اما ما نراه من حالات عنصرية وتحيز فمرده الى ان «هناك 20 بالمئة من الاميركيين يكرهون كل شيء، يكرهون الايطاليين، المكسيكيين، السود، والفقراء ونحن لسنا بمعزل عن هذا، وهؤلاء يروننا هدفا سهلا، حساء يوميا للكراهية». الا ان المشكلة اصبحت في ان «العداء ضد العرب اصبح من ضمن السياسة الرسمية من خلال قوانين وبرامج الامن القومي ومحاربة الارهاب والعرب هم الهدف لكل هذا، والضحايا لهذه الاعمال هم دائما الفقراء وغير المتعلمين ممن يسهل استغلالهم وتخويفهم. لذلك علينا ان نعمل على مساعدة هؤلاء وتقويتهم وتثقيفهم في مواجهة معرفة حقوقهم، وكلما قويت المؤسسات الاجتماعية كلما استطعنا ان نتغلب على التمييز ضد العرب بالاضافة الى التعاون مع المؤسسات الاخرى من الاثنيات المختلفة».وتبقى الصورة عند الباشا غير قاتمة رغم كل ذلك، فهو يؤمن بأن بالمجتمع الاميركي «من اكثر المجتمعات التي ترغب في مساعدة افراد المجتمع الاخرين وهو مجتمع سخي ويجب ان نوجه اعمالنا نحو هذه النوعية الجيدة من المواطنين لنكسبهم الى جانبنا ونعرفهم على حقيقتنا».
عائلياالباشا، متزوج من سورية (من مدينة حماه) وله خمسة اولاد وبنتين يقطن في مدينة وست بلومفيلد، ميشيغن. يقضي معظم وقته ما بين العمل في مركزه الطبي وبين العمل العام. يعمل لساعات طويلة يوميا ولا يكترث لعدم قدرته على اخذ عطل طويلة طالما مازال قادرا على تحقيق امرين كما يقول: «مؤسسة ناجحة تشكل مصدراً مادياً يجعلني قادرا على دعم قضايا جاليتي، وتنشئة عائلة صالحة بمساعدة زوجتي التي تفرغ كل وقتها لابنائنا. ولولا هذين الامرين، لما استأهل العمل كل هذا الجهد».
مراكز باشا للتشخيص الطبي
– تأسس في 1980 وتغطي خدماته محافظات اوكلاند، ماكومب، ووين – اربعة مراكز طبية موزعة ما بين المدن رويال اوك، ستيرلنغ هايتس، وديربورن. تضم اكثر من 100 موظف وأربعة اطباء اختصاصيين في التصوير الاشعاعي، امراض القلب، الطب النووي واختصاصيو اعصاب.- يضم مركز الباشا بين كوادره اثنيات عديدة مما يؤمن قدرة على التواصل مع المرضى الذين لا ينطقون الانكليزية من الجاليات المختلفة.- يمتلك ميزة العيادة الطبية حيث العناية المباشرة بالاضافة الى ميزة المؤسسة التجارية حيث الافكار الخلاقة، مما انتج مشروعا يتميز بما لا تستطيع ان تقوم به المستشفيات الكبيرة او العيادات الطبية العادية: التركيز على الاهتمام بالمرضى ومنحهم الوقت الذي لا تستطيع المستشفيات الكبيرة توفيرة للمعايدين، وتأمين مواصلات مجانية للمرضى كنوع من العطاء العائد الى المجتمع.- يقدم المركز خدمات استكشاف الجسم البشري بآخر التقنيات ابتداء من التصوير الاشعاعي (الاشعة السينية) الى التصوير ثلاثي الابعاد والذي يستطيع ان يصل الى اي منطقة في الجسم البشري ليصورها بالالوان وبأبعادها.- تفتح مراكز الباشا ابوابها حتى ساعات متأخرة واحيانا حتى الثانية عشرة ليلا بالاضافة الى ايام العطل الاسبوعية، يساعد خصيصا ذوي الاحتياجات الخاصة.
انجازات فـي الحقل العام
– من مؤسسي المركز الاسلامي لديربورن على شارع ديكس، وعضو سابق في الهيئة الادارية.- من مؤسسي المركز الافروأميركي الاسلامي المعروف بمسجد المؤمنين في ديترويت، وعضو سابق في هئيتة الادارية.- عضو سابق في الهيئة الادارية في المركز الاسلامي للشرق آسيويين لديترويت العظمى (آي ايه جي دي) وهي من اكبر المنظمات للمسلمين الشرق اسيويين.- ساعد في تأسيس المركز الاسلامي للسوريين والفلسطينيين في مدينة كومرس.- عضو في هيئة مدراء مركز دراسات الاسلام والديمقراطية.
– عين من قبل حاكم ولاية ميشيغن جون انغلر عضوا في مجلس الحقوق المدنية 1999-2003.- عين عضوا في مجلس شورى الرئاسة في مؤتمر الاديان للسلام في الولايات المتحدة.- عين عضوا في هيئة اكاديمية «اليجا» العالمية للايمان المشترك ومركزها القدس.- شغل منصب رئيس تحالف المسلمين الاميركيين ومستشار اتحاد الاميركيين المسلمين.- عضو في المعهد الاميركي العربي.- مستشار سابق لتجمع المسلمين الاميركيين «تاسك فورس».- الرئيس السابق لمجلس المسلمين الاميركيين (ايه ام سي)، وهي منظمة غير ربحية مركزها في واشنطن العاصمة.- رئيس المؤسسة الطبية الاسلامية-منطقة الغرب الاوسط.- الرئيس السابق لمؤسسة «فرانكلين» الثقافية في ميشيغن.- كان من بين اربعة سفراء مدنيون اختارتهم الخارجية الاميركية ليحملوا رسالة الادارة الاميركية الى المسلمين خارج الولايات المتحدة والتي تعلن ان الولايات المتحدة ترحب بكل الاديان وتكافئ كل المهاجرين الذين يحترمون مبادئها الديمقراطية. وشملت الرحلة الزيارة التي استمرت ثمانية ايام زيارة اوروبا وشرق آسيا والشرق الاوسط وجنوبي الهادي.
Leave a Reply