حسن خليفة – «صدى الوطن»
في أعقاب هجمات أيلول (سبتمبر) الارهابية عام ٢٠٠١، تم وصم ملايين العرب الأميركيين في هذه البلاد بلطخة عار وذلك بسبب فعل حفنة من الإرهابيين المدعين للعروبة والإسلام، وأصبحت وصمة العار هذه تلازمهم في حلهم وترحالهم من دون أن يتمكَّنوا من الفكاك منها في الغالب.
وفي حمأة تلك الأجواء المشحونة استذكر النائب الحالي في مجلس نوَّاب ميشيغن يوسف ربحي –ديمقراطي عن آناربر–، مرارة تلك الأيام التي جعلته مستعداً دائماً لأي مواجهة للدفاع عن ثقافته ودينه منذ أن كان طالباً في المدرسة المتوسطة حين وقعت اعتداءات ١١ أيلول الإرهابية.
ولكن هذه الخبرة واليقظة المستمرة، هي تماماً ما يحتاجه ربحي اليوم «للتصدي لعهد الرئيس دونالد ترامب والأجواء السياسية المشحونة بالكراهية»، بحسب قوله لـ«صدى الوطن».
ربحي، ذو الأصول الجزائرية، ولد في إبسلاني ونشأ في مدارس آناربر العامة ودرس في «جامعة ميشيغن»، التي حصل فيها على درجة البكالوريوس في العلوم البيئية، كما برز في النشاط الطلابي مدافعاً عن البيئة وحقوق العمال.
ترددت أصداء جرأته عندما تم القبض عليه مع 12 من زملائه لرفضه مغادرة مكتب رئيس الجامعة احتجاجاً على استخدام الجامعة للمصانع المستغِلة للعمال في تصنيع الملابس.
انتخب في العام ٢٠١٢ لعضوية مجلس مفوضي مقاطعة واشطنو عن الحزب الديمقراطي بفارق صوتين فقط، قبل أن يعاد انتخابه في العام ٢٠١٤ بحصوله على ٨٠ بالمئة من الأصوات.
إلى لانسنغ
في ذلك العام، التقى ربحي بالرئيس السابق باراك أوباما في «جامعة ميشيغن»، وكان لذلك اللقاء تأثير بالغ على الشاب الطموح، الذي تلمس حينها طريقه نحو طموحاته السياسية المقبلة.
«نحن الناس الذين يحملون أسماء مثل يوسف، وحسين أوباما، بحاجة الى أن نقف سوياً»، استذكر ربحي كلمات الرئيس أوباما له خلال لقائهما في الجامعة على هامش أحد المؤتمرات الانتخابية.
انتخب ربحي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ليمثل «الدائرة ٥٣» في مجلس نواب ولاية ميشيغن، وتشمل الدائرة أجزاء من مدينة آناربر وبلدات بيتسفيلد وسيو وآناربر تاونشيب. وهو أحد ثلاثة نواب ينحدرون من بلدان عربية في مجلس النواب الذي يضم ١١٠ أعضاء.
وإلى جانب ربحي من أصل جزائري، يمثل الديمقراطي عبدالله حمود من أصل لبناني «الدائرة ١٥» عن ديربورن، والجمهوري كلينت كيستو من أصل عراقي «الدائرة ٣٩» عن وست بلومفيلد وويكسوم وكوميرس بمقاطعة أوكلاند.
التحديات شبه اليومية التي واجهها ربحي في سنوات الدراسة، حفزته على الالتزام بالنشاط السياسي الدؤوب داخل إطار العمل الطلابي في «جامعة ميشيغن». ومن ثم في مفوضية المقاطعة، وصولاً إلى مبنى الكابيتول في لانسنغ، حيث يحمل ربحي إليه طموحه وإصراره على الدفاع عن «ما هو صائب» برأيه.
يقول إنه لن يكتفي بالتصويت بـ«لا» على مشاريع القوانين التي يرفضها، بل سيعمل على حث المشرعين الجمهوريين لتغيير مواقفهم من بعض القضايا عبر إيجاد أرضيات مشتركة مع بعضهم.
يقول ربحي (28 عاماً) إنه لطالما اضطر لمواجهة الجهل حول أصوله وثقافته لاسيما عند ترشحه لمفوضية مقاطعة واشطنو، حيث حاول خصومه اضعافه انتخابياً عبر التصويب على أصوله العربية رغم توجهاته الليبرالية، فكتب أحدهم في مقال صحفي«دعونا نتأكد أولاً أنه ليس مدافعاً عن الإرهاب الإسلامي».
يؤكد ربحي اليوم أنه آن الأوان للمواجهة في ساحة أخرى وعلى مستوى أكثر أهمية وتأثيراً.
مواجهة التمييز
يجزم ربحي بأنه لا يلوم كثيراً سكان ميشيغن لعدم درايتهم بالثقافة العربية، وللرد على ذلك يركز جهوده على كسر الحواجز لإيصال حقيقة ثقافة ودور العرب الأميركيين في ميشيغن الى زملائه في المجلس التشريعي لاسيما الذين يمثلون مناطق نائية يكاد ينعدم فيها التنوع العرقي.
وحول «السحابة السوداء» التي يمثلها انتخاب ترامب على مصير المسلمين الأميركيين، يؤكد ربحي على تفاؤله بأن ميشيغن ستكون ولاية أكثر ترحيباً بالمهاجرين.
وفي مسعاه لبلورة أهمية التنوع ومناهضة التمييز العنصري تحت قبة الكابيتول في لانسنغ، يعوّل ربحي على التعاون المشترك مع النائب العربي عن ديربورن، عبدالله حمود. فمنذ أدائه اليمين الدستورية، كثف ربحي نشاطه في أروقة المجلس التشريعي، حيث تقدم بمشروع قانون يلزم مصادر التلوث بتنظيف أثرها على الطبيعة، في حين يسمح القانون الحالي لها بإغلاق المنطقة الملوثة بدل معالجتها.
كما ألقى ربحي كلمة أمام المشرعين ضد قرار الرئيس دونالد ترامب بحظر سفر مواطني سبع دول ذات أغلبية إسلامية، وكذلك قرار معاقبة المدن التي تعلن نفسها «ملاذاً آمناً» للمهاجرين بحرمانها من التمويل الفدرالي.
ويقول ربحي إن ترامب يريد منح الشرطة الضوء الأخضر للتنميط العنصري ويضعها في موقف حرج لتقرر ما إذا كان شخص ما مهاجراً شرعياً أو غير شرعي.
ووفقاً لربحي، فإن «مفتاح الحل لتحقيق نتائج إيجابية في المجلس التشريعي ذي الأغلبية الجمهورية يكمن في تحديد وحشد الأعضاء الجمهوريين الذين يتفقون معنا حول بعض القضايا».
وقال ربحي إن أفضل وسيلة لمنع أي تشريعات مناهضة للمهاجرين في ميشيغن، هي أن يقوم المهاجرون أنفسهم بالاتصال بممثليهم في مجلس الولاية التشريعي، لاسيما إذا كانوا يقطنون في الدوائر التي يمثلها نواب جمهوريون، وذلك للتأثير عليهم لدى التصويت على المقترحات.
كما حثّ ربحي الشباب العرب على الترشح للمناصب العامة والانضمام لوكالات إنفاذ القانون. وأسهب قائلاً إن «مصير مجتمعنا على المحك واذا لم نبادر سيأتي أحد ما ويتخذ القرارات عنا».
Leave a Reply