صخر نصر
لم تكن تلك المهمة الصحفـية التي كلفت بتنفـيذها كغيرها من المهام التي سبقتها، فقد نفذت قبلها المئات داخل سوريا وخارجها، وأجريت تحقيقات ومقابلات وحوارات عديدة لطالما كانت مصدر اعتزاز لي، إلى أن جاء ذلك اليوم السعيد الذي جعل من مهمتي الابرز والاجمل على الاطلاق عندما أبلغت من قبل رئيس التحرير بتجهيز نفسي مع الزميل صالح الصالح والمصور قاسم سليمان للذهاب باكرا إلى لبنان لمواكبة انتصارات المقاومة وتحرير الجنوب .
أسئلة كثيرة كانت تدور فـي ذهني حول تلك المهمة والتي سندخل بها إلى لبنان ومن ثم سنتابع إلى المناطق المحررة ونلتقي الأهالي والناس العائدين إلى بيوتهم وقراهم وربما فعاليات سياسية وحزبية .
انطلقنا فـي الصباح الباكر بعيد شروق الشمس بقليل بسيارة «اللادا» القديمة والتي كان السائق قد جهزها ليلا لتوصلنا إلى وجهتنا، وما إن وصلنا إلى جبال الزبداني حتى بدأت حرارة المحرك بالارتفاع فتوقفنا لبرهة وقمنا بتبريد المحرك بغالون ماء كنا قد أحضرناه خصيصا للسيارة المتهالكة.
عبرنا الحدود باتجاه شتورا حيث من المفترض أن نلتقي النائب قاسم هاشم وهو من أهالي شبعا، قصدناه فـي مكتبه فلم نجده وقيل لنا إنه توجه الى شبعا بعد غياب قسري عنها لاكثر من عشرين عاما حيث كانت تحت الاحتلال الاسرائيلي.
عدنا باتجاه بر الياس لنسلك طريق البقاع الغربي فاوقفنا حاجز للجيش اللبناني فأطلعناه على مهمتنا وطلبنا منه إرشادنا إلى شبعا وإلى المناطق المحررة فأشار الينا بالذهاب خلف سيارة يقودها ضابط لبناني صادفت انها متوجهه الى عين المكان.
قرب مرجعيون توقفنا على الحاجز الأسوأ الذي كانت تتمترس فـيه ميليشا انطوان لحد والذين فروا من المكان مخلفـين وراءهم عتادهم وسلاحهم وحتى امتعتهم الشخصية وقد روى لنا أحد السكان أن هذا الحاجز كان مصدر رعب للبنانيين ولكل من يعبر الحاجز، وكانت السيارات التي تنقل العائدين المنتصرين الذين يتوقفون لالتقاط الصور التذكارية فـي المكان وسط الزغاريد وتوزيع الحلوى والورود من سكان مرجعيون.
فـي راشيا كانت ثكنة ماكان يسمى بـ«جيش لبنان الجنوبي» قد حررت للتو بعد أن هرب منها عملاء لحد ليلا تاركين مستودعا كبيرا للسلاح وقد أحرقه رجال المقاومة وعمد بعض الشبان لإنزال «الآرمة» السوداء عن مدخل الثكنة وسحبوا السيارات والآليات العسكرية التي تركها اللحديون الى جانب عدد من الدبابات والتي توقفت على جانب الطريق وبعضها انزلق الى الوادي المجاور ولم يأل المقاومون والناس جهدا حتى أبعدوا الآليات عن محور الطريق الذي تحول إلى مكان لاحتفال قوافل المنتصرين رافعي العلم اللبناني و اعلام المقاومة .
لم تكن الفرحة بالنصر لتوصف، فكل من قابلناه كان فرحا بالنصر ، إنه لشعور عظيم لايمكن وصفه، والأجمل فـي ذلك كله كانت زيارات قادة المقاومة للأهالي فـي حاصبيا ومرج عيون لتطمينهم وتهنئتهم بالنصر، ووسط الزغاريد ونثر الأرز على السيارات العابرة التي يرفع راكبوها شارات النصر اكتملت فرحتنا بالوصول إلى سفح جبل الشيخ فـي شبعا عندما التقطنا صورا تذكارية مع المقاومين الابطال والذين عرفنا منهم معنى الكرامة والبطولة والإباء.
Leave a Reply