بلال شرارة
على ما يبدو فإن الحلول الممكنة للمسألتين السورية واليمنية قد رحلت الى الصيف القادم حيث أن «الربيع الأممي» الحالي لم يتوصل (ربما عن قصد) الى صيغ نهائية لحلول ملائمة (للمرحلة الانتقالية) توفّر ضمانات للقوى الإقليمية العظمى بحفظ أدوارها ومصالحها من جهة، مع تمكين المكونات السورية وكذلك اليمنية من التوصل او القبول بصيغ الحلول الاممية في هذه اللحظة السياسية.
وكما هو واضح فإن المكونات السورية وكذلك اليمنية لم ولن تتمكن من الحل إلا في التوقيت الدولي المناسب من رسم الاتفاق النهائي. وحالياً فإنه لن يجري سوى الاتفاق على التخفيف قليلاً من معاناة الشعبين الخاضعين لضغوط حصار التجويع والتعطيش، فقد تحول الشعبان في واقع الأمر الى أهداف للرماية بالذخيرة الحيّة -حتى إشعار آخر- وحتى اللحظة التي تهدر فيها القوى الاقليمية امكانياتها وأموالها وعتادها العسكري وكذلك الأمر بالنسبة للقوى غير النظامية (السورية واليمنية) و«الجهاديين الاغراب» يكسب المتقاتلون على الأرض الخبرة اللازمة في افراغ رصاص بنادقهم بأجساد بعضهم البعض.
المكونات اليمنية ستبقى تجتمع الآن باشراف الكويت، وهي في المراحل الراهنة لن تتفق سوى على اطلاق سراح سجناء رأي وعسكريين اسرى وإدخال مواد اغاثية الى مدن وإقاليم يمنية.
وفي اجتماع السابع عشر من الشهر الحالي لأطراف مؤتمر فيينا الخاص ببعث الأمل في الحل السياسي السوري، لم يتم الاتفاق سوى على مواعيد ضبابية لاجتماعات قادمة وتحديد مناطق انتشار «داعش» و«النصرة»، تمهيداً لاطلاق يد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية من جهة والقوة الجوية الروسية من جهة أخرى، لاستخدام مختلف وسائلهما العسكرية والأمنية وإطلاق العنان لعمليات قنص جوية بهدف تقديم غطاء جوي للقوى النظامية وكذلك للقوى المعارضة التي يجري صنعها وبناؤها لتمهيد الطريق لصيغة الفدراليات كأمر واقع، تماماً كما في العراق حيث يحتاج الجيش وجيوش الطوائف والأعراق لترسيم حدود فدراليات الطوائف بعد اعطاء الضوء الأخضر الأميركي للعمليات العسكرية القادمة في الأنبار أو الموصل.
أنا في هذه اللحظة السياسية استعيد عنوان: مئة عام من العزلة (رواية غارسيا ماركيز) بمناسبة مرور 100 عام على اتفاق سايكس بيكو الذي وضعنا على مائدة تقاسم الغنائم وترسيم مستقبل الشرق الاوسط الكبير بين واشنطن وموسكو واستبدال خريطة شرق «سايكس بيكو» بخريطة «كيري-لافروف» يبقى أننا في لبنان نرقص في سهرة النار الجارية على ايقاع الانتخابات البلدية التي تعيد انتاج لبنان على الصورة السابقة.. -ليس وفق قانون الستين- بل على صورة المتصرفية.a
Leave a Reply