عواصم – لم يكن مؤتمر “أصدقاء سوريا” الذي أقيم في اسطنبول مطلع الأسبوع الماضي لمعالجة اثار الفشل الذي أصاب النسخة الأولى لهذا المؤتمر في تونس، سوى جولة جديدة من التصعيد الإقليمي ضد دمشق، التي بدأت أزمتها تسلك مسار الحل عبر خطة المبعوث الدولي كوفي أنان.
خطة أنان التي تبلورت الخميس الماضي، بشكل محرج للتحالف الخليجي-التركي خاصة بعد دعوات مؤتمر اسطنبول لتمويل المعارضة وتسليحها، وفي هذا الإطار اتهم مسؤول سوري، دولا عربية وإقليمية بتغذية حرب أهلية في سوريا، مشيرا إلى أن مواقف بعض الدول هي بمثابة إعلان حرب وعدوان على سوريا، متهما هذه الدول بالسعي لإفشال مهمة أنان، موضحا أن انسحاب القوات من المدن “مشروط باستكمال أنان خطته، عبر الطلب من الدول التي تسلح وتمول بالتوقف عن التسليح والتمويل، وأن يضمن أنان ذلك”. وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه خلال لقاء مع صحافيين في دمشق، ان انان وسوريا والعديد من الدول الأخرى ترغب في إنجاح مهمة المبعوث الدولي، لكن “هذا ليس موقف كل الدول” في إشارة إلى قطر والسعودية وتركيا وربما أيضا الولايات المتحدة.
ومن جهته، أعلن مجلس الأمن، في بيان، دعمه خطة أنان، ودعا السلطات السورية للالتزام بمهلة تنتهي في 10 نيسان (أبريل) الحالي لوقف القتال، و”كل الأطراف بما فيها المعارضة إلى وقف العنف المسلح بكل أشكاله في غضون 48 ساعة من تنفيذ الحكومة السورية” هذا الأمر، محذرا من انه “سيدرس اتخاذ مزيد من الخطوات كما يراه مناسبا” إذا لم يتم هذا الأمر.
وطالب المجلس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتقديم اقتراحات لنشر مراقبين دوليين في سوريا لمراقبة تنفيذ وقف العنف، وذلك بينما وصل فريق بعثة استطلاعية دولية أرسله انان إلى دمشق لتمهيد الطريق لإمكان الاتفاق مع السلطات السورية على هذا الأمر. وقال انان، الذي يزور طهران في 11 نيسان، إن السلطات السورية أبلغته أنها بدأت سحب قواتها تدريجيا من ثلاث مدن، إلا أن تقارير لا تزال ترد مشيرة إلى أن مستوى الضحايا في سوريا “مقلق”. وشدد، امام الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر الفيديو من جنيف، على أن “الجيش السوري والمسلحين يجب أن يوقفوا كافة أعمال العنف بحلول الساعة السادسة صباح 12 نيسان بتوقيت سوريا، إذا التزمت الحكومة بالموعد النهائي لوقف القتال في 10 الحالي”.
وكشفت المصادر أنه خلال الاجتماعين بين الرئيس السوري بشار الأسد وأنان في دمشق، أكد الأول أن أكثر ما يعني سوريا في الوقت الراهن “هو تعزيز سلطة الدولة وحماية المواطنين”، معتبرا في حديثه لأنان أن “أي خطة يجب أن توفر الأمن لمواطني سوريا، ولا تجلب مزيدا من العنف” وهو ما وافق عليه المبعوث الدولي، مشددا على أهمية أن تكون “الدولة السورية طرفا محاورا بحد ذاته في مقابل صعوبة الاتصال بالأطراف الأخرى” في إشارة إلى تشتت المعارضة وتعقد تركيبتها.
وقال دبلوماسي غربي رفيع المستوى، إن الأعضاء الغربيين في المجلس يأملون أن يقدم انان إفادة إلى المجلس في 11 نيسان تعلمهم بما إذا كانت دمشق قد التزمت بالمهلة الأولى أم لا، ثم مرة ثانية في 13 الحالي، بعد انتهاء مهلة الـ48 ساعة التالية. وأضاف ان انان سيكون الشخص الذي يقرر ما إذا كانت سوريا قد التزمت بالمهلة استنادا إلى “أفضل المعلومات المتاحة”.
مؤتمر الأصدقاء
من جهة أخرى، شدد مؤتمر “أصدقاء سوريا” على أن الفرصة المتاحة أمام الرئيس السوري لتنفيذ التزاماته ليست مفتوحة، كما اعترف بالمجلس الوطني السوري باعتباره الممثل الشرعي لكل السوريين والطرف الرئيسي في المعارضة للتفاوض مع المجتمع الدولي وسط دعوات لتسليح المعارضة لم يتبناها البيان الصادر عن المؤتمر الذي أقر بدفع ١٠٠ مليون دولار للمعارضة السورية. واعترف المؤتمر الذي عقد بحضور ممثلين عن 83 دولة، بالمجلس الوطني السوري “ممثلاً شرعيّاً” للسوريين في محاولة جديدة للضغط على النظام السوري، داعياً الى تحرك دولي فوري وعملي لوقف القمع في سوريا. واكد البيان الختامي للمؤتمر “الدعم الكامل لتطبيق” خطة أنان، مطالباً بـ “تحديد جدول زمني لخطواتها المقبلة”.
وفي سياق آخر، تدخلت الشرطة التركية لتفريق متظاهرين مؤيدين للنظام السوري، كانوا ينددون بعقد المؤتمر. وقامت الشرطة بإبعاد المتظاهرين، الذين كانوا يهتفون بشعارات مؤيدة للرئيس الاسد، عن مركز المؤتمرات. واستخدمت شرطة مكافحة الشغب المنتشرة باعداد كثيفة الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين، الذين تحدوا الدعوات الى التفرّق. واصيب العديد من المتظاهرين بأعراض جراء الاستخدام الكثيف للغازات المسيلة للدموع من قبل الشرطة. وأبدى وزير الخارجية الروسي سيرغي معارضته لتحديد أي “مهلة أو إنذار” لدمشق لتطبيق خطة انان، مؤكدا ان “الانذارات والمهل المصطنعة نادرا ما تكون مفيدة”. وأكد لافروف أنه مهما تم تسليح المعارضة في سوريا فإن النظام سيخرج منتصراً من الأزمة وقال إن “أنان تلقى تفويضه من الامين العام للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، وسيعود الى مجلس الامن الحكم على من يطبق قراراته وكيف”.
وسبق “مؤتمر الأصدقاء” زيارة لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للسعودية التقت خلالها وزراء مجلس التعاون الخليجي، بعد أن بحثت مع الملك السعودي عبد الله، التطورات في المنطقة، وعلى رأسها الملف السوري والقضية الايرانية.
Leave a Reply