شهدت مقتل ٢٦٧ شخصاً العام الماضي
ديترويت – «صدى الوطن»
عام 2017 كانت برداً وسلاماً نسبياً على أكبر مدن ولاية ميشيغن حيث شهدت أدنى مستوى لها في عدد جرائم القتل وذلك لأول مرة منذ نصف قرن، إذ لقي 267 شخصاً مصرعهم في جرائم جنائية بالمدينة خلال الأشهر الـ١٢ الماضية، مقارنةً بـ305 قتيلاً عام 2016، حسب ما أعلن قائد شرطة ديترويت جيمس كريغ مطلع العام الجديد.
هذا الرقم، إذا صمد رسمياً أمام مراجعة البيانات الإحصائية، يعد الأدنى منذ عام 1966 حين بلغ عدد القتلى وقتها 214 قتيلاً. علماً بأن عدد سكان ديترويت في ذلك العام كان يفوق 1.5 مليون نسمة، أي بمعدل حوالي 14 جريمة لكل مئة الف نسمة.
أما اليوم فيقدر عدد سكان المدينة –وفق آخر إحصاء رسمي– 673 ألف نسمة، ليبلغ معدل القتل في ديترويت حوالي 40 جريمة لكل 100 ألف نسمة.
غير أنه وبالمقارنة مع عدد الضحايا في عام ٢٠١٦ (305 قتلى)، فإنَّ معدل الجرائم في العام المنصرم يمثل انخفاضاً سنوياً كبيراً بنسبة 12 بالمئة.
ويشار إلى أن أدنى عدد من القتلى سجل في المدينة منذ أحداث ١٩٦٧، كان في العام 2015، حيث لقي 295 شخصاً مصرعهم في ديترويت.
مؤتمر صحفي
ويوم الخميس الماضي عقد رئيس بلدية ديترويت مايك داغن وقائد شرطة المدينة جيمس كريغ مؤتمراً صحفياً في «القسم ٨» أكدا فيه أن الانخفاض الكبير في عدد القتلى خلال العام ٢٠١٧ يعود لثلاثة أسباب رئيسية هي: عملية أمنية باسم «وقف إطلاق النار»، وبرنامج تعاوني مع محطات الوقود والمتاجر في المدينة باسم «الضوء الأخضر»، إضافة إلى التنسيق والتعاون بين المسؤولين في المدينة والولاية وعلى المستوى الفدرالي.
وجاء اختيار «القسم ٨» الواقع على شارع ماكنيكلز في شرق المدينة، بسبب الانخفاض الكبير الذي تحقق في جرائم القتل في الأحياء التي يشرف عليها هذا القسم في غرب المدينة، حيث تراجع عدد القتلى بنسبة ٣٧ بالمئة.
وخص داغن وكريغ بالشكر كلا من مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، ووكالة الكحول والتبغ والسلاح (أي تي أف)، وشرطة ميشيغن وشرطة مقاطعة وين وجهاز المارشال الأميركي، إضافة إلى المنظمات الاجتماعية التي «ساهمت في توفير الموارد لتحقيق هذا الإنجاز».
وشهد العام الماضي توجيه اتهامات لـ١٨٠ شخصاً ينتمون إلى عشر عصابات مخدرات في ديترويت، من قبل الادعاء العام الفدرالي، مما ساهم في كبح معدلات الجريمة في الأحياء التي كانت تنشط بها تلك العصابات.
وقد وصف داغن مكتب الادعاء الفدرالي في ديترويت بأنه الأنشط على الصعيد الوطني.
مبادرتان فعّالتان
داغن وكريغ أيضاً نسبا الفضل في تدني مستوى الجريمة بديترويت عام 2017 إلى تمتين وتعزيز مبادرتين اثنتين هما: «مشروع الضوء الأخضر» الذي يوفر البث المباشر من ٢٣١ محطة وقود ومتجر ومطعم للوجبات السريعة في أنحاء متفرقة من المدينة، والذي من شأنه يوفر للشرطة فرصة مراقبة الأحداث والمطلوبين عبر كاميرات عالية الجودة.
وقد شهد محيط المتاجر ومحطات الوقود المنضوية في برنامج «الضوء الأخضر» تراجعاً بنسبة ١١ بالمئة في معدلات الجريمة العنفية مقارنة بالعام ٢٠١٦. وتعمل بلدية ديترويت على دفع جميع المتاجر التي تبقي أبوابها مفتوحة إلى ما بعد الساعة العاشرة ليلاً، للانضمام إلى المشروع الذي جاء بمبادرة من رجال أعمال عرب أميركيين.
أما المبادرة الفعالة الثانية، بحسب المسؤولين فهي «عملية وقف إطلاق النار» التي انطلقت في القسمين «٥» و«٩» في العام ٢٠١٥، وتوسعت إلى الأقسام «٦» و«٨» و«١٢» في حزيران (يونيو) ٢٠١٦. وقد شهدت المناطق التي تشرف عليها الأقسام المنخرطة في العملية، تراجعاً ملحوظاً في جرائم القتل.
وتخطط شرطة ديترويت لتوسيع «عملية وقف إطلاق النار» لتشمل جميع أقسام المدينة خلال ٢٠١٨.
وتقوم العملية على إنشاء شراكة بين الشرطة والادعاء الفدرالي والادعاء العام في مقاطعة وين لتحديد أفراد العصابات والأفراد الذين قد يرتكبون جرائم أو يكونون ضحايا لها.
وقال كريغ إن العنصر الإجرامي في أحياء ديترويت بدأ بالانحسار، واصفاً مشاهدة كاميرات المراقبة عبر برنامج «الضوء الأخضر» خلال الوقت الحقيقي بأنها أشبه بـ«دوريات الكترونية»، آملاً في أن يتوسع البرنامج إلى ٤٠٠ متجر ومحطة بحلول نهاية العام الجديد.
وحول «عملية وقف إطلاق النار» أبدى كريغ توقعه «أن يُطبق على مستوى كل المدينة بغضون شهر آذار (مارس) المقبل»، حيث أنه يُنفَّذ حالياً فقط على الجانب الشرقي من ديترويت وفي منطقة «القسم ٦» على الجانب الغربي.
وحول تقرير «أف بي آي» عن ديترويت الذي اعتبرها المدينة الأميركية الأكثر خطورة في ٢٠١٧، أكد كريغ لصحيفة «ديترويت فري برس» «أن العدد الإجمالي لجرائم العنف انخفض بنسبة 7 بالمئة في العام الماضي، من 12,936 في عام 2016 إلى 12,038 في عام 2017»، مشيراً إلى أن دائرته تعد لعقد مؤتمر صحفي لبحث احصائيات ومعطيات جرائم 2017 بالعمق، بما في ذلك جرائم القتل.
وكان تقرير صدر عن مكتب التحقيقات الفدرالي في شهر أيلول (سبتمبر) 2017، وصم ديترويت بأنها المدينة الأكثر خطورة من بين المدن الكبرى في الولايات المتحدة، ولكن شرطة ديترويت اعترضت على المعدلات والنسب المأخوذة من عام 2016.
تحسن في المدن الكبرى
ولم تكن ديترويت المدينة الرئيسية الوحيدة من بين المدن الأميركية الكبرى التي شهدت هبوطاً ملحوظاً في نسبة جرائم القتل في عام 2017.
فقد تراجعت معدلات القتل بشكل واضح في مدن نيويورك وشيكاغو وواشنطن خلال 2017 رغم أنها شهدت بعض الحوادث الدامية، وفق استطلاعات نشرتها الصحف المحلية في المدن الأميركية الثلاث.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن 330 جريمة قتل متعمدة وقعت في نيويوك في 2017 مقابل 334 العام الفائت. وهذا العدد هو الأدنى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ويشكل تراجعاً كبيراً مقارنة بـ2,245 قتيلاً في 1990 وشكلت رقماً قياسياً.
ولاحظت الصحيفة أيضاً تراجعا عاماً في عدد حوادث الاغتصاب وسرقة السيارات في أكبر المدن الأميركية.
وفي شيكاغو التي كانت 2016 سنتها الأكثر دموية منذ عشرين عاماً (754 قتيلاً) تراجع هذا الرقم في 2017 بنسبة 16 بالمئة ووصل إلى 650 قتيلاً وفق صحيفة «شيكاغو تريبيون».
من جهتها، أوردت صحيفة «واشنطن بوست» أن العاصمة واشنطن شهدت 250 جريمة قتل في 2017، مقابل 300 في 2016.
وأشار كريغ إلى أنه في السنوات الأخيرة، ساهم التقدم في الطب والإسعافات في خفض أعداد الضحايا على الصعيد الوطني.
لكن هذا التراجع في أعداد القتلى لا ينطبق على كل المدن الكبرى. ففي بالتيمور على الساحل الشرقي ارتفع عدد الجرائم إلى 343 في 2017 بعدما كان 318 في 2016.
كما ارتفعت نسبة القتل المتعمَّد في مدينة سانت لويس، حيث سقط 205 قتيلاً، أي ما نسبته 68.5 قتيلاً لكل مئة الف شخص، وفقاً لصحيفة «سانت لويس بوست ديسباتشر».
Leave a Reply