بلدية ديربورن تفرض شروطاً قاسية على مقهى أراكيل في شرق المدينة
ديربورن – «صدى الوطن»
خلال السنوات القليلة الماضية، أقدمت بلدية ديربورن على إغلاق العديد من الأعمال التجارية على شارع ميشيغن أفنيو باعتبارها نقاطاً جاذبة لمثيري الفوضى والعنف، ومصدر تهديد للسلامة العامة لسكان الجوار، وكان بين تلك المحال التي أغلقت أبوابها مقاه وحانات أبرزها «نار بار» و«ليف لاونج» و«بوست بار»، ومؤخراً فندق «أميركا بست فاليو إن».
وفي الأسبوع الماضي، بات مقهى «360 لاونج» يواجه خطر المصير نفسه، في أعقاب زيادة مضطردة لاستدعاءات الشرطة وشكاوى الجيران من صخب الحفلات الغنائية وحوادث السكر العلني والمشجارات وصولاً إلى العنف المسلح حيث سجلت حادثة إطلاق نار في موقف السيارات التابع للمقهى، في ٧ نيسان (أبريل) الماضي.
وأمام سيل الشكاوى، استدعى مسؤولو المدينة، الأربعاء الماضي، أصحاب «360 لاونج»، قبل أسابيع قليلة من انتهاء مدة صلاحية رخصة التدخين التي تسمح بتقديم الأركيلة للزبائن، والتي ينتهي مفعولها بتاريخ ٣٠ تموز (يوليو) المقبل.
وفي حال عدم تجديد الرخصة، يواجه المقهى عملياً خطر الإفلاس لاسيما وأن أصحابه يعتمدون بشكل أساسي على تقديم خدمة الأراكيل لجذب الزبائن وإقامة الحفلات الغنائية.
وبعد الاستماع إلى تفاصيل الشكاوى ومداخلات أعضاء المجلس والحضور، خلصت الجلسة إلى التصويت بفارق صوت واحد (4–3) لصالح منح «360 لاونج» فرصة شهر واحد، لتنفيذ بعض الشروط، وإلا فسوف يكون مصيره مشابهاً لمقاهٍ وحانات أخرى اضطرت إلى إغلاق أبوابها على شارع ميشيغن أفنيو تحت ضغوط البلدية.
ويشار إلى أن شارع ميشيغن أفنيو يستعد لتحولات كبرى نتيجة استثمارات شركة «فورد» للسيارات التي تحضر لنقل مئات الموظفين إلى مبانيها الجديدة التي يجري تشييدها حالياً على الشارع الحيوي في الوسط التجاري الغربي للمدينة.
شروط البلدية
وتضمنت شروط البلدية على «360 لاونج» توظيف أربعة حراس لحماية الأمن داخل المقهى وفي موقفي السيارات المحاذيين (أحدهما خاص بالمقهى والثاني تابع لمؤسسة تجارية أخرى يستخدمه الزبائن خلال الحفلات الليلية).
كما طلب المجلس البلدي حظر دخول الزبائن وفي حوزتهم أي نوع من المشروبات الكحولية، وكذلك تثبيت كاميرات مراقبة إضافية ونصب إشارات تحذر من ركن السيارات في أوقات معينة، إلى جانب الامتناع عن إقامة الحفلات الغنائية.
ومبدئياً، سيتم السماح للمقهى بالعمل حتى انتهاء رخصة التدخين في 30 تموز (يوليو)، وبعدها يتوجب على المالكين التقدم من بلدية ديربورن لتجديد الرخصة في حال رغبتهم بالاستمرار. في الأثناء، كان أصحاب المكان قد عرضوا المقهى للبيع، وفي حال عدم بيعه سيعقد المجلس البلدي جلسة استماع في الأول من آب (أغسطس) القادم، للبت في الموضوع.
وقد عبر محامي أصحاب المقهى، كلارينس داس، عن «سعادته البالغة» لأن المجلس البلدي أبدى استعداده للتعاون مع المالكين والتوصل إلى قرار، وقال لـ«صدى الوطن»: «هذا يعطي فرصة للمقهى للاستمرار في خدمة المجتمع والجوار، كما يمنح البلدية فرصة لحماية سلامة السكان والمدينة.. أعتقد أنه في نهاية المطاف كان الجميع رابحين».
مواقف الأعضاء
وخلال جلسة الاستماع، أشارت رئيسة المجلس سوزان دباجة إلى أن المجلس لا يتوخى إغلاق المقهى ولكنه يسعى «لضمان أنه مؤسسة تجارية مفيدة للجوار ولا تخلق مخاوف على السلامة العامة في تلك المنطقة وفي عموم المدينة».
وفي إشارة إلى حادث إطلاق النار في موقف السيارات الخاص بالمقهى، أبريل الماضي، شدد عضو المجلس مايك سرعيني على أن «الأعمال التجارية ستتحمل مسؤولية تعرض أحد زبائنها للقتل أو الإصابة».
من جانبها، عبّرت عضو المجلس إيرين بيرنز، عن قلقها من تكرار حوادث العنف وتعاطي المخدرات والمسكرات، مضيفة أن مفتشي البلدية يترددون على الأعمال التجارية ويحررون مخالفات متكررة في كثير من الأحيان، لافتة إلى أنها تجد صعوبة في وضع ثقتها بقدرة المالكين على تغيير مسار الأمور بدون اتخاذ إجراءات من قبل المجلس البلدي.
وقالت «مثالياً، من المفترض أن يشكل العمل التجاري رصيداً للمجتمع ولكنني لم أتمكن إلا من استنتاج أن هذا المكان يستنزف مواردنا بدءاً من إهدار طاقة ووقت عناصر شرطتنا ومفتشي البلدية».
وعلى شاكلة بيرنز، أكدت العضو ليزلي هيريك على وجود علاقة مباشرة بين الحوادث التي سجلت في المقهى والأوقات التي كانت تقام فيها الحفلات الغنائية ليلاً.
العضو توم تافيلسكي، استفسر من أصحاب «مقهى 360» عن أسباب صعوبة تجنب المشاكل في الوقت الذي لا تعاني فيه الأعمال المحيطة شيئاً من هذا القبيل، وقال «إن البلدية تعاونت مع الأعمال المحلية وسمحت لها بفتح أبوابها حتى ساعات متأخرة خلال شهر رمضان الذي لم يشهد أية حوادث عنيفة». وأضاف «لا أريد أن أسمع تلك المبررات التي تقول إن السبب يعود إلى موقع المقهى.. الواقع أننا نعمل بجد مع أصحاب الأعمال لكي نمكنهم من النجاح قدر الإمكان». وتابع «الأمر لن ينجح إذا لم تقم بعمل أي شيء ما عدا مخالفة القانون واستنزاف الموارد وتكديس المال في جيوبك».
بعض أعضاء المجلس البلدي، بمن فيهم مارك شوشانيان، أعربوا عن اعتقادهم بأن فتح أبواب المقهى حتى ساعة متأخرة قد ساهم في جذب الزبائن السيئين، وأكد شاشونيان أنه لن يدعم المقترح–الفرصة (الذي تقدم به المجلس للمقهى)، إذا لم يتم تخفيض ساعات العمل حتى منتصف الليل، بدلاً من الثانية صباحاً.
وفي السياق، أشارت دباجة إلى أن المجلس البلدي ألغى ترخيص فندق «أميركاز بست فاليو إن» الواقع على شارع ميشيغن أفنيو في 5 حزيران (يونيو) وذلك «لأننا بكل بساطة شعرنا بأن أصحاب الفندق لا يهتمون بالجوار»، بحسب تعبيرها.
وبحسب بيانات شرطة ديربورن، شهد الفندق منذ بداية العام الماضي وحتى شباط (فبراير) المنصرم، 55 حالة اعتقال و8 حالات تعاطي مخدرات، بينها أربع حالات جرعات زائدة.
شهادات
عقب الجلسة، قال توفيق مفلحي –أحد مالكي «360 لاونج»: «في الوقت الذي يسبب فيه بعض رواد المقهى اضطرابات، فإن معظم الانتهاكات التي تحدث في المنطقة هي بسبب وجود متجر للكحول وناد للتعري على نفس الشارع»، مستدركاً بالقول إن إدارة المقهى سوف تعمل على تصحيح المشاكل وتتحمل مسؤوليتها عن سلوك الزبائن.
وأشار مفلحي «بعض أعضاء المجلس ربما ليسوا على دراية بنوع العمل التجاري الذي نديره»، لافتاً إلى أن «معظم الأرباح تحصل خلال الساعتين الأخيرتين من الليل وإذا أغلقنا المكان في الـ12 ليلاً فهذا يعني أننا أغلقنا العمل طوال اليوم».
وشهدت جلسة التعليقات العامة، ثناء الجيران على «360 لاونج» باعتباره مفيداً للمنطقة، مؤكدين على «النوايا الحسنة» لأصحابه.
وأكد أحد الجيران –ويدعى هاشم– على أنه ليس من العدالة إلقاء اللوم على المقهى وحده مع وجود متجر كحول وناد للتعري في المنطقة.
واحدة فقط من الجيران أبدت استياءها من وجود «360 لاونج»، حيث قالت آن هوفمان –التي تقطن في شارع خلف موقف السيارات التابع للمقهى– إنها اعتادت الاتصال بالشرطة مراراً وتكراراً بسبب الموسيقى الصاخبة والقيادة الخطرة للسيارات الناتجة عن الازدحام المروري.
وأعادت إلى الأذهان حادثة إطلاق النار التي وقعت أبريل الماضي، وقالت إنها استيقظت على دوي طلقات نارية وعلى جلبة عناصر الشرطة الذين كانوا يبحثون عن ثقوب تلك الرصاصات في جدران المجمع السكني الذي تقطن فيه.
أضافت هوفمان التي تعيش في ديربورن منذ 34 عاماً: «لا يتوجب علي أن أعيش وسط الخوف ولا أن أعيش شعور أنه ينبغي علي امتلاك بندقية لحماية نفسي في حال حصول شيء».
وأكد كبير الحراس الأمنيين في المقهى كيفن سيرز على أن «360 لاونج» يشكل «بيئة صديقة للعائلات» وأنه يحظر على الزبائن تعاطي المسكرات والمخدرات، ولا يقدم لزبائنه إلا الأركيلة والمشروبات الخالية من الكحول.
وحول الحفلات الغنائية، قال سيرز إن تلك العروض تضيف مزايا خاصة إلى المكان الذي يتنافس مع حوالي 12 محلاً آخر تقدم الأراكيل للزبائن في ديربورن، مؤكداً أن «360 لاونج» يوفر مكاناً آمناً لليافعين والطلاب ويقدم لهم بديلاً عن الحانات ونوادي التعري.
وأكد أن حادث إطلاق النار ذا الصلة حصل من قبل مراهق أساء حق حمل السلاح، وقال «لم يحدث مطلقاً أي عراك داخل المقهى ولم نضطر قط إلى رمي أحد الزبائن خارج المكان».
وعندما سألته محامية المدينة ديبرا والينغ عن سبب عدم اتصاله بالشرطة ليلة وقوع حادث إطلاق النار، أجاب بأنه لم يكن لديه الوقت ليفعل ذلك وسط حالة الهياج والفوضى التي أعقبت الحادث.
واقترح سيرز تسيير دورية شرطة قرب المكان لافتاً إلى أن ذلك من شأنه أن يردع السلوكيات الفوضوية.
ضابط في قسم العمليات الخاصة بشرطة ديربورن، أخبر أعضاء المجلس البلدي بأنه وخلال تحقيقاته الخاصة شهد في كثير من الأحيان زبائن يحملون زجاجات الخمر ويدخلون المقهى أمام الحراس، مضيفاً أنه شاهد حوالي 20 شخصاً يدخلون المقهى وفي أيديهم قنانٍ مملوءة بالخمور. وأكد أن السبب الوحيد لعدم اعتقال أي من هؤلاء يعود إلى عدم وجود دوريات متوفرة لدى دائرة شرطة ديربورن في تلك الليلة.
عنصر آخر شارك في التحقيقات، قال إنه شاهد الزبائن يغادرون المقهى وفي أيديهم قناني العصير ويذهبون إلى المتجر المحاذي لاستبدال العصائر بالخمور ثم يعودون إلى المقهى.
مفلحي، أكد في هذا السياق، أنه لم يتم تقديم أي دليل على دخول الزبائن وفي حوزتهم الكحول، كما أن المقهى لم يتلق أية مخالفة بهذا الصدد.
وبدوره أكد مفلحي لـ«صدى الوطن» أنه حضر جلسة الاستماع لإيجاد حل للمشكلة ولكي يؤكد اهتمام «360 لاونج» بسلامة الزبائن والجيران، مشيراً إلى أن بعض أعضاء المجلس البلدي لديهم افتراضات تمييزية، وقال «عندما يجلس أحد عناصر الشرطة لمدة ثلاث أو أربع ساعات بالقرب من المقهى.. فهو إذن يبحث عن مشكلة»، لافتاً إلى أنه إذا كان المكان يسبب الإزعاج للجيران فليس لديه مانع من إغلاقه، وقال «أريد فقط أن نحظى بمعاملة عادلة».
Leave a Reply