مرة جديدة، تقف الجاليات العربية الأميركية أمام استحقاق انتخابي محلي في أماكن وجودها الأبرز والأكثر كثافة في هذه المنطقة من ولاية ميشيغن، بل في الولايات المتحدة عموما.
و”محلية” هذه الانتخابات البلدية والتعليمية في مدن مثل ديربورن وديربورن هايتس، لا تنتقص من أهميتها مقدار شعرة، مقارنة بغيرها من الانتخابات ذات الطابع الوطني الأشمل. ويمكن الجزم بأن المشاركة العربية الأميركية في هذا النوع من الانتخابات تمثل “بارومتر” الاهتمام العربي بالشأن الأميركي العام ومدى قابليتنا لكي نحجز لأنفسنا مكانا ومكانة لائقتين بنفوذنا البارز والمؤثر على الصعيد الاقتصادي، وترجمة هذا النفوذ على مسرح صناعة القرارات المحلية والوطنية.
ويخطئ من يظن أن انتخابات الثالث من نوفمبر القادمة مجرد حدث عابر، نراقب مروره بقليل من الاهتمام وكثير من اللامبالاة، انطلاقا من اعتقاد واهم بأن صوتنا لن يؤثر في مسارات السباقات الانتخابية أو أن نتائجها لن تغير من واقعنا شيئا.
لقد عشنا مع هذا الوهم لسنوات طويلة، وضاعت أصواتنا في زحمة انشغالنا في شؤوننا الاجتماعية والتجارية والإنتاجية بصفة عامة، حتى داهمت الأزمة المالية والاقتصادية أميركا والعالم واستباحت الكثير مما ظنناه “ثوابت” في نمط الحياة والإنتاج، وانعكست آثار هذه الأزمة على كل فرد وكل بيت منا.
يجب أن ندرك أن نظام الحياة الأميركية يخضع لإعادة تشكل تطال معظم أوجهه من أدنى مستوى في صناعة القرارات في بلدة أو مدينة صغيرة إلى أروقة عواصم الولايات ومبانيها التشريعية ووصولا إلى أعلى مستوى من صناعة هذه القرارات في العاصمة واشنطن.
من هذا المنطلق فإن عملية المشاركة في الانتخابات لإيصال الأشخاص الذين يحمون مصالح مجتمعاتنا ترتدي أهمية خطيرة، وليس فقط من الغبن بحق أجيالنا القادمة، بل من الجريمة أن ندع صلاحية صناعة القرارات المتصلة بمستقبلنا في أيد لا تعنيها مصالحنا وخصوصيات أوضاعنا.
ففي مدينة ديربورن على سبيل المثال، وهي عاصمة وجودنا في هذه البلاد وفخر إنجازاتنا وإسهامنا في تطويرها ورفع مستوى الحياة والخدمات فيها، نواجه اليوم اقتطاعات رهيبة من مخصصات المدارس، بما سيتركها مع نقص في التمويل يبلغ حوالي خمسة ملايين دولار، ومثل هذه الاقتطاعات ستنسحب على أجهزة الشرطة والأمن والخدمات الأساسية الأخرى.
لذا فإن إيصال مرشحين يراعون قلقنا ويلتقون معنا في النظرة إلى كيفية التعايش مع هذه الظروف الاقتصادية القاهرة، هو مسألة في غاية الإلحاح وترتقي إلى مستوى الواجب الذي لامناص من تأديته، والذي يعتبر التخلي عنه خيانة لأماني أجيالنا وتطلعاتها نحو تحصيل العلم وخلق فرص العمل لها، وتحصينها من مخاطر التشتت والضياع.
نحن نمتلك في مدينة ديربورن ما يقرب من ثمانية عشر ألف صوت لناخبين عرب أميركيين مسجلين وبإمكانهم إذا أقبلوا على مراكز الاقتراع إحداث دوي انتخابي يصل صداه من ديربورن إلى العاصمة واشنطن.
من هنا نبدأ. فسلّم النفوذ والتأثير يبدأ من الدرجة الأولى صعودا إلى أعلى الدرجات.
ولقد عملت اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي، بلا كلل، منذ تأسيسها على وضع الصوت العربي الأميركي على الخارطة الانتخابية. وها نحن اليوم نستطيع لو أردنا، أن نفرض بإقبالنا الكبير على الاقتراع في اليوم الانتخابي معادلة انتخابية جديدة في هذه المدينة نكون أحد طرفيها المقررين، عوضا عن البقاء على هامش المعادلة واللجوء لاحقا إلى تسول مصالحنا لدى مرشحين لم نسهم في إيصالهم بسبب تقاعسنا وتفضيلنا البقاء في المنزل على التوجه الى مراكز الإقتراع وتركها ملعباً للآخرين لتقرير مصائرنا.
إن صوتنا بات يمثل كرامتنا، ومن يتخلف عن الإدلاء بصوته يسهم في المزيد من إضعافنا وضعضعة وجودنا وتلاشي نفوذنا.
لقد وضعت لجنتكم، بعد لأي وجهد وتمحيص، لائحة بمرشحين مدعومين منها، وإذا أحسنا التصرف والتزمنا أولا بمبدأ المشاركة في العملية الانتخابية، وثانيا بالعمل على إنجاح هذه اللائحة، فإن وجودنا في هذه المدينة وغيرها سيكون محل احترام وموضع استقطاب للطامحين إلى الخوض في الشأن العام، على مختلف المستويات.
صوتنا هو رمز قوتنا. فلنجعل يوم الثالث من نوفمبر القادم منطلقا لبلورة إرادتنا في المشاركة ولتحقيق ما نصبو إليه من مكانة لمجتمعنا وتحصين لأوضاعنا.
الثالث من نوفمبر هو موعدنا وموعدكم مع الواجب. لا تدعوا أصواتكم أرقاما مهملة في حسابات الساعين إلى امتلاك زمام القرار. حولوها إلى أرقام صعبة في أعين المعنيين، وبرهنوا أن مواطنيتكم لا تقل شأنا عن أية مواطنية أخرى.
أقبلوا على مراكز الاقتراع وحثوا أصدقاءكم وجيرانكم وأقرباءكم على الإقبال، فالمسألة باتت أقرب إلى أن “نكون أو لا نكون”!
“صدى الوطن
Leave a Reply