بيروت (رويترز) – انقلبت الفكاهة نقاشا محتدما في بيروت تناول اداب البرامج التلفزيونية وضوابطها وتدخل فيه بعض رجال الدين مطالبين بانقاذ الاعلام “من الفحش”.
وقد عملت محطات التلفزيون المحلية على الاستفادة من ضجر المشاهد اللبناني بالسياسة وميله الى الهرب منها الى المرح واجتذبت ببرامجها الفكاهية نسبة مشاهدة عالية. وهذا ما حققه برنامج “لول” الذي تبثه قناة “أو تي في”.
و”لول” تعبير راج بين الشباب في دردشتهم على مواقع الانترنت ويختصر ما معناه “اضحك بصوت عال”. وبدأ بث هذا البرنامج في الصيف الماضي وهو عبارة عن دائرة داخل الاستديو يديرها رجل وامرأة (هشام حداد وأرزة الشدياق) يطلقان النكات والطرائف ويتناوبان على استضافة فنانين ووجوها لبنانية تتمتع بروح الفكاهة.
غير ان هذا البرنامج تعرض لهجوم بعض رجال الدين وحفز هيئات الرقابة على الاعلام في لبنان على العمل فاجتمع المجلس الوطني للاعلام يوم الاثنين الماضي بحضور ممثلي وسائل الاعلام اللبنانية.
وبدأت موجة الاصوات المعترضة مع بيان لمفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو الذي طالب “بضبط الاعلام وانقاذه من الفحش”، وتواصلت مع بيان اصدره مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني طالب فيه السلطات اللبنانية باتخاذ “اجراءات عملية وسريعة لوضع حد لبرامج الفكاهات البذيئة التي تخدش مشاعر الناس وحياءهم”.
كما تقدم مواطن يدعى فادي انطوان الشاماتي ببلاغ الى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان ضد البرنامج استنادا الى ما ورد في الحلقة التي بثت ليلة رأس السنة واعتبر ان “هذا البرنامج يشكل تعرضا سافرا للاخلاق والاداب ويضرب بالصميم القيم الاخلاقية التي تربى عليها اولادنا ويهدد بصورة مباشرة التضامن الاسري لعائلاتنا”.
وقال هادي محفوظ رئيس المجلس الوطني للاعلام بعد اجتماع الاثنين الماضي “لا شك ان هذا البرنامج -وقد يكون الامر ليس عن سوء نية- اساء في بعض جوانبه الى الذوق العام والى الاداب العامة و”لجأ” الى المبالغة في تمثيل حركات جسدية تصاحب النكتة”.
لكن شادي حنا مخرج البرنامج الذي استحوذ على اعلى نسبة مشاهدة حسب احصاءات مركز “ستات ابسوس” الذي يعني باستطلاعات الرأي قال للصحفيين “هناك من يصعب عليهم التخلي عن السجن الذي وضعوا انفسهم فيه. لكن لا يحق لهم فرض الامر على الاخرين. هناك من يتعامل مع الضحك والفرح مثل الخطيئة”.
وقالت الطالبة دارين الخليل لـ”رويترز” “انها نكات يمكن ان نسمعها في اي مكان فهي ليست من المحرمات. من يحاول منع هذا البرنامج يريد ان يتدخل في الذوق العام ويحدد لنا ماذا يمكن ان نشاهد وماذا يمكن ان نمتنع عن مشاهدته.. هذا بكل بساطة كبت للحريات العامة”.
وتساءل جورج شماس الذي يعمل في مصرف “لماذا تدخل رجال الدين في كل شاردة وواردة في حياتنا. انهم يحصون علينا انفاسنا. ولماذا لا يعرفون ان هناك اختراعا اسمه ريموت كونترول” في اشارة الى أنه يمكن للمعترض على البرنامج الامتناع عن مشاهدته دون المطالبة بمنعه للاخرين.
واستحوذ البرنامج كذلك على اهتمام الكتاب والصحافيين في الصحف اليومية اللبنانية. فكتب بيار ابي صعب في جريدة الاخبار يوم الثلاثاء الماضي “ايها السادة حماة الفضيلة… لقد اخذتم كل شيء حتى المستقبل في هذا الوطن… على الاقل اتركوا لنا الضحك”.
Leave a Reply