أميركا توقع اتفاقاً عسكريا مع صنعاء.. ومخاوف من توترات مذهبية
صنعاء، طهران، الرياض – أخذت “حرب صعدة” الأسبوع الماضي منحى جديداً بعد رفع الرياض وتيرة حملتها العسكرية على المتمردين الحوثيين ودخول طهران على خط الأزمة. الأمر الذي دفع صنعاء الى “رفض اي وصاية ايرانية على مواطنيه الشيعة” مؤكداً ان الحرب على المتمردين الحوثيين الزيديين في شمال البلاد شأن داخلي، وذلك رداً على تصريحات لوزير الخارجية الايراني الذي اكد أن هناك مشكلة في العلاقة بين الحكومة اليمنية والشيعة.
إلا أن الموقف عاد ليأخذ منحى هادئا وذلك عندما دعا وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي “لبذل مساع خيرة لعودة الاستقرار والهدوء إلى اليمن” بعد يوم واحد من تحذيره حكومة صنعاء من “عواقب قمع الشعب اليمني”، وقد طُرحت تساؤلات عن أسباب ما بدا كأنه تغيير مفاجئ في لغة طهران بشأن الحرب المستعرة في صعدة، وهل فرضت موقفها ذاك ضروراتُ المعركة أم أملته معطيات السياسة؟ وبينما يعتقد بعض المحللين السياسيين أن “الموقف الجديد” لطهران كان نتيجة اتصالات حثيثة ومبادرات من أطراف أخرى في المنطقة للجم فتيل التوتر الذي بدا منذرا بإشعال استقطاب طائفي في المنطقة قد لا تحمد عقباه، أصر آخرون على أن ذلك الموقف جاء للمحافظة على حلفاء أساسيين لها في المنطقة بدت بوادر التململ واضحة لدى بعضهم. ويرى البعض الآخر أنه لا جديد في الموقف الإيراني، وأن تصريحات متكي المهادنة التي عبر فيها عن استعداد بلاده “للتعاون مع الحكومة اليمنية” موقف تكتيكي فرضته ساحة المعركة التي بدا فيها أن الخناق يضيق شيئا فشيئا حول عنق المتمردين الحوثيين، خصوصا بعد إعلان السعودية أنها بدأت فرض حصار بحري على جزء من الساحل اليمني على البحر الأحمر لوقف الإمدادات عن الحوثيين.
وكانت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) قد نقلت عن مصدر مسؤول بالخارجية اليمنية أن بلاده تابعت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي بشأن الحرب بصعدة، وهي ترفض مطلقا التدخل في الشؤون الداخلية من قبل أي جهة كانت أو ادعاء الوصاية أو الحرص على أي من أبناء الشعب اليمني. وأكد المصدر في بيان أن ما يجري في محافظة صعدة من مواجهة مع “العناصر الإرهابية المتمردة الضالة هو شأن داخلي يمني وأن اليمن كفيل بحل قضاياه دون تدخل أو وساطة من الآخرين”.
وجاء الرد الرسمي اليمني, بعد ساعات من إعلان متكي استعداد بلاده للتعاون مع الحكومة اليمنية لإرساء الأمن في البلاد. وقال متكي في مؤتمر صحفي إن “الاحتكام للقوة يعقد المشكلة أكثر ولا نتصور أن هذه الأزمة تحل بالطرق العسكرية، ونعتقد أن هناك ضرورة لبذل مساع خيرة لعودة الاستقرار والهدوء لليمن”.
وأضاف الوزير الإيراني أن بلاده تنظر إلى الدول الإسلامية والعربية بحسن نية وتهتم بأمنها ومصالحها. وكان متكي حذر الدول المجاورة لليمن من مغبة التدخل في شؤونه الداخلية، في إشارة للسعودية دون ذكرها بالاسم. وحذر من عواقب “قمع” الشعب اليمني عبر شن حملات عسكرية قائلا إن “من يحاول صب الزيت على نار الفتنة لن يكون بمنأى عن لهيبها وسيدخل الدخان في عيونه. وإن الدعم المالي والتسليحي للمتطرفين والتعامل مع الشعب بأسلوب قمعي تترتب عليه تبعات خطيرة جدا”.
واشنطن تحذر طهران عملياً
وفيما اعتبر رسالة تحذير أميركية عملية لطهران قالت وكالة “سبأ” ان اليمن وقع اتفاقاً مع الولايات المتحدة للتعاون في مجال المخابرات العسكرية والتدريب في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تمرداً يزداد سوءاً في الشمال. وأضافت الوكالة أن البلدين وقعا الاتفاق في صنعاء الثلاثاء الماضي بعد يومين من المحادثات في ثاني جولة من تلك المفاوضات. ونقلت “سبأ” عن رئيس هيئة الاركان العامة اللواء الركن أحمد على الاشول”هذه الجولة حققت نتائج طيبة بأهدافها المشتركة والمتمثلة في تعزيز التعاون للقضاء على الارهاب والتهريب والقرصنة البحرية”. وتخشى الولايات المتحدة والسعودية من أن يتيح القتال في شمال اليمن والنزعة الانفصالية في الجنوب للقاعدة توسيع وجودها في اليمن لتكوين قاعدة جديدة للعمليات بالمنطقة.
دعوة إلى وقف الحرب
ومن جهته، دعا قائد التمرد الزيدي في شمال اليمن عبدالملك الحوثي السعودية الى وقف عملياتها ضد الحوثيين على الحدود مع اليمن نافياً في الوقت عينه اي ارتباط بين حركة التمرد وتنظيم القاعدة او اي “اجندة اجنبية”. وقال الحوثي في كلمة صوتية بثت على الموقع الخاص بالمتمردين “ندعو النظام السعودي الى وقف عدوانه واحترام حسن الجوار وتغيير السياسة التي يستدرجه اليها النظام اليمني وان يدرك ان تصعيد اعتداءاته…ليس لمصلحة البلدين”.
لكن الحوثي اكد انه “اذا استمر العدوان فاننا مضطرون للدفاع عن النفس” داعياً السعوديين الى “التفاهم والاخوة الاسلامية”.
الى ذلك نفى الحوثي اي ارتباط بين جماعته وبين تنظيم “القاعدة” كما افادت بعض التقارير الاعلامية اضافة الى بعض المحللين.
وقال ان القول بارتباط بين الحوثيين و”القاعدة” “محض افتراء فمن الثابت ان بيننا وبين ما يسمى تنظيم القاعدة تبايناً ثقافياً ومنهجياً”.
وقال ان الحوثيين يعتبرون “القاعدة” “مجرد اداة استخباراتية بيد الولايات المتحدة وبعض الانظمة العربية الحليفة لها”.
واكد ايضاً انه ليس هناك “ارتباط بأي اجندة سياسية اجنبية” في اشارة على ما يبدو الى اتهام الحوثيين بالتبعية لايران، واكد ان “من يحاول ان يضفي بعدا مذهبيا لموقفنا فهو كذاب ويسعى الى اثارة الفتنة”. وقال ايضاً “لسنا تكفيريين ولا دمويين”.
وبالنسبة لاساس اندلاع المواجهات مع السعوديين، كرر الحوثي التاكيد بأن لا اطماع للمتمردين بالاراضي السعودية وانهم دخلوا جبل الدخان السعودي “لتطهيره” من القوات اليمنية التي قال ان السعوديين سمحوا لها باستخدام مواقع استراتيجية فيه.
القاعدة تنضم الى الرياض وصنعاء
وفي السياق، قال القيادي في تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب” محمد بن عبدالرحمن الراشد ان الشيعة يشكلون خطرا على الاسلام اكبر من خطر اليهود والمسيحيين وداعيا السنة الى الوقوف بوجههم، وذلك بحسب رسالة صوتية نشرت على الانترنت الثلاثاء الماضي. وقال الراشد في الرسالة التي وزعتها مؤسسة “سايت” المتخصصة في رصد المواقع الاسلامية ان الشيعة “خطرهم على الاسلام واهله اشد من اليهود والنصارى”.
ودعا “الامة ان تقف مع ابنائها الاوفياء … ضد الخطر الداهم عليهم من ايران ومن على ملتهم من روافض المنطقة”. وقال ايضا “الا ترون وتسمعون باطماع الحوثيين في اليمن وزحفهم على اهل السنة في صعدة”.
الوضع الميداني
على الصعيد الميداني، أعلن مصدر حكومي سعودي أن المملكة فرضت حصارا بحريا على جزء من الساحل اليمني على البحر الأحمر لوقف إمدادات السلاح لجماعة الحوثيين. ونقلت وكالة أسوشيتد برس للأنباء عن مسؤول سعودي -طلب عدم الكشف عن اسمه- قوله الثلاثاء الماضي إن القوات المسلحة السعودية أمرت سلاحها البحري بفرض حصار على الجزء الشمالي من سواحل اليمن على البحر الأحمر واعتراض وتفتيش أي سفينة يشتبه في نقلها أسلحة أو رجالا لدعم جماعة الحوثي.
وجاء الكشف عن هذه المعلومات بعد إعلان مساعد وزير الدفاع والطيران السعودي خالد بن سلطان أن بلاده لن توقف ضرباتها الجوية ضد المتمردين الحوثيين قبل تراجعهم عشرات الكيلومترات داخل الأراضي اليمنية. وجدد المسؤول السعودي تصريحات سابقة قال فيها إن القوات السعودية باتت تسيطر على كل المناطق الحدودية ضد المتسللين الحوثيين، في إشارة إلى ما أعلن الأحد الماضي عن استعادة السيطرة على منطقة جبل دخان داخل أراضي المملكة.
بيد أن الحوثيين أكدوا من جانبهم استيلاءهم على مديرية قطاير التابعة لمحافظة صعدة الجبلية شمالي اليمن حيث تجري معظم المعارك مع القوات الحكومية، وبثوا صورا لعتاد ومركبات عسكرية لحرس الحدود اليمني قالوا إنها وقعت في أيديهم.
وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي إن الجيش السعودي واصل منذ الاثنين الماضي قصف قرى يمنية. وأضاف أن المقاتلات السعودية قصفت المناطق الممتدة من منطقة رازح إلى منطقة بركان بعشرات الصواريخ. واتهم سلاح الجو السعودي بقصف مواقع الحوثيين في منطقة الملاحيظ -على بعد سبعة كيلومترات داخل الأراضي اليمنية- بقنابل الفوسفور الأبيض، وأكد أن جماعته وثقت وصورت القصف وستنشره على مواقعها على الإنترنت.
من جهة أخرى قالت مصادر يمنية إن وحدات خفر السواحل أحبطت ما يبدو أنها محاولات مسلحين حوثيين للفرار إلى خارج اليمن عن طريق البحر الأحمر.
Leave a Reply