ديربورن – (رويترز)
ليس سرا في مطعم تهامة اللبناني في ديربورن بولاية ميشيغن ولا في مخابز المدينة ومحلات حلاقتها أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) تحاول تجنيد عملاء أكفاء من الأميركيين العرب يتحدثون العربية، لمساعدتها في الحرب على ما تسميه الإرهاب وفي أفغانستان والعراق، لكن الأمر ليس سهلا فالشك يحكم علاقة العرب الأميركيين بحكومتهم.
وأعلنت الوكالة بصورة غير مألوفة سعيها لتجنيد عملاء في ديربورن وهي أكثر المدن الأميركية كثافة من حيث السكان العرب، ونشرت إعلانات على صفحات كاملة في صحف تصدر بالعربية، وبثت إعلانات تلفزيونية.
لكن رغم ضعف الاقتصاد وارتفاع البطالة في ديربورن، ستجد الوكالة صعوبة بسبب السياسة الأميركية في الشرق الأوسط والمعاملة التي يلقاها الأميركيون العرب.
للمال فقط
يقول حمزة شحادة (48 عاما) وهو لبناني أميركي هاجر قبل 21 عاما، وهو يقضم شطيرة شاورما في مطعم “تهاماز” على شارع وورن “إذا ذهب أحد سيذهب من أجل المال فقط لا عن اقتناع”.
وحسب هنري ميدينا مسؤول التجنيد بالوكالة في الغرب الأوسط الأميركي تنشد “سي آي أي” “تلك المعرفة وتلك اللغة وتلك الألسن والفوارق الثقافية الدقيقة الحاسمة في فهم الخصوم والأعداء بشكل كامل”. وتقول الوكالة إنها في حاجة ماسة إلى متحدثين بالعربية ولغات أخرى.
في إعلان تلفزيوني يظهر حفل عشاء في بيت عربي أميركي مع صوت مذيع يقول “دولتك.. عالمك.. إنهما جديران بالحماية، وظائفُ في وكالة المخابرات المركزية الأميركية”، مع مشاهد مركزة تظهر أن العشاء في مبنى عصري شاهق ثم لقطة للولايات المتحدة من الفضاء.
وفي إعلان آخر يظهر خمسة مهنيين شرق أوسطيين (مهندس وعالم واقتصادي ومحامٍ وأستاذ جامعي) وهم يقولون “نعمل في وكالة المخابرات المركزية الأميركية”.
وتحاول “سي آي أي” “إزالة الغموض المحيط بالوكالة” حسب زهرة روبرتس التي تعمل في التجنيد داخل هذا الجهاز.
تقول روبرتس “لا نريد أن ترى الناس الوكالة فقط كما نراها في الأفلام أو روايات الجاسوسية”.
تكتم
ورفضت الـ”سي آي أي” كشف كلفة حملة الإعلانات أو تفاصيل عن أعداد الأميركيين العرب الذين تريد تجنيدهم. ويرحب زعماء الجالية العربية في ديربورن بفكرة جعل الوكالة أكثر شمولية، لكنهم يقولون إن الناس باتوا أكثر حذرا بسبب استخدام الحكومة التنصت والمرشدين في وسط الجالية. ويضيفون أن التطبيق الصارم لقوانين الهجرة على العرب الأميركيين والتأخير الذي يتعرضون له في المطارات ونقاط الحدود أتى برد عكسي.
“كان يقال للناس أنت تدعى محمد أو أحمد إذًا فأنت إرهابي.. كيف تقنع الناس بتأييد الحكومة عندما يتعرضون لقدر كبير من التمييز؟”، يتساءل أسامة سبلاني وهو لبناني المولد وناشر صحيفة “صدى الوطن” التي تصدر في ديربورن وحملت صفحاتها إعلانات تجنيد للوكالة.
وقال سبلاني إنه قال لمدير الوكالة ليون بانيتا حين زار ديربورن في أيلول (سبتمبر) الماضي “عاملونا كأميركيين نحب أميركا، ولكن هل أميركا تحبنا؟”.
الوطنية والاستياء
وحسب رئيس فرع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في ميشيغن داود وليد، فإن الشفافية ستكون أكثر فائدة من الإعلانات التلفزيونية لإقناع الأميركيين العرب، وكثير منهم “ممزق بين الوطنية والاستياء من سياسة بلادهم في الداخل والخارج”.
ثلث سكان ديربورن البالغ عددهم مائة ألف ينحدرون من أصول شرق أوسطية، وقد بدأ تدفقهم قبل قرن عندما وظّف هنري فورد لبنانيين في مصنع ريفر روج، وازدادت الجالية مع قدوم لاجئين عراقيين كثيرين في السنوات الأخيرة.
في شارع وورن وهو شارع رئيسي يفوق عدد اللافتات العربية عدد اللافتات الإنكليزية، لكن السكان يشكُّون في كون الوكالة ستجد مترشحين كثيرين.
يقول محمد (24 عاما) وهو طالب من أصول ليبية رفض كشف اسمه كاملا “ليس الأمر نقصا في الحس الوطني وإنما المسألة مسألة سياسة خاطئة”.
أما شحادة فيقول إنه سينبه أولاده عندما يكبرون إلى مغبة الالتحاق بالوكالة لأن “الناس سيبغضونهم”.
Leave a Reply