هيفاء الحسيني: تخفيض نسبة تمثيل المهجرين العراقيين إجحاف بحقهم
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
زارت الإعلامية العراقية هيفاء الحسيني، خلال الفترة الماضية، ولاية ميشيغن، والتقت مع العديد من فعاليات الجالية العراقية لاستشكاف أوضاع المهجرين واللاجئين العراقيين والاطلاع على مشاكلهم.
والإعلامية الحسيني ناشرة ورئيسة تحرير صحيفة “المسار” العراقية، وهي أول امرأة عراقية تؤسس صحيفة في العراق.
شاركت الحسيني في العديد من اللقاءات والندوات التي تتصل بنشاطات الجاليتين العراقية والعربية، منها حفل تكريم الصحفيين والإعلاميين العرب الذي أقامه المجمع الإسلامي في ديربورن، والمؤتمر الأول للمنظمة الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان في ديترويت.
حول زيارتها، وتجربتها الصحفية والإعلامية كان لـ”صدى الوطن” هذا اللقاء..
– بداية، ما طبيعة زيارتك إلى الولايات المتحدة، وولاية ميشيغن؟
زيارتي هي بالدرجة الأولى زيارة عمل، لإعداد وتقديم بعض البرامج والندوات التي تتصل بنشاط الجاليتين العراقية والعربية المتواجدتين في ولاية ميشيغن، واستطلاع آراء المهجرين العراقيين الذين يعيشون ظروفاً قاسية ويعانون من مشاكل ومصاعب في مختلف المجالات، فبعض المهجرين يريدون العودة إلى العراق، ولا يملكون حتى ثمن التذاكر، وليس لديهم أمكنة يستطيعون الإقامة فيها في حال استطاعوا العودة، لأن الكثيرين منهم فقدوا منازلهم جراء التدمير، وخسروا مصادر رزقهم وأعمالهم بسبب ظروف الحرب المعروفة للجميع.
– ماذا عن الواقع السياسي، خاصة وأن البرلمان العراقي خصص بعض المقاعد للمهجرين؟
هذه أيضا مشكلة إضافية يواجهها عراقيو المهاجر، فقد تم تخفيض عدد المقاعد التي تمثل المهجرين، وهذا لا يتناسب مع أعدادهم التي تبلغ أكثر من 4 ملايين مهجّر، وثمانية مقاعد من أصل 275 مقعدا هي نسبة مجحفة وغير عادلة.
وقد عقدنا ندوة في المجمع الإسلامي في ديربورن لمناقشة مختلف الصعوبات التي يمر بها العراقيون، وكان ذلك بحضور ممثلين عن أحزاب عراقية وإعلاميين، ورئيس مركز الإعلام العراقي في واشنطن نزار حيدر، والفريق أحمد كاظم، والمستشار مجدي خضوري، والجمعية العراقية لحقوق الإنسان برئاسة حميد مراد، والدكتور عبدالإله الصايغ.. وآخرين
– برأيك، هل تقوم المنظمات العراقية في ولاية ميشيغن، بتقديم خدمات تفي حاجات المهجرين العراقيين؟
المنظمات العراقية الموجودة في ميشيغن تحاول المساعدة قدر الإمكان، وتحاول خدمة العراقيين، ولكنها لا تستطيع القيام بكل شيء لوحدها، ولا بد من وجود دعم لها، وأتمنى على الحكومة الأميركية أن تقوم بمساعدة هذه المنظمات لتحسين ظروف العراقيين الصحية والاقتصادية والاجتماعية..
– وأين هي الحكومة العراقية من هذا الدعم؟
الحكومة العراقية تقدم دعما كبيرا للمنظمات والأفراد العراقيين، وكان ممثلون حكوميون قد التقوا مع الجاليات العراقية في بلدان المهجر، وحثوا العراقيين على العودة، وخصصت الحكومة العراقية مبلغ 1000 دولار لكل من يريد العودة، وتذكرة طائرة، وتوفير فرص عمل، واستئجار بيوت لهم لمدة 6 أشهر، وبالفعل فقد عاد إلى العراق أكثر من 300 ألف عراقي من سوريا، و50 ألف عراقي من الأردن، وآلاف العراقيين من مصر، وكإعلامية أتمنى على الحكومة العراقية أن تولي المهجر العراقي مزيدا من الاهتمام.
-أنت أول امرأة عراقية تؤسس صحيفة في العراق، ما طبيعة هذه الصحيفة، وما مشروعها؟
أسست وأرأس صحيفة “المسار” العراقية منذ العام 2003 بعد سقوط النظام العراقي السابق، وهي صحيفة يومية سياسية وثقافية. تصدر في مدينة الموصل.. حيث المرأة هناك واقعة بين نارين، بين مطرقة الرجل وسندان التقاليد. وقد كان تأسيس هذه الصحيفة بمثابة التحدي الكبير، فهي المرة الأولى التي تصدر فيها امرأة عراقية صحيفة في العراق، وقد تعرضنا للكثير من المصاعب والمضايقات..
– ما طبيعة هذه المضايقات؟
تعرضنا لمضايقات كثيرة ومختلفة، فبيئة الموصل هي بيئة محافظة أصلا وهذا كان مصدرا للكثير من المضايقات والصعوبات، إضافة إلى معاناتنا مع بعض المؤسسات الحكومية العراقية، ولكن أعنف هذه المضايقات هي تلك التي قادتها قوى الظلام والغدر والإرهاب، والتي نتج عنها اغتيال بعض الصحفيات العاملات في صحيفة المسار، إذ اغتيلت الصحفية هند اسماعيل في العام 2004، والصحفية سمر الحيدري في العام 2005، والصحفية سروى عبدالواحد في نفس العام، وفاديا محمد الطائي في العام 2006، وسائق الجريدة. ومع ذلك لم نرضح لتلك المجموعات الإرهابية، فقام الإرهابيون بحرق وتدمير مبنى الجريدة في العام 2007، وقتلوا أبي وأخي وأختي، فغادرت إلى سوريا، وبدأنا بإصدار الجريدة منها.
– أمر غريب أن تكونوا مستهدفين من الحكومة العراقية، ومن المجموعات الإرهابية على حد تعبيرك، وهما على طرفي نقيض، وفي سوريا وضعت في السجن. أين هو موقعكم بالضبط، وكيف تنظرون إلى الوجود الأميركي في العراق؟
نحن في العراق إلى جانب المواطن العراقي وهمومه اليومية، وندين ما جرى في العراق من تدمير وإرهاب، ونضع اللوم على الحكومة العراقية التي ارتكبت الكثير من الأخطاء، وهي لهذه السبب فهي غاضبة منا، وقد قامت بإغلاق مبنى الجريدة ثلاث مرات. كما أننا ندين ونحارب الإرهاب والتكفيريين. وفي سوريا التي قصدتها بعد اغتيال أهلي في العراق، حيث قمت بإنشاء مكتب للجريدة، بعد أخذ موافقة وزارة الإعلام السورية، وافتتحنا مكتباً لقناة “الفيحاء” العراقية، وكنت أدير مكتبها في دمشق. كان عملنا مهنياً وبعيدا عن السياسة من خلال برنامجي “قضية رأي” الذي بث منه حوالي 300 حلقة خلال 5 سنوات. وفي إحدى الحلقات استضفت أحد المسؤولين العراقيين.. الذي قال خلال الحلقة “إن الإرهاب في العراق يأتي من دول الجوار، ومن البعثيين المقيمين في الدول العربية..”. وبعد الحلقة جاءت قوات الأمن السورية، وأوقفوني مع بعض الموظفين، وصادروا أغراضنا، وبقيت 13 يوما في السجن..
– وماذا عن الوجود الأميركي في العراق، كيف تنظرون في الصحيفة إلى هذا الوجود؟
بالنسبة للوجود الأميركي.. نحن مع تحرير العراق من النظام السابق، ولكننا لسنا مع الاحتلال، وقد قام الأميركيون بالكثير من الأخطاء، منذ أن قام الحاكم المدني بول بريمر بجملة من الأمور التي أصبحت معروفة للجميع، فحلت الفوضى، وكان ذلك لصالح الإرهابيين والتكفيريين والبعثيين..
– هناك ميول لدى مسؤولين في الحكومة عراقية لإشراك البعثيين في المؤسسات الحكومية، وهناك مشروع لإعادة النظر في بعض المواد الدستورية ومنها “قانون اجتثاث البعث”؟
ليس لدينا مشكلة مع البعثيين. العراق كله كان بعثيا أيام النظام السابق الذي كان يجبر العراقيين على ملء استمارات الانضمام إلى صفوف حزب البعث، وليس من المعقول محاسبة جميع البعثيين. المفروض محاسبة البعثيين الذين حكموا العراق والذين كانوا سببا في وصول العراق إلى هذه الحالة، أقصد المسؤولين والأمنيين.. هؤلاء علينا محاسبتهم لأنهم قتلوا الكثير من العراقيين وشردوا الكثيرين منهم، وهؤلاء لا نقبل بعودتهم إلى الحكم، أما أصحاب الكفاءات والشرفاء فأهلا وسهلا بهم، والمجرمون غير مقبول بهم.. وهناك اسماء مطلوبة ملطخة بدماء العراقيين، والمادة الدستورية التي تنص على تأسيس هيئة لاجتثاث البعث تقصد هؤلاء الذين أتكلم عنهم، واليوم يوجد الكثير من البعثيين في مواقع المسؤولية ومنهم من هو موجود في الحكومة..
– باعتقادك، كيف سيتعامل العراقيون مع الانتخابات النيابية، هذه المرة؟
لقد تعلم العراقيون من الدرس السابق، والناخب العراقي صحا وسوف يصلح دفاتر الامتحانات لجميع الساسيين، وصناديق الاقتراع هي الحكم بين الناخبين والسياسيين. لقد أصبح معروفا من دمر البلد وسرق ثرواته، ومن يدخل السيارات المفخخة. المشكلة مع بعض السياسيين العراقيين أن ولاءهم ليس للعراق، وأن ولاءهم للدول الإقليمية ودول الجوار، ويعرف الناخب العراقي أن بعض دول الجوار مولت بعض الأحزاب العراقية بملايين الدولارات..
ودعني هناك أبارك للأعضاء في مجلس العراق على الامتيازات الجديدة: الجوازات الدبلوماسية لهم ولعائلاتهم مدى الحياة، الأموال، الحصانة.. كل الخلافات السياسية ذابت وأجمع جميع أعضاء المجلس على تأمين مصالحهم، ونسوا مصالح المواطن العراقي البسيط وحقوقه..
– أخيرا، كإعلامية، كيف تنظرين إلى قضية الصحفي منتظر الزيدي بوصفها قضية أخذت صدى عالميا؟
أولا، أسجل تقديري وإعجابي بالديمقراطية في العراق الذي يضمن الحرية للصحافة والإعلام، فاليوم كل مواطن عراقي يستطيع أن يقول ما يشاء، وأن ينتقد الحكومة وأداءها. وبالنسبة للزيدي، أقول إن ما قام به قام به كإعلامي، ولو قام به كإنسان عادي فهذا حقه. ولكن كإعلامي.. هذا فعل لا يليق بمهنة الصحافة. وقد تكلم الزيدي عن التعذيب الذي لاقاه جراء رمي الرئيس الأميركي بالحذاء، فأقول له ماذا سيكون مصيرك لو أنك فعلت ذلك الأمر أيام صدام؟ وقتها كان صدام سيبيدك ويبيد عشيرتك كلها. أما العراق الحالي فقد حكم على الزيدي بالسجن لمدة 9 شهور فقط، وهذا الأمر لا يمكن أن يحدث في أي بلد عربي.. تخيل أن صحفيا يرشق رئيسا بالحذاء في أية دولة عربية ماذا سيكون مصيره؟
– هناك إصرار في أحاديث العراقيين على تحميل دول الجوار مسؤوليات، تكون أحيانا في غير موضعها، أو سياقها، ما مبرر ذلك؟
العراق دفع ثمنا كبيرا ليصل إلى الحرية والديمقراطية، والديمقراطية لا تروق للدول الاقليمية، وهي تعمل على نشر الفوضى والإرهاب وتعطيل عمل الحكومة العراقية، لإن نجاح العملية الديمقراطية سيؤثر على تلك البلدان، ولذلك فهم يريدون القضاء على الديمقراطية العراقية.
Leave a Reply