خليل إسماعيل رمَّال
٢٢ تشرين الثاني يُفترَض أنه تاريخ «إستقلال» لبنان، وطن الصفة المشبَّهة الذي لم يتمكن منذ بداية ولادته القيصرية العجيبة على يد القابلة الفرنسية غير القانونية، من تأسيس ملامح بلد يقوم على أسس العدالة والمساواة والمواطَنة الحقيقية والولاء للوطن لا للمصالح والطائفة والقبيلة والطبقة السياسية الغنية الإقطاعية والزعامات والسلالات المتوارثة للحكم أباً عن جد من خلال شبكة من المافـيات والمحسوبيات وأخطبوط الموظفـين الموالين للزعيم وليس للوطن وعبر منظومة الفساد والنهب والاحتكار وإساءة استخدام السلطة والرشاوى والنظام الزبائني غير القادر على الحكم إلا بالتدخل الخارجي، والمفتوح والسائب والداعي لكل انواع التدخلات والمخابرات والصفقات والسمسرات والوكالات الحصرية والسرية والاجرامية، والمؤسس لنظام استهلاكي لا إنتاجي تابع لحركة السوق الرأسمالي العالمي المانع لتنشيط عجلة الاقتصاد المحلي والزراعة والصناعة الوطنية والمبقي على البطالة العمالية والعلمية ومنع تكافؤ الفرص فـي الداخل من أجل السفر وتهجير الأدمغة للخارج وخنق شبكة الرعاية الاجتماعية والصحية والتربوية وقتل الديمقراطية عبر انتخابات بقوانين منذ العصد الحجري ومخالفة الدستور والقوانين وتكوين شبكة طفـيلية انتفاعية من نظام الخدمات على أنواعها مع دعارة فكرية وسياسية ووطنية والحروب الأهلية. هذه هي إنجازات دولة «الاستقلال».
لقد عجَّت الكتب بالحديث عن الحقبة السورية التي سماها البعض احتلالاً، وتنطَّع من كان بالأمس فـي خدمة أصغر ضابط مخابرات سوري بالادعاء بأنه بطل التحرير ومقاومة السوريين اليوم. لكن بعد انسحاب الجيش السوري منذ العام ٢٠٠٥، ماذا فعل بالسلطة أحفاد شمشون من ١٤ اذار؟! وهل الإنتداب السعودي أفضل من الاحتلال السوري؟ على الأقل أيام السوريين كانت هناك مقومات دولة أما اليوم فحدِّث ولا حرج.
لفتتني محاضرات فـي مركز «عصام فارس» حول «الحنين إلى فترة الشهابية» باعتبارها شهدت ١٠ سنوات من الاستقرار، ويكفـي أنَّ المحاضر الأول فـيها كان شارل رزق الذي باع القليل من ضمير عنده لجماعة ١٤ لتزكِّيه رئيساً بعد أنْ خان العماد أميل لحُّود ولي نعمته، فخرج من المولد بلا حُمُّص. فـي لبنان لا ينفع اي نظام شهابي أو سليماني بل أنَّ مثالب الشهابية أسوأ من كل العهود إذ يكفـي انها أنتجت «المكتب الثّاني» وجوني عبدو (حليف الحريرية المقرَّب) والياس سركيس وفؤاد بطرس!
هل هذا بلد يستحق الحياة؟! حتى الشعب أصابه هوس الخمول واليأس وأصبح مثل الذين يتولون عليه فلم يعد يحركه شيئاً ولو كان يتعلَّق بحياته ومستقبل اجياله مثل فقدان الأمن الغذائي الذي يهدد صحته، وفقدان الديمقراطية بسرقة النوَّاب لوكالتهم التمثيلية والتمديد لأنفسهم. الثورة الشعبية فـي لبنان من الاف المستحيلات لأنَّ شبه الوطن مزرعة هجينة غير طبيعية مختلة التوازن الجغرافـي والبشري.
عيد استقلال قال. انه استقلال عن الحياة فـي بئس الوطن!
Leave a Reply