خليل إسماعيل رمَّال
محمد جواد ظريف، الدبلوماسي المحلِّق فـي عالم السياسة والمفاوضات الماراثونية، يستحق لقب رجل العام بالرغم من مجلة «تايم» الأميركية، وكذلك جائزة نوبل للسلام بالرغم من اللجنة السويدية، بسبب أعصابه الفولاذية ومهاراته فـي التفاوض نداً بند مع نخبة وصفوة دبلوماسيي الدول الكبرى مجتمعين وبعد سنتين كاملتين من الأخذ والرد وشد الأعصاب والتهديد الصهيوني، الذي تبيَّن أنه نمر من ورق، والحلف النتنياهوي – السعودي الخليجي المشترك واستنفار كل طاقاته وموارده و«لوبياته» من أجل إفشال أي اتفاق مع الجمهورية الإسلامية.
إنَّه يوم تاريخي لإيران بعد حصار ٣٦ سنة وللشعوب التي تثمِّن استقلالها عن الطغمة الإمبريالية العالمية. حتى ولو لم يكن الإتفاق النووي تاريخياً، فإنَّ أي اتفاق يجعل الدماء تغلي فـي عروق نتنياهو ودولة الإحتلال، وعروق آل سعود ومن لف لفهم، هو إتفاق مبارك وممتاز بحد ذاته وفـي صالح قوى محور الخير ضد محور الشر.
لقد انتصرت المقاومة مرتين فـي التموزين، مرةً فـي لبنان عام ٢٠٠٦ ومرةً ثانية فـي فـيينا عام ٢٠١٥. ومهما حلل العواذل بأن الإتفاق ليس فـي صالح الجمهورية الاسلامية وانه جعلها خاضعة لارادة الدول الغربية ورقابتها، إلاَّ أنَّ هذا هراء وأضغاث أحلام (سعد الحريري استخدم هذا التعبير فـي إحدى المرات ولا نعرف ما إذا كان يعلم تفسيره)، ومن قبيل الغيرة القاتلة لأن إيران انتزعت اعتراف العالم بدبلوماسيتها ومصداقيتها وبدورها الإقليمي والدولي الجديد بينما أعداؤها الذين كانوا يسمُّونهم معتدلين، هم غارقون اليوم فـي الحرب والدماء والتطرف وتمويل الارهاب.
ورغم نفاق المشككين فإنَّ الإتفاق النووي سيغير وجه المنطقة للأسباب الآتية:
١- بالرغم من الهجوم اللفظي لأوباما واستحضاره لـ«حزب الله» فإنما هو يفعل ذلك استرضاءاً للجمهوريين الليكوديين المعترضين على الإتفاق النووي حتى قبل قراءته بسبب التزامهم بأوامر رئيسهم الحقيقي نتنياهو، لكن الإتفاق سيمر فـي الأمم المتحدة ثم فـي الكونغرس والبرلمان الأوروبي رغماً عن أنوف المشككين.
٢- بدأت الوفود الأوروبية المعنية بالإعداد لزيارة طهران وبدء الاستثمارات فـيها حتى قبل أنْ يجفَّ حبر الإتفاق مما سيؤدي لجعل إيران قبلة إقتصادية متوهجة خصوصاً بعد الإفراج عن ١٨٠ مليار دولار من أرصدتها فـي وقت تعصف فـيه الأزمات الاقتصادية بدول الغرب، ورفع العقوبات الدولية عنها مما يعني المزيد من الإنتاجية الإقتصادية والسياسية والدعم الإضافـي المعنوي والمادي للحلفاء والأصدقاء وخاصة فـي سوريا والعراق واليمن والبحرين والمقاومة. فإيران حتى اللحظة الأخيرة وقبل إعلان الاتفاق بقيت على موقفها الثابت فـي السياسة الدولية عندما أكَّد المرشد الأعلى السيِّد علي خامنئي على ضرورة الاستمرار فـي النضال ضد قوى الغطرسة العالمية ومعظمها كانت من ضمن وفد المفاوضين.
٣- برهن الإيرانيون عن وجود صبر أسطوري وتأنٍ مثل حياكة السجاد الفارسي وعن عدم التخلي عن المباديء الراسخة، أين منه استسلام وخنوع المفاوضين العرب. فمقارنة سريعة بين ظريف وأنور السادات مثلاً يتبيَّن الفرق حيث باع الأخير قضية فلسطين فـي «كامب ديفـيد»، وأبرم اتفاق ذُل وعار كبَّل مصر لعقود. ولا ننسى الديكتاتور المقبور مدمَّر القذافـي الذي تخلَّى عن برنامجه النووي للغرب مجاناً ومقابل زيارة كوندليسا رايس، التي شغف بها، له فـي خيمته ثم تهكُّمها عليه بعد ذلك فـي كتاب مذكراتها.
٤- فـي مسخ الوطن، الذي مرت فـيه قضية طائرة الاستطلاع الإسرائيلية فوق طرابلس وعلاقة جعجع مع عميل إسرائيلي فـي وثائق «اسرائيل-ليكس» وفضيحة تجول أحمد الأسير فـي صيدا بـ«نيو لوك»، مرور الكرام بدأ التموضع المنافق بغزل اللص فؤاد السنيورة لإيران وهو فـي «البيال» منذ ٣ أشهر فقط لم يبقِ فـيها «ستراً مغطَّى». والسؤال المطروح ان الدولة السائبة التي منعت الأسلحة الإيرانية المجانية عن جيشها، ماذا تقول اليوم ازاء المكرمات الفارغة من آل سعود وهل تستمر فـي الشحاذة منهم؟!
مبروك للجمهورية الاسلامية فـي إيران ومبروك العيدية لمحور المقاومة فـي عيد الفطر المبارك. ولدول محور الشر: موتوا بغيظكم.
Leave a Reply