تقرير أسبوعي من إعداد: وفيقة إسماعيل
تهديدات الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصرالله أفضت إلى تراجع إسرائيل عن التنقيب في المياه الاقتصادية المتنازع عليها مع لبنان قبل وصول الوسيط الأميركي آموس هوكستين إلى بيروت لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. وفي العراق تراوح أزمة الحكم في مكانها، بينما تحث الرياض الخطى نحو التطبيع على وقع زيارة مرتقبة للرئيس جو بايدن. أما القاهرة فيبدو أنها خضعت للإرادة الإثيوبية وبدأت مشاريع تحلية المياه كبديل للنقص المتوقع في مياه نهر النيل.
لبنان
انشغلت الساحة اللبنانية منذ الأسبوع الماضي بالخطوة الإسرائيلية الاستفزازية التي اتخذتها من خلال استقدام سفينة يونانية للحفر والتنقيب عن الغاز في الحقل رقم 29 المسمى «كاريش» أو «قورش»، والذي يقع ضمن منطقة متنازع عليها مع لبنان، وبالتالي لا يحق لإسرائيل البدء بأي عمل في إطار التنقيب أو الاستخراج قبل حسم التفاوض بشأنها.
التراجع الإسرائيلي جاء في بيان مشترك صدر عن وزير الأمن بني غانتس ووزير الخارجية يائير لابيد ووزيرة الطاقة كارين الهرار، ليعطي جرعة من التهدئة، حيث أعلنت إسرائيل رسمياً أنها لن تستخرج الغاز من المنطقة المتنازع عليها مع الجانب اللبناني.
كذلك حرص البيان على ذكر أن المنصة تتموضع في الجزء الإسرائيلي من الحدود وفي منطقة خارج أي تنازع بحري مع لبنان، على بعد عدة كيلومترات إلى الجنوب من حقل «كاريش». خطوة التراجع الإسرائيلي المفاجئة جاءت استباقاً لخطاب الأمين العام لـ«حزب الله»، الذي ركز في كلمته على تمسك المقاومة بكامل الحقوق اللبنانية، مهدداً باستخدام جميع الخيارات المتاحة لحمايتها.
وقال نصرالله الخميس الماضي إن «العدو الاسرائيلي يقول للبنانيين والعالم إنه خلال فترة وجيزة سيباشر باستخراج الغاز وإن هذا حقه الطبيعي ولا نقاش أو جدال حوله»، مؤكداً أن المقاومة لن تقف مكتوفة الأيدي في حماية هذه الثروة التي وصفها بأنها «الأمل الوحيد الكريم المتبقي لإنقاذ لبنان من الوضع الصعب والانهيار».
وشدد نصرالله على أن المقاومة تملك القدرة المادية والعسكرية والأمنية والمعلوماتية واللوجستية والبشرية لمنع العدو من استخراج النفط والغاز من حقل «كاريش».
وأوضح نصرالله أن «حزب الله» لا يتدخل بمفاوضات الترسيم، معتبراً أن المسؤولية تقع على عاتق الدولة.
وتدرك إسرائيل من خلال التجارب السابقة أن تهديدات نصرالله مقرونة بالأفعال دائماً، وهي التي لطالما أشارت وسائل إعلامها إلى صدقيته وجديته!
تل أبيب تلقفت الرسالة، وأكدت من خلال إعلانها الأخير عدم رغبتها في فتح جبهة الشمال، لأنها تعرف حجم الثمن الذي ستدفعه بالنظر إلى الترسانة الصاروخية الضخمة التي يمتلكها «حزب الله»، فضلاً عن تحذيرات أجهزتها الأمنية غير مرة من عدم الجاهزية اللازمة لحرب كهذه، رغم المناورات الضخمة التي أجرتها طيلة الشهر الماضي والتي حاكت حرباً على جبهات عديدة، حيث شهدت إخفاقات في مجالات متعددة تؤكد صوابية تحذيرات قادتها الأمنيين.
بذلك، نزعت إسرائيل فتيل التوتر، بانتظار وصول الوسيط الأميركي في ملف الترسيم عاموس هوكستين خلال الأيام القليلة المقبلة بطلب من السلطات اللبنانية عقب الخطوة الإسرائيلية التصعيدية.
ويعي اللبنانيون تماماً أن الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعانون منها قد تدفع الأميركيين ومن خلفهم الإسرائيليين إلى محاولة لي ذراعهم وربط المساعدة الأميركية وحتى الأوروبية والعربية للبنان بتقديم بعض التنازلات، لكنه رهان يبدو خاسراً بالنظر إلى الإجماع اللبناني على التشبث بالحقوق اللبنانية كاملة غير منقوصة، إجماع وصل إلى حد المزايدة من قبل بعض الأطراف اللبنانيين المعروفين بولائهم للغرب.
العراق
في آخر المجريات المتعلقة بالأزمة السياسية المستحكمة منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وفي محاولة لجس نبض الخصوم، طرح التحالف الثلاثي المكون من التيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، فكرة إجراء تشكيل حكومة انتقالية يرأسها مصطفى الكاظمي تتولى إجراء انتخابات جديدة، لكنها قوبلت برفض قاطع من «الإطار التنسيقي» الذي اعتبرها على لسان أحد نوابه مجرد «تخرصات».
وبذلك ستبقى الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال يومية، وهي موجودة إلى حين الاتفاق على حلّ الإشكاليات العالقة، من انتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى تحديد الكتلة الكبرى واختيار رئيس الحكومة الجديدة وتشكيلتها.
بالتزامن مع ذلك سجل البرلمان العراقي نشاطاً ملحوظاً خلال الأيام الماضية، حيث أقر قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل، بالإجماع، كما أقر بجلسة أخرى برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية»، بحضور 273 نائباً.
السعودية
تحدثت وسائل إعلام أميركية عن زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية نهاية الشهر الحالي سيلتقي خلالها ولي العهد محمد بن سلمان، بعد قطيعة مستمرة منذ تولي بايدن الرئاسة مطلع العام الماضي.
وتحت ضغط الارتفاع الجنوني لأسعار الوقود، تأتي زيارة بايدن رغم تعهده سابقاً بجعل السعودية «منبوذة» وبعدم التواصل مع ابن سلمان نظراً لملف بلاده الأسود في مجال حقوق الإنسان، لاسيما ما أكدته تقارير الاستخبارات الأميركية بشأن اغتيال الصحافي المعارض جمال خاشقجي في اسطنبول.
لكن صحيفة «نيويورك تايمز» أشارت إلى أن الهدف من الزيارة هو «إعادة بناء العلاقات مع مملكة النفط» في وقت يسعى فيه بايدن إلى خفض أسعار المحروقات في بلاده ومحاولة عزل روسيا على الساحة الدولية، وهي تأتي بعد تمديد الهدنة في اليمن وموافقة الرياض على زيادة إنتاج النفط بكميات محدودة.
ودافعت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار عن الزيارة في وجه منتقديها الكثر، وقالت إنه «في حال وجد الرئيس أنها تصب في سياق مصلحة البلاد وأنها يمكن أن تحقق نتائج، فعندئذ سيفعل ذلك».
من جانب آخر، قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير لها إن الرياض «توسّع المحادثات السرية مع القادة الإسرائيليين»، ويمكن لهذه الخطوة أن «تعيد تشكيل سياسات الشرق الأوسط وتنهي عقوداً من العداء بين الدولتين فيما تنشط الولايات المتحدة بلعب دور الوسيط لتطبيع العلاقات بين البلدين».
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين تأكيدهم أن الأمر أصبح «مسألة وقت فقط».
مصر
في خطوة اعتبرها مراقبون خضوعاً مصرياً لإثيوبيا، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده «لم تدخل في صراع مع أشقائها الأفارقة من أجل زيادة حصتها من مياه النيل»، وذلك في أول تعليق رسمي له على إعلان إثيوبيا بدء عملية الملء الثالث لخزان سد النهضة الإثيوبي الصيف الحالي.
وقال السيسي، إن بلاده تقوم بإنجاز برامج خاصة بمعالجة المياه وتحليتها مطابقة لمعايير منظمة الصحة العالمية.
وبينما تتجمد المفاوضات الثلاثية (مصر والسودان وإثيوبيا) منذ نحو عام، تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، غير أن إثيوبيا التي تتمتع بعلاقات وطيدة مع إسرائيل، ترفض ذلك وتؤكد أن سدها الذي بدأت تشييده قبل نحو عقد لا يستهدف الإضرار بأحد.
Leave a Reply