وفيقة إسماعيل – «صدى الوطن»
لبنان
لا يختلف اثنان على أن الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية، التي تتفرع منها أزمة النقد والمودعين، وغلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، والتي يعيشها لبنان على مدى السنوات الأربع الأخيرة، هي الأسوأ في تاريخه ومنشأها ليس آنياً بالطبع، بل مردّه إلى سوء الهندسة المالية في الدرجة الأولى مضافاً إليها العقوبات الأميركية التي تكاد تبلغ حدّ الحصار.
في هذا السياق، أثار قرار وزارة الاقتصاد في لبنان تسعير السلع الاستهلاكية بالدولار الأميركي حالة من البلبلة لدى المواطنين، في وقت رفع فيه حاكم مصرف لبنان، الدولار الجمركي إلى 70 ألف ليرة، وسط استمرار ارتفاع دولار السوق السوداء ليضاعف العبء المعيشي عليهم أكثر فأكثر. ولم تكتفِ الدولة اللبنانية برفع منصة صيرفة من 42 إلى 70 ألف ليرة، والدولار الجمركي من 15 إلى 45 الفاً، حتى جاء قرار وزارة الاقتصاد بتسعير كل السلع بالدولار الأميركي ليعمّق أزمة المواطن ، ولاسيما أولئك الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية وهم الغالبية العظمى.
سياسياً، لا يزال لبنان في حالة انتظار لنضوج الملف الرئاسي، لأن غالبية الأطراف اللبنانيين تدرك أنه لا إمكانية للمعالجة الجدية لهذا النظام إلا من خلال إعادة تكوين السلطة عبر تفاهمات داخلية وغطاء خارجي، واتفاق مع صندوق النقد الدولي، من أجل التعامل مع أزمات الناس.
لكن للخارج الذي اعتاد لبنان أن يكون مصدر الحل لأزماته المتلاحقة، لديه اهتمامات أخرى وملفات أكثر حيوية من الملف اللبناني، الذي لا يعدو حالياً عن كونه أداة للضغط سواء في الملف النووي الإيراني أو الحرب الروسية الأوكرانية.
من جانب آخر، طغى تصريح الأمين العام لـ«حزب الله» عن دعمه ترشيح رئيس «تيار المردة» للرئاسة على ما عداه من المواقف السياسية، على الرغم من أنه كان متوقعاً، وكان قد استبقه رئيس مجلس النواب نبيه بري بإعلان مماثل.
إذن، أعلن نصرالله بصريح العبارة دعم فرنجية، داعياً باقي الأفرقاء إلى تسمية مرشحيهم بغية الوصول إلى المجلس وإجراء انتخابات تنافسية ديمقراطية و«ليفُز مَن يفُز». ردود الفعل تباينت حول كلام نصرالله، لكنه من دون شك ألقى حجراً في مياه الانتخابات الراكدة ما قد يسرّع الوصول إلى إنجازها، وسط أنباء متضاربة حول موقف السعودية من فرنجية، في ظل المسعى الفرنسي الذي لم ينقطع، ومؤخراً جولات السفير السعودي، فضلاً عن حديث مستجدّ من قبل بعض القيادات في «التيار الوطني الحر» عن إمكانية الاتفاق مع «القوات اللبنانية» على مرشح آخر، فيما بدا لافتاً ما نُقل عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لدى استقباله قائد الجيش بالقول: «أهلا فخامة الرئيس».
فلسطين
في محاولة منها لخلق واقع جديد، تشن إسرائيل حرباً شعواء على الضفة الغربية والقدس المحتلتين في هذا التوقيت بالذات، لا لشيء سوى لأن حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة تريد تنفيذ مخططها الاستيطاني في الضفة، وبسط سيطرتها الكاملة على القدس المحتلة، من خلال تخويف الشعب الفلسطيني ومحاولة القضاء على روح المقاومة، عبر ارتكاب المجازر الوحشية، في محاولة منها لحرف الأنظار عن تصدعات وأزمات الداخل غير المسبوقة التي أدت إلى انقسامات كبيرة في الشارع الإسرائيلي.
على وقع تلك الخلافات والاتهامات، تواصلت التظاهرات واتسعت رقعتها داخل إسرائيل، لتشمل مناطق عديدة، إضافة إلى تل أبيب والقدس وحيفا، في تحدٍ واضح لقرار وزير الأمن إيتمار بن غفير، الذي دعم الشرطة باستخدام القوة ضد المتظاهرين والذين أطلق عليهم لقب «الفوضويين».
من جهته، وصف مسؤولون إسرائيليون سابقون حكومة نتنياهو بـ«حكومة إرهاب بكل معنى الكلمة»، بينما ترفض وحدات كبيرة من الجيش والمخابرات الحربية الخدمة الاحتياطية، في حال استمرت حكومة نتنياهو في تشريع خطة إصلاح القضاء، أما زعيم المعارضة يائير لبيد، فيصف بن غفير بـ«المهرّج» الذي يعرّض حياة الشعب والكيان للانهيار والخطر.
أما رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي فقد حذّر نتنياهو من انتشار ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، التي تطورت إلى أبعاد مقلقة. وكان 37 طيار احتياط من أصل 40 في «السرب 69» المسمى «المطرقة»، قد أعلنوا أنهم لن يحضروا إلى التدريب المقرر لهم يوم الأربعاء المقبل، احتجاجاً على ما يسمّونه «الانقلاب القضائي».
ما يتعرض له نتنياهو وحكومته من ضغوط، لا بد أن يقود إلى إضعافه وربما إلى إسقاطه لأنه تجاوز الخطوط الحمر، بالنسبة للكثيرين.
ميدانياً، فجر الخميس نصبت وحدة «ياماس» التابعة لجهاز «الشاباك» الإسرائيلي كميناً لثلاثة مقاومين من «كتيبة جبع» التابعة لـ«سرايا القدس» الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» زعم جيش الاحتلال أنهم كانوا يخططون لتنفيذ عملية ضده.
ومساء الثلاثاء، اعتدى مستوطنون إسرائيليون، على مواطنين فلسطينيين في بلدة حوارة نابلس وحي تل الرميدة، وشارع الشهداء، والسهلة، ووادي الحصين، وحارة جابر، وسط الخليل، في جنوب الضفة الغربية، وأطلق المستوطنون الرصاص الحي على المواطنين، ورشقوهم بالحجارة، واعتدوا عليهم بالضرب وغاز الفلفل والصعق بالكهرباء.
وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت شقيقين وشاباً من منازلهم في حارة بني دار عقب الاعتداء عليهم بالضرب المبرح.
وفي اليوم نفسه، اقتحم عشرات المستوطنين عدة أحياء في البلدة القديمة في الخليل بمسيرات استفزازية، وجابوا شوارعها وأزقتها بحجة الاحتفال بـ«عيد المساخر»، ورددوا هتافات عنصرية وشتائم. أما مساء الإثنين، فقد هاجم عدد من المستوطنين بلدة حوارة، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين الفلسطينيين بجروح.
من جانبها، أعلنت «سرايا القدس–كتيبة جنين» مساء الثلاثاء إسقاط طائرتين مسيّرتين لقوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين، وسط اشتباكات عنيفة مع الجيش الإسرائيلي.
وفي ظل استمرار البطش الإسرائيلي، نفذ فدائي فلسطيني عملية إطلاق نار في تل أبيب مساء الخميس الماضي أسفرت عن إصابة خمسة إسرائيليين قبل استشهاده.
وأعلنت حركة «حماس» أن منفذ عملية تل أبيب الشهيد معتز صلاح الخواجا (23 عاماً) من أعضائها، ووصفته بـ«القسامي البطل»، وذكرت أنه أسير محرر من بلدة نعلين غرب رام الله. وقالت الحركة إن عمليته «جاءت ردّاً على جرائم الاحتلال التي اعتقد أنها تردع شعبنا وتضعف إرادته».
من جانبه، بارك الناطق باسم حركة «الجهاد الإسلامي» طارق عزّالدين «العملية الفدائية»، التي قال إنها «ترسيخ لحق شعبنا في مقاومة الاحتلال». مضيفاً: «لقد حطمت العملية الفدائية، المنظومة الأمنية الصهيونية ووجهت له ضربة في العمق الصهيوني لتؤكد قدرة المقاومة وحيويتها على الاستمرار في الوصول للعدو أينما كان».
بدورها، أكدت مجموعات «عرين الأسود»، في بيان، أن «عملية الشهيد الخواجا هي جزء يسير من عمليات الرد المتواصلة للمقاومة الفلسطينية»، وحثّت الشباب على مواجهة الاحتلال عند اقتحامهم للأراضي الفلسطينية.
سوريا
أفادت مصادر سورية بأن عدواناً إسرائيلياً استهدف فجر يوم الثلاثاء الماضي، محيط مطار حلب الدولي، وذلك من خلال هجوم صاروخي أدى إلى إخراجه من الخدمة.
العدوان جرى انطلاقاً من غرب اللاذقية من فوق البحر المتوسط باتجاه مدينة حلب مستهدفاً مطارها وبالتحديد مدارج المطار لمنع وصول أي طائرات إغاثية إلى المطار خصوصاً الإيرانية. ويأتي العدوان الأخير في ظل إرسال المساعدات الإنسانية من دول عديدة عبر مطار حلب لمنكوبي الزلزال العنيف الذي ضرب سوريا في الآونة الأخيرة مخلّفاً خسائر مادية هائلة في الأرواح والممتلكات.
في الشأن السياسي، تستمر بوادر الانفتاح الدولي على دمشق، وفي هذا الإطار، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن زيادة التواصل مع سوريا قد تمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات بعد عزلة تجاوزت 10 سنوات، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة.
من جانب آخر، بحث وزير الخارجية السوري فيصل المقداد مع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي والوفد المرافق أوجه التعاون القائمة بين الحكومة السورية والمفوضية، وبشكل خاص لمواجهة التداعيات الناتجة عن كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا في شهر شباط (فبراير) الفائت.
أما من الجانب التركي، أكد وزير خارجية أنقرة، مولود تشاويش أوغلو، إن بلاده قدمت ما يترتب عليها من مسؤوليات لضمان إدخال المساعدات الإنسانية للجانب السوري خلال فترة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، وذلك في مؤشر إضافي على الانفراج النسبي في العلاقات بين الدولتين الجارتين.
وصباح الخميس المنصرم، وصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى مطار اللاذقية بعد رحلة قادته إلى تركيا وكانت تهدف إلى زيارة المناطق التي ضربها الزلزال في تركيا وعملية إغاثة المنكوبين.
Leave a Reply