«صدى الوطن» تنشر قصة الرقم المفاجئ
174 ألف و422 فرد فقط هو عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان.
انه الرقم الذي توصلت اليه ادارة الإحصاء المركزي في لبنان بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بموجب تعداد رسمي تم مؤخرا تحت اشراف الدولة اللبنانية، ما شكل مفاجأة لامست حد الصدمة بالنسبة إلى الكثيرين ممن كانوا يفترضون أن عدد اللاجئين يتراوح بين 400 و500 ألف، استنادا إلى تقديرات سابقة لوكالة الاونروا ووزارة الداخلية.
وإزاء هذه الحصيلة التي أتت معاكسة للتوقعات المسبقة، سادت بعض الأوساط السياسية في الداخل اللبناني خشية من أن يكون الهدف المضمر من النتيجة المعلنة هو التمهيد لتوطين الفلسطينيين على قاعدة أن عددهم قليل ويمكن للبنان أن يحتملهم، لاسيما أن الاعلان عن حصيلة الإحصاء ترافق مع اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.
ولكن.. ما هي القصة الحقيقية لهذا التعداد للاجئين، وماذا عن غاياته؟
تؤكد لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني التي تابعت كل مراحل الإحصاء أن هدفه الأساسي يتمثل في إنجاز منظومة من البيانات ذات الجودة العالية والحديثة حول السكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية الموجودة في لبنان، بغية استخدامها لأغراض التخطيط واتخاذ القرارات في ما يتعلق بمعالجة أوضاع اللاجئين وتحسين ظروفهم الاجتماعية والمعيشية، وهو الأمر الذي يستحيل تحقيقه من دون دراسة دقيقة للواقع الديموغرافي في المخيمات والتجمعات الحاضنة للاجئين.
ويوضح المعنيون في اللجنة التي يترأسها الوزير السابق حسن منيمنة –ينتمي إلى تيار المستقبل– أن النتائج الغنية التي تم استخلاصها من الجداول والبيانات الإحصائية ستوضع تحت تصرف اصحاب القرار من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين، والجهات الدولية المسؤولة عن تقديم الخدمات، ومؤسسات المجتمع المدني وكل الجهات المعنية بتحسين أوضاع اللاجئين.
الأول من نوعه
واستند التعداد إلى مذكرة تفاهم وُقعت بين الحكومتين اللبنانية والفلسطينية في 19–10–2016، باشرت بعدها لجنة الحوار بالشراكة مع جهازي الإحصاء اللبناني والفلسطيني في التعداد الذي هو الأول من نوعه منذ 70 عاماً، وبالتالي تطلب إتمامه ورشة عمل كبرى، انخرط فيها أكثر من 1000 شاب وفتاة من أصحاب الاختصاص، سواء في المجال البحثي أو في مجال المسح الميداني.
وواجه العاملون في المسح على الأرض بعض العقبات الحساسة، خصوصاً لجهة صعوبة الدخول إلى المربعات الأمنية المغلقة في عدد من المخيمات، إلا أن التغطية السياسية الواسعة التي حظيت بها مهمتهم، لبنانياً وفلسطينياً، أدت إلى إزالة العوائق والتحفظات، بحيث شمل الإحصاء أيضاً اللاجئين المقيمين في تلك المربعات.
وأظهر التعداد أن 45 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون في المخيمات (12 مخيماً)، بينما يعيش 55 بالمئة منهم في التجمعات والمناطق المحاذية.
ويتركز الوجود الفلسطيني بنسبة 35,8 بالمئة في منطقة صيدا، ثم 25,1 بالمئة في محافظة الشمال، و14,7 بالمئة في منطقة صور، و13,4 بالمئة في منطقة بيروت، و7,1 بالمئة في منطقة الشوف، و4 بالمئة في البقاع.
ويشكل الفلسطينيون حوالي 72,8 بالمئة من سكان المخيمات فيما توزعت النسبة الباقية على الجنسيتين السورية واللبنانية، إضافة إلى جنسيات أخرى متفرقة.
وبيّنت الدراسة الإحصائية أن قرابة 4,9 بالمئة من اللاجئين يملكون جنسية أخرى غير تلك الفلسطينية، وأن متوسط حجم الأسرة يبلغ أربعة أفراد.
كما كشفت عن أن حوالي 7,2 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيون هم أميون، وأن معدل البطالة بين الشباب بلغ 18,14 بالمئة.
وأشارت البيانات الى أن عدد الأسر الفلسطينية في المخيمات والتجمعات قد بلغ ٥٢,١٤٧ أسرة منهم ٧.٢ بالمئة لفلسطينيين متزوجين من لبنانيات و٢.٤ بالمئة للبنانيين متزوجين من فلسطينيات.
المظلة السياسية
وقد حظي الإحصاء بمظلة سياسية لبنانية مستمدة من مجموعة عمل ترأسها الوزير السابق منيمنة، وضمت كلا من:
النائب علي فياض (حزب الله)، النائب عمار حوري (تيار المستقبل)، النائب سيمون أبي رميا (التيار الوطني الحر)، الوزير السابق طوني كرم (القوات اللبنانية)، محمد الجباوي (حركة أمل)، رفيق غانم (حزب الكتائب)، بهاء بو كروم (الحزب التقدمي الاشتراكي).
وتوصلت المجموعة بعد 52 اجتماعاً إلى سلة توافقات حول كيفية مقاربة ملف اللاجئين الفلسطينيين، من أبرزها التشديد على الموقف الحاسم برفض التوطين استنادا إلى الدستور وانطلاقاً من الحرص على المصالح اللبنانية العليا والالتزام بدعم حق العودة للاجئين وسائر الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كأحد موجبات سياسة لبنان الخارجية وانتمائه العربي.
وفي هذا السياق، أكدت مجموعة العمل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، والتزام لبنان القيام بدور دبلوماسي فاعل في هذا الاتجاه، مع تأكيد المسؤولية الدولية في تأمين حل عادل للقضية الفلسطينية ورعاية حقوق اللاجئين وحاجاتهم والتي تشكل وكالة «الأونروا» إحدى تعبيراتها.
واعتبرت المجموعة أن بنود وثيقة الوفاق الوطني ومقررات هيئة الحوار الوطني عام 2006 هي الإطار والأساس للتعامل مع البعد الأمني–السيادي في قضايا المخيمات واللاجئين الفلسطينيين، انطلاقاً من حق لبنان في بسط سيادته على كامل أراضيه من دون استثناء، وحصرية الحق في استخدام السلاح.
وجددت مجموعة العمل، التقيد بما ورد في مقررات مؤتمر الحوار عام 2006 لجهة إنهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومعالجة قضية السلاح داخل المخيمات، مع تأكيد مسؤولية الدولة اللبنانية والتزامها بحماية المخيمات من أي اعتداء.
وأشارت المجموعة إلى ضرورة توحيد الإجراءات الأمنية وأنسنتها حول المخيمات وعلى مداخلها، وتوحيد المرجعية اللبنانية المعنية على هذا الصعيد.
وأكدت مجموعة العمل السياسية تضامنها الكامل مع الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقاومة الاحتلال وفي مواجهة خطط الاستيطان والتهويد وجدار الفصل العنصري.
وأبدت المجموعة التزامها، باسم من تمثل من أحزاب وتيارات سياسية، تنقية العلاقات اللبنانية–الفلسطينية من الآثار السلبية للمراحل السابقة. وأوصت الحكومة اللبنانية بأن تبادر إلى وضع سياسة وطنية متكاملة وثابتة حيال اللاجئين الفلسطينيين على قاعدة حق هؤلاء بالكرامة والأمان، وسيادة لبنان والمصالح المشتركة.
Leave a Reply