لندن، نيويورك – سجلت اسعار الذهب انخفاضا في نهاية السنة الجارية للمرة الاولى منذ العام 2000 وذلك بسبب تراجع المخاوف التضخمية والازمة المالية في منطقة اليورو وتدني الاستهلاك الهندي.
وسجل سعر الذهب تراجعاً نسبته 28 بالمئة مقارنة ببداية السنة. وقد وصلت الأسعار في آخر الجلسات الى دون مستوى ١٢٠٠ دولاراً للاونصة الواحدة، ما يعني أن العام 2013 سجل أول تراجع في سعر الذهب بعد اثنتي عشرة سنة من الارتفاع المتواصل.
وفي تصريح قال ماتيو تورنر، المحلل المختص بالمعادن الثمنية لدى «ماكوري»، إنه «ثمة عنصران مترابطان وراء تراجع سعر الذهب».
واضاف تورنر أن «العنصر الأول هو بالتأكيد هروب المستثمرين الماليين»، فيما تخلص صندوق الاستثمار المدعوم بمخزونات الذهب مما يفوق 800 طن من الذهب في 2013، اي ما يساوي حوالي ثلث ما تنتجه المناجم سنويا من المعدن الاصفر.
واوضح تورنر ان نفور المستثمرين من الذهب «ناجم على ما يبدو عن تضافر عوامل»، منها «النهاية المنتظرة لبرنامج الاحتياطي الفدرالي التحفيزي للاقتصاد الاميركي، وهدوء الاسواق المالية والارتفاع الكبير للاسهم وتبدد الازمة وتراجع التضخم في عدد من البلدان».
ويقول محللو «ناتيكسيس»، في مذكرة، إن السياسة النقدية الاستيعابية للاحتياطي الفدرالي الأميركي كانت في الواقع مع الازمة المالية، أحد أبرز أسباب ارتفاع أسعار الذهب منذ 2008، لأنها «أفضت الى نسب فائدة متدنية تدنيا غير طبيعي، حملت على التخوف من توترات تضخمية على المدى القصير وانخفاض قيمة الدولار».
وعادة يعتبر الذهب الاستثمار الآمن بامتياز، وسيلة حماية من التضخم وتراجع أسعار العملات الصعبة.
لكن ارتفاع أسعار الاستهلاك لم يتجسد حتى الآن في كبرى الاقتصادات الغربية، فيما حذر الاحتياطي الفدرالي الأميركي مسبقاً السوق من أنه ينوي خفض تدابيره للمساعدة الاستثنائية.
فهذا التحذير الذي اطلقه البنك المركزي الاميركي في حزيران (يونيو)، هو الذي ادى الى تراجع سعر الذهب الى 1180 دولارا للاونصة الواحدةِ، وهو اكبر تراجع خلال ثلاث سنوات.
وانتقال الاحتياطي الفدرالي من الاقوال الى الافعال، الأسبوع الماضي، حمل السعر على تسجيل مزيد من التراجع الى مستوى ادنى منذ حوالى ستة أشهر.
وطمأن تراجع الازمة في منطقة اليورو وانتعاش الاقتصاد العالمي في 2013، المستثمرين وسحب منهم الذرائع التي كانت تحملهم على التعامل بالذهب على نطاق واسع.
والعامل الثاني لتراجع المعدن الثمين «الذي لم يلفت الانظار، كان ضعف العناصر الأخرى للعرض والطلب» على الذهب، كارتفاع انتاج المناجم وتراجع مشتريات المصارف المركزية وأيضاً التدابير الحكومية للحد من استيراد الذهب في الهند»، كما قال تورنر.
وسعيا منها الى خفض العجز الخارجي الكبير للبلاد، اتخذت الحكومة الهندية في الواقع عددا من التدابير للحد من عمليات دخول الذهب الى البلاد، فتراجع الاستهلاك الهندي للمعدن الاصفر بنسبة 52 بالمئة بين الربعين الثاني والثالث، حسبما قال المجلس العالمي للذهب.
وأدى الارتفاع الكبير للطلب الصيني الذي يفترض أن يفوق الألف طن هذه السنة، الى تعويض جزء من هرب المستثمرين وضعف الطلب الهندي.
وبذلك انتزعت الصين من الهند لقب المستهلك العالمي الأول للذهب.
وتوقع محللو «كومرسبنك» أن «يكون مستوى الطلب على الذهب في الصين مماثلا في 2014، بفضل ارتفاع الرواتب ونمو طبقة متوسطة وانعدام البديل للاستثمار».
وفي أعقاب التراجع في 2013، من المتوقع أن يستعيد سعر الذهب مستواه العام المقبل، بفضل الطلب الآسيوي والمخاطر التي ما زالت تشكلها السياسات النقدية الاستيعابية المطبقة حاليا في الولايات المتحدة واوروبا واليابان، كما يعتبر الخبراء الاقتصاديون في البنك الالماني.
في المقابل، يعول محللو البنك الوطني الاسترالي على تراجع لسعر الذهب الى 1050 دولاراً للاونصة الواحدة أواخر 2014، بسبب تحسن النمو في أبرز الاقتصادات المتطورة وازدياد طلب المستثمرين على أنشطة أخرى.
وتراجعت أسعار الذهب من 1675 دولارا للأونصة إلى ما يقارب 1200 دولار في الأشهر الستة الأولى من عام 2013 بينما في النصف الثاني من العام انتعش الذهب بشكل جزئي ليرتفع إلى 1400 دولار للأوقية قبل ان يتراجع لمستوياته الحالية عند 1198 دولاراً.
Leave a Reply