فـي السابع من هذا الشهر، أيلول (سبتمبر)، يكون قد مضى 32 عاماً على تأسيس صحيفة «صدى الوطن» التي انطلقت فـي العام 1984 لتدعم نضال الشعوب العربية، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأدواته، وتعزيز الحضور العربي على الساحة الأميركية التي كانت تخلو من أي صوت مدافع عن الحقوق والقضايا العربية. وقد استطاعت الصحيفة خلال العقود الثلاثة الماضية أن تنمو وتتطور حتى باتت تعد واحدة من أهم صحف الأقليات في الولايات المتحدة، كونها مصدراً إعلامياً رئيسياً للقرّاء والصحفـيين والإعلاميين والسياسيين الراغبين بالاطلاع على واقع الجالية العربية فـي الولايات المتحدة وثقافتها وخصوصيتها الحضارية.
لقد اختبرت صحيفتنا خلال مسيرتها الطويلة العديد من المعارك السياسية والمدنية والحقوقية الشرسة فيما يتصل بقضايا العرب الوطنية والقومية، في البلدان العربية أو في مهجرهم في الولايات المتحدة، ولم تتساهل في صد الهجمات المبرمجة ضد وجودهم وثقافتهم ومعتقداتهم الديني.
وإننا نؤكد ونحن على مشارف إطفاء شمعة ميلاد الصحيفة الثاني والثلاثين على أننا سنستمر بهذا النهج مهما كانت الأثمان والتكاليف، ولن نتساهل في الدفاع عن حقوق مجتعماتنا العربية والإسلامية التي تتعرض لحملات كراهية وعنصرية غير مسبوقة، وسوف نواصل -بعزيمة لا تلين- مهمتنا الإعلامية في دحر التهم وتفنيد الدعايات التي تحاول تلطيخ صورتنا ووصمها بتهم الإرهاب الجاهزة.
قبل فترة قليلة، شُنت حملات افتراءات ومكائد مغرضة لتشويه سمعة الجريدة، وذلك على خلفية الانتخابات القضائية في محكمة ديربورن الـ19. وما يحز في نفوسنا، إن تلك الحملات نظمت من قبل أفراد من أبناء جاليتنا، كرسوا أوقاتهم وجهودهم لرشق الصحيفة وناشرها الزميل أسامة السبلاني بمختلف أنواع السباب والشتائم، على وسائل التواصل الاجتماعي، متنكرين لمنجزات هذه الوسيلة الإعلامية التي استطاعت بإمكانيات مالية محدودة، وكثير من التفاني والتضحية، أن تثبت حضورها الإعلامي المميز على الساحة الأميركية، وأن تحصد جوائز معتبرة في الصحافة والإعلام، بحيث أنها لا تحظَ باحترام قرائها فقط، وإنما باحترام خصومها أيضاً.
وماذا عسانا نقول في هذا السياق، سوى أن نردد قول الشاعر العربي:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
***
إن ناشر الصحيفة والعاملين فيها، تعرضوا مرات غير قليلة لانتقادات جارحة على خلفية التغطية الإعلامية لبعض الجرائم وحوادث الانتحار والنشاطات غير القانونية في مجتمع جاليتنا، ولطالما تلقينا سهام الشكاوى الباطلة التي تتهمنا بعدم المهنية والمناقبية، بل إن بعض القراء اتهمونا بنقل أخبار وتقارير غير صحيحة ومعلومات مزيفة، خاصة في حوادث الانتحار. وإننا في هذه المناسبة نعيد التأكيد على أننا حين نتصدى لتغطية مثل هذه الأخبار الحساسة، فإننا نتحرى الموضوعية والدقة المطلقة، وننسب دائما أقوال المسؤولين الحكوميين والرسميين والمصادر الموثوقة إلى أصحابها. ومن نافل القول.. إنه ليس في أجندة الصحيفة أية رغبة في الإساءة إلى أحد من أفراد الجالية العربية، أو تعميق أحزان عائلة فقدت أحد أبنائها.
آخرون اتهمونا بأننا نقوم بالتركيز على الأخبار السيئة في مجتمع جاليتنا، وهذه تهمة أخرى يمكن دحضها بقليل من العدل والموضوعية، إذ لطالما زخرت صفحات جريدتنا بأخبار المبرزين والناجحين من أبناء الجالية، وفي مختلف المجالات الاقتصادية والرياضية والأكاديمية وغيرها الكثير.
لقد غيرت وسائل التواصل الاجتماعي المفهوم التقليدي للصحافة في أذهان الكثير من الناس، فالمواقع الالكترونية المتاحة أمام القراء في مختلف أنحاء المعمورة قد منحت الكثيرين منصات لنشر أخبار مزيفة ومفبركة بهدف اجتذاب تلك المواقع للمزيد من الزوار. ونحن أمام هذا الواقع الإعلامي الجديد نؤكد على أننا ملتزمون بالحقيقة ونقلها، ولا شيء غيرها، من دون تحيز، ومن دون زيادة أو نقصان، وسوف نستمر في الوقوف إلى جانب الجماهير العربية وحقوقها الوطنية والقومية، ولن نحيد عن هذا المبدأ مهما كانت الأكلاف أو المغريات. وفي الوقت ذاته، سنبقى قناة تواصلية لتعزيز الحوار والتشجيع على الوحدة، وسوف تبقى صفحاتنا مفتوحة أمام المواقف الآراء الأخرى، بما فيها تلك تختلف عن رأينا أو موقفنا من هذه المسألة أو تلك، وليست لدينا أية شروط مسبقة للنشر، سوى الشروط الفنية الضرورية للعملية الإعلامية، وعدم الإسفاف والتجريح المغرض بالآخرين.
لقد أثبت الواقع أننا نقف على أرض صلبة وأننا نسير في الاتجاه الصحيح، ففي الوقت الذي تعاني فيه الكثير من الوسائل الصحفية والإعلامية، من الأزمات الخانقة التي تصل إلى حد التوقف عن النشر، فإن «صدى الوطن» تزداد انتشارا يوما بعد يوم، وما من سر وراء ذلك سوى التزامنا بأن نكون مرآة لقرائنا الذين تضاعفت أعدادهم في السنوات الأخيرة، لتصل في بعض الأسابيع إلى عدة ملايين من المتصفحين الالكترونيين، داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وفي هذا السياق تعمل ادارة «صدى الوطن» على تحديث موقعها الالكتروني الذي سينطلق بنسخته الجديدة قريباً.
وفي هذا الإطار، يسرنا الاعتراف بأن استمرارنا يعود فـي جزء كبير منه إلى دعم القراء والتفاف المجتمع العربي الأميركي عموماً، ولهؤلاء جميعا نرفع أسمى آيات الشكر والعرفان، من دون أن ننسى الفضل الكبير لأصحاب الأعمال العربية الذين يواظبون على الإعلان على صفحات جريدتنا..
مستمرون بالأمل، بكم ومن أجلكم.
32 عاما.. ونزداد شباباً وثباتاً!
Leave a Reply