يوم الخميس، 7 أيلول (سبتمبر) الماضي، أطفأت «صدى الوطن» شمعتها الـ33، وهي أشد إيماناً بالشعار الذي رفعته منذ اللحظة الأولى لانطلاقتها، بأن تكون «صوت العرب في أميركا الشمالية»، وأن تكون –كذلك– صدىً لصوت العرب في أوطانهم الأم.
عندما ولدت فكرة الصحيفة عام 1984 بالإمكانيات المادية والتقنية الضئيلة التي كانت متاحة آنذاك، كان الحلم بمقارعة الخطاب الإعلامي الأميركي، يبدو بعيد المنال في بلد يمتلك أضخم الترسانات الإعلامية في العالم، والتي لا تدخر أي جهد، ولا تفوّت أية مناسبة، لتظهر دعمها للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي العربية وتبرير عدوانها على لبنان في اجتياح ١٩٨٢. وبعد ما يزيد عن ثلاثة عقود، لم يتغير المشهد كثيراً في أوطاننا الأم وراءَ البحار، بل ازداد خطورة وشراسة وتعقيداً، أما حال العرب والمسلمين الأميركيين، فلا يبدو أفضل بكثير بعد عقود طويلة من التضليل والتشويه الإعلامي الممنهج ضدهم، والمصمَّم –عن سابق إصرار وترصد– لشيطنتهم ووصمهم بالإرهاب والتشكيك بوطنيتهم وولائهم لوطنهم الجديد، أميركا.
بل إن صورة العرب والمسلمين الأميركيين أصبحت أكثر تلبداً مع انتشار الإرهاب وتوسع نشاطاته التي بثت الذعر والصورة المشوهة للإسلام في العالم، حتى وجدت «صدى الوطن» نفسها أمام مهمة أكثر تعقيداً بكثير من مهمة إبراز الحضور العربي والثقافة العربية والرأي العربي في الولايات المتحدة. فقائمة التحديات اليوم تطول من الدفاع عن حقوق الشعوب العربية في الحرية والاستقلال وتقرير المصير ومقاومة الاحتلال، إلى مهمة الدفاع عن العرب الأميركيين وحماية حقوقهم المدنية والدستورية في حقبة «الإسلاموفوبيا» والهزات السياسية.
خلال العقود الثلاثة الماضية، خاضت الصحيفة الكثير من المعارك الصغيرة والكبيرة لإنجاز مهمتها ودورها الذي ولدت لتأديته، فنجحت «صدى الوطن» بجدارة في رفض قمقم التعصب والعنصرية والتبعية، محافظة على استقلاليتها ومصداقيتها ومهنيتها، رغم جميع العقبات والأزمات والتحديات التي قابلتها.
واليوم تتربع «صدى الوطن» بتواضع على قمة الإعلام العربي الأميركي، فهي الصحيفة العربية الأكبر والأقدم والأوسع انتشاراً في الولايات المتحدة.
ومن عرينها في ديربورن، المدينة أسهمت «صدى الوطن» في تشكيل وجهها الاجتماعي ودورها الحضاري الفريد كعاصمة للعرب الأميركيين، تحافظ الصحيفة، بجهود العاملين فيها، على الصدور بانتظام، باللغتين العربية والإنكليزية، متجاوزة كل التحديات التي أحالت صحفاً ورقية عالمية ذات إمكانات عملاقة إلى هباء منثور.
وفي زمن غيرت فيه وسائل التواصل الاجتماعي المفهوم التقليدي لـ«صاحبة الجلالة» عبر توفير منصات للمتصفحين عبر العالم لبث ما شاؤوا من أخبار مفبركة ومزورة بهدف اجتذاب المزيد من الزوار والمعجبين. تتمسك «صدى الوطن» بالصحافة الجادة والمهنية على الرغم من الواقع الإعلامي الجديد. كما نؤكد لقرائنا بأن موقع الصحيفة الإلكتروني وصفحاتها على موقعي «فيسبوك» و«تويتر» لن تنحدر إلى السطحية والإسفاف سعياً وراءَ زيادة الإعجابات واستدراج التعليقات. وقد أثبتت التجربة أننا نقف على أرضية صلبة وأننا نسير في الاتجاه الصحيح، فموقعنا وصحفاتنا الالكترونية تواصل نموها وتجتذب عشرات آلاف المتصفحين من ميشيغن وجميع أنحاء العالم.
في الختام، لا بد من التأكيد على أن نجاح الصحيفة عبر العقود الثلاثة الماضية، لم يكن مجرد نجاح إعلامي معزول عن المجتمع العربي الأميركي، تحديداً في منطقة مترو ديترويت، ولأبناء هذا المجتمع نتقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان على دعمهم والتفافهم حول الصحيفة والقضايا العربية، دون أن ننسى الفضل الكبير لأصحاب الأعمال التجارية الذين يواظبون على الإعلان على صفحات «صدى الوطن» ويشكلون سنداً لمسيرتها واستمراريتها!
Leave a Reply