تنتظر اميركا على احرّ من جمر يوم الرابع من نوفمبر القادم لانتخاب رئيس جديد في ظل ظروف اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة من حيث وطأتها، مما يجعل من هذه الانتخابات واحدة من اكثر المحطات الرئاسية الاميركية اهمية منذ عقود طويلة، إذا لم تكن أهمها على الإطلاق.
ويعقد على هذه الانتخابات الكثير من الآمال من اجل احداث تغيير في المجرى السلبي للواقع الاميركي برمته، وعلى كل الصعد، الداخلية والخارجية، يعيد وضح الامور في نصابها، بعدما امعنت الادارية الجمهورية المغادرة، وعلى مدى ثماني سنوات في ممارسة سياسات كارثية شهدنا اخطر تجلياتها في الاسابيع الاخيرة متجسدة بالازمة المالية وتداعياتها المتواصلة التي لا يمكن التنبؤ بالمدى الذي ستصله، اذا لم يحدث التغيير المطلوب.
و«صدى الوطن» التي عودت قراءها باستمرار على الاضاءة على المرشحين ومواقفهم ودعم احدهم بعد غربلة ودراسة الخيارات المتاحة امامنا كعرب اميركيين، تتوجه في هذه الظروف الحرجة التي تعيشها اميركا وتشمل بخطورتها جالياتنا العربية كجزء لا يتجزأ من النسيج الاميركي، الى كل الناخبين والناخبات ومن كل الاعمار وتهيب بهم ان يبرهنوا عن حس عال بالمسؤولية عبر المشاركة الكثيفة في هذه الانتخابات التي سوف تقرر نتائجها وجهة الكثير من القضايا على مختلف الصعد.
و«صدى الوطن» اذ يؤلمها ان كلتا الحملتين الانتخابيتين، الديموقراطية والجمهورية، لم تول العرب الاميركيين الاهتمام المطلوب باشراكهم في فعالياتها، تجد لزاماً عليها ان تنظر الى هذه الانتخابات من زاوية مختلفة، متخطية الشعور بالمرارة الذي خلفه تجاهل المرشحين الديموقراطي والجمهوري للعرب الاميركيين، للتشديد على حقيقة لا مفر من تكرارها، وهي ان المشاركة في العملية الانتخابية، بصرف النظر عمن ندلي بصوتنا لصالحه، هي «تأشيرة» دخولنا الى دائرة صناعة القرارات، فكيف اذا كانت القرارات بحجم التحديات الماثلة امامنا وامام هذه البلاد التي ارتضيناها وطناً لنا ولأبنائنا وبناتنا.
اننا نعتقد مخلصين بأن كلا المرشحين عبّر عن تقصير فاضح بحق الوجود العربي الاميركي في هذه البلاد، ولكن لومنا للمرشح الديموقراطي باراك اوباما اكبر واشد لما يمثله هذا المرشح من تطلعات ووعود بتغيير ينتظره الاميركيون ويتصل بقضايا البطالة المستشرية التي احتلت اعلى درجات سلم الاولويات في ظل التطورات المالية الراهنة وانعكاساتها على حياة الملايين منهم.
واذا كان مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين لا يمثل خياراً انتخابياً صائباً بالنسبة لنا كعرب اميركيين، كما لشرائح كبيرة من اخوانهم، لاسباب لا حاجة للاستفاضة في شرحها، نظراً لمثول تجربة حزبه البائسة في الادارة خلال ولايتين رئاسيتين متعاقبتين، فإن المرشح الديموقراطي باراك اوباما يظل، رغم كل ملاحظاتنا على مواقفه السلبية من قضايا العرب وعلى رأسها القضية الفلسطينية، خياراً لا بديل عنه اذا لم نشأ لاصواتنا ان تذهب هدراً في واحدة من اعنف المعارك الرئاسية واكثرها تأثيراً على واقع جالياتنا العربية في هذه البلاد.
نحن ندرك ان المرشح اوباما اندفع في ادبياته الانتخابية الى احضان منظمات الضغط الصهيونية وادلى بمواقف منحازة الى إسرائيل، خلال زيارته الاخيرة لها واثناء وقوفه بين يدي «ايباك» اليهودية الاميركية، وهذا للاسف، دأب كل المرشحين الرئاسيين الذين لا يقيمون وزناً في شعاراتهم الانتخابية سوى لما يرضي تلك المنظمات التي تتمتع بنفوذ مالي وتنظيمي كبير نفتقر اليه نحن.
ومع ادراكنا هذا، نبقى محكومين بالانتقاء بين مرشح يمثل برنامجه كل السوء بالنسبة لقضايانا، سواء في الداخل الاميركي او على صعيد السياسة الخارجية، ومرشح آخر يحمل برنامجاً تغييرياً جدياً على المستوى الداخلي، ويعد بعقلنة السياسة الخارجية الاميركية وتقديم الدبلوماسية على فوهات المدافع في تعامله مع التحديات التي تواجهها اميركا.
لذا، نرى صادقين ان التصويت للمرشح الديموقراطي السناتور اوباما يبقى افضل الخيارات المتاحة امامنا ولابد من ان يسهم منحه اصواتنا في رهانه على الفوز الذي يبدو قوياً الى درجة كبيرة، في اشعاره بأننا جزء لا يتجزأ من جمهور الناخبين ولا نقف على هامش المشاركة، وبالتالي نكون قد ساهمنا في صناعة التغيير التاريخي الذي تنتظره اميركا في يوم الرابع من نوفمبر على ان مشاركتنا في العملية الانتخابية ليست مقصورة على المستوى الرئاسي، فامامنا في الرابع من نوفمبر مروحة واسعة من المرشحين لمناصب تشريعية وقضائية محلية وفدرالية لا تقل اهمية عن السباق الرئاسي، بل ان ادلاءنا بأصواتنا في تلك السباقات يظهر بصورة اجلى موقعنا وتأثيراً.
فعلى المستوى المحلي، هنالك انتخابات لمجلس التعليم في مدينة ديربورن يتنافس على مقاعده مرشحون ومرشحات ومن واجبنا ان نعير هذا السباق كل الانتباه والاهتمام خصوصاً ان طلابنا يشكلون النسبة الاعلى من بين مجموع طلاب القطاع المدرسي في المدينة. وهنالك مرشحتان لعضوية المجلس التربوي هما السيدتان آيمي بلاكبورن وماري لين اللتين اثبتتا في خلال توليهما لعضوية المجلس حرصاً واضحاً على مصالح الطلاب العرب وانصافهم كما لو انهما تنتميان فعلاً الى الجالية العربية الاميركية وهاتان المرشحتان رفضتا الانصياع لضغوط مورست عليهما من اجل الامتناع عن دعم مطالب اهالي الطلاب العرب، منذ نشوب ازمة الازدحام في مدارس شرق المدينة قبل عدة سنوات، وأصرّتا على العمل من اجل استحداث مبان مدرسية جديدة بدلاً من نقل طلابنا بالحافلات الى مدارس في غرب المدينة.
اننا ندعو ابناء وبنات جاليتنا ان يمنحوا اصواتهم لهاتين المرشحتين دون تردد، لأن تجربتهما مع الجالية العربية كانت متميزة بالتعاون والانفتاح والتفهم، ومن بالغ الضرورة ان نعيدهما الى المجلس التعليمي بكثافة اصواتنا لصالحهما.
هنالك ايضاً سباقات قضائية في المقاطعة والمدينة، و«صدى الوطن» اضاءت على خلفيات وبرامج المرشحين فيها ومنهم، على وجه الخصوص، المرشحان لمنصب قاض للمحكمة التاسعة عشرة. القاضي الحالي مارك سومرز ومنافسته كانديس آبات، ونحن نرى أن القاضي الحالي يستحق دعمنا في 4 تشرين الثاني.
ان اصواتنا في الرابع من نوفمبر هي الرافعة التي من شأنها استعادة موقعنا على خارطة اهتمام المرشحين في اي انتخابات قادمة. فلنرسل في يوم 4 تشرين الثاني
Leave a Reply