بلال شرارة
كم أنا وحيد.. من ترافقني الى سكون هذا الليل؟ الى سهرة الوقت؟ هل ترى أني قد أضعت أنا؟ هل أجده عند انثى الوقت؟
ربما، أنا مسحور، تمثال متحجر لهواء خشن؟ ربما اختبئ فـي المرآة، أو أطـُنُ كذكر النحل دون عمل أو أعلق بخيط عنكبوت فـي سقف جدار، او استحيل لوناً فائضاً فـي اللوحة المتراصفة على أبهة المكان، أو مثل «طبوعٍ اسود على دشداشة جدي البيضاء» أو نثار كانون فحم أسود فـي كوب لبن.
كم انا بحاجة أن أجدني ليتوقف رحيلي المزمن، خوفـي من تسربي فـي شق.
كم ذكرتك يا امرأه فـي ليال سابقة، اشتهيت أن تأخذيني بيدي الى طفولتي ليتوقف بكائي. كم اشتهيت ذلك وأن أكبر برفقتك وأنت «تفتلين وتبرمين» فـي «جبال الزعتر» بحثاً عن أجوبة لأسئلة غامضة! ثم أن أمضي بك الى خلف سنسال لأقطف لك قرص عسل من على دالية الحكايات المعتقة؟.. آه لو أجدني فـي هذا الليل البهيم حتى انام بلا تهيؤات وهواجس مسكونة بشياطينك؟!
آه يا امرأه من يملأ سكتي بهمساته ويوشوشني بكلام كأنه هال النكهة على رغبتي بقهوة صباحية مرة.
آه يا…
يا امرأة، اليوم ضجرت تماماً، إن يوم عطله واحد يزيد عن حاجتي، فماذا تراني أفعل فـي يومين متلاحقين؟ كيف اضيع هذا الوقت الطويل؟ أنتِ أهملتِ حضوري، وأنا أساساً لا أنام كثيراً ولم أعد أتلذذ بالطعام (فأعمله شغلتي وعملتي) لم اعد آخذ وقتي فـي تقطيع اللحم وشكّه «بالسياخ» إشعال «كانون» الفحم ومن ثم ترتيب سياخ اللحم متل صف العسكر، تاركاً مهمة التهويه لغيري، فأنا انقطعت يدي منذ زمن بعيد وأنا أكتب وأكتب سطراً بعد الآخر لتصبح الأسطر أكثر من مئة وتلبي طموح استاذ اللغه الفرنسية فـي معاقبتي (الحمد لله انه لم يعش الى حين وصول حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول الى مياه المتوسط، وإلا لكان فرض ارادته على الضيعة وكان اجبرنا على الركوع ووجهنا الى الحائط رغم تأكده اننا لسنا من داعش).
كنت أقول لقد ضجرت تماماً فماذا تراني افعل فـي الوقت الذي يسبق نومي المبكر غير الكتابة على صفحة «الفـيسبوك« والاطلاع على صفحاتكم ووضع «اللايكات» عن صحيح أو مجاملة.. طيب، اذا انقضى الوقت حتى موعد نومي ماذا سأفعل فـي ساعات الليل عندما استيقظ؟ سأتخيلك قليلاً.. أغمض عيني على صورتك، ألعب مع زوالك (البيت بيوت) ثم أنام فـي غرفة نومنا المفترضة.. وعندما استيقظ غدا ماذا سأفعل؟ ساقوم وأغسل وجهي بالماء و صابون (ع.ع) وأسرّح شعري بالفرشاة ثم أصنع قهوتي السوداء الأميركية، وأتابع الاخبار العربية بلداً بلداً ومدينة مدينة وزاروباً زاروباً.. وأقول لنفسي: ماذا لو أجمع اعداد القتلى اليوم (أقصد الشهداء) لا ادري الجميع يقولون عن قتلاهم شهداء! أنا أعتقد انني وحدي شهيدهم فهم فسروا احلامي بالتحرير والعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وفسَّروا احلامي بالوحدة والحرية وأحلامي الجديدة بالدولة المدنية وبإحلال النظام البرلماني الديمقراطي -فسَّروا احلامي جميعها- بكوابيس..
إذن ماذا سأفعل بكل يوم العطلة؟ ماذا سأفعل بكل هذا الوقت؟ سأترك التلفزيون يعمل على المحطة التي تبث مصارعة ٢٤/٢٤ فأنا عادة أغفو بين اللقطة واللقطة بحيث انام وأحد المتصارعين قد صرع الآخر واستيقظ على عكس المشهد.
سأتصل بحفـيدي جاد، إذ ربما اجاب على اتصالي فأتسولف مع براءته وأنام، وربما اذا أشفقت على شبابي نلتقي على فنجان قهوة أو منقوشة أو زيت وزعتر أو نثرثر كلاماً عن الناس.
Leave a Reply