بلال شرارة
سبعون عاماً هو عمر رجل الأعمال الملياردير المرشح الرئاسي للانتخابات الاميركية دونالد ترامب، الشخصية التلفزيونية المعروفة وقطب العقارات الشهير بشخصيته وشركاته وماركته العالمية يخوض الانتخابات تحت عنوان: استعادة عظمة الولايات المتحدة الأميركية.
والسؤال الأول الذي يطرح نفسه هو هل أن قناعة الأميركيين بهذه العظمة باتت مهتزة وتحتاج الى ترميم؟
أما السؤال الثاني فهو هل يحتاج مشروع السيد ترامب الى عنصرية متمادية لتحشيد الناخبين الاميركيين ضد المسلمين والمكسيكيين وكل من ليس أبيض البشرة؟ وهل يحتاج السيد ترامب الى معاداة ثلث الكرة الارضية ليكسب الانتخابات الرئاسية فـي بلده؟
طبعاً نحن ندين الهجوم الإرهابي الدموي فـي سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، وندين كل أنواع الإرهاب الذي يستهدف الذات البشرية ونرى فـي الإرهاب مشكلة العصر التي تحتاج الى مجابهة أممية ونحن بفاصل عام عن اجراء الانتخابات الأميركية نستدعي بناء نظري متكامل حول الإرهاب وأخطاره خصوصاً إرهاب الدولة والدول الراعية للإرهاب وإرهاب الجماعات والأفراد.
مثلا، نحن نريد أن نعرف ما إذا كان لاسرائيل الحق فـي أن تستخدم أسلحة وذخائر أميركية فـي قصف المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين؟ هل سمحت واشنطن لتل ابيب باستخدام قنابل «الكانستر» التي لا تزال تحصد الاولاد منذ عام ١٩٧٨؟ وهل سمحت للمدفعية الاسرائيلية باستخدام القذائف المسمارية فـي قصف حشد من المواطنين تحت علم الامم المتحدة فـي معسكر لقوات «اليونيفل» فـي قانا عام ١٩٩٦؟ وهل سمحت الولايات المتحدة لإسرائيل بقصف سيارة اسعاف المنصوري من طوافة «أباتشي» اميركية الصنع وبصاروخ أميركي؟
وهل سمحت الولايات المتحده للجيش الاسرائيلي بدهس وسحق عائلة درويش درويش بسيارة مدنية فـي ١٥ اذار ١٩٧٨ بواسطة دبابة «سنتوريون» اميركية الصنع؟ وهل يعلم السيد ترامب أن الانتاج الحربي الاميركي يفرغ ذخيرته وكذلك ذخيرة الغرب والشرق فـي أجسادنا؟ هل يعلم أن بلادنا استحالت حقولاً للرمايات والمناورات بالذخيرة الحية؟ هل يعلم أن المعارضة السورية مزودة بصواريخ أميركية الصنع (تاو) ثمن الواحد ليس اقل من خمسين الف دولار وبعضها يطلق على مركبات مدنية؟
وهل يعرف السيد ترامب أن الادارة الاميركية استهلكت نحو ٥٠٠ مليون دولار على تدريب ما لا يزيد عن (أصابع اليد) من المعارضين السوريين وأن السلاح الذي أرسل إليهم وقع بيد جبهة «النصرة» الارهابية؟
طبعاً، الادارة الاميركية لا تخفـي تورطها فـي بلداننا فهي تدرب جماعات متنوعة فـي معسكراتها على القتل وهي تحاول إبعاد أسئلتنا عن استخدام أسلحتها وذخائرها فـي معارك ضد شعوبنا، ومن حق السيد ترامب ان يتجاهل اي مسؤولية تجاه الماضي وحاضر حركة مشروع الشرق الأوسط الجديد والاستراتيجيات المتبعة والموت الذي يحصدنا من المحيط الى الخليج، ونحن لا نحمّل السيد ترامب ولا الشعب الاميركي المسؤولية تجاه ذلك ولكن لا نريد مع كل الذي جرى ويجري وإطلاق وحش الارهاب من قمقمه أن نتحول من ضحية الى جلاد الى حد أن يطالب السيد ترامب بإقصائنا وإغلاق الأبواب والنوافذ الأميركية بوجه رياحنا..
ولكن إذا أراد السيد ترامب أن يكون رئيساً للولايات المتحدة فإنه لا يستطيع ان يتحلل من مسؤولياته تجاه المسلمين ومسقبل دولهم ومجتمعاتهم وتجاه الجوار المكسيكي ونحن بالمقابل لا نصدق أن الديمقراطية الاميركية مغفّلة الى درجة منح مقعد الرئاسة الاميركية مقابل كراهيتنا (اميركا المعقدة يمكن معالجتها) حسب كتاب السيد ترامب الانتخابي.
أنصح بعدم استمرار تغليب المصالح على المبادئ وثانياً بعدم استعادة ثقافة «العزل» كما حدث لليابانيين بعد الغزو الياباني الجوي لميناء بيرل هاربر الاميركي فـي الحرب الكونية الثانية، وبالعزل الذي مورس ضد الإيطاليين بعد انضمام الولايات المتحدة للحلفاء فـي نفس الحرب.
إن القتلة ومغتصبي النساء ليسوا شرق أوسطيين مسلمين وليسوا مكسيكيين.. إنهم مجرمون عتاة احيانا منظمون وأحيانا رسميون واحياناً أفراد ذئاب من كل الجنسيات
والذين احتفلوا بجريمة ١١ سبتمبر لا يجيز لهم الإسلام ولا المسيحية هذا الأمر. وفـي الحقيقة، إن من احتفل بحفلة الإعدام الجماعية كانوا من اليهود وليسوا مسلمين، بحسب الوثائق.
إننا نعرف أن نظرة الغرب الى الإسلام ليست ايجابية ولكن من الذي عمم «الاسلاموفوبيا»؟ من شوّه ايدولوجيا شعوبنا وزرع التطرف؟ أليس الغرب؟ من المسؤول عن زراعة الأحزاب الإسلامية فـي مصر والسعودية وباكستان والعراق؟ أليست بريطانيا العظمى؟ أليس ما يجري اليوم على مساحة العالم هو نتيجة للثقافة الاستعمارية التي سادت؟
نحن نحتاج الى مرشح رئاسي اميركي ومرشحين الى سلطات القرار على مساحة العالم تعتمد برامجهم على محاربة الفقر والمرض والجهل وزيادة فرص العمل وتعميم التنمية الشاملة والتربية على الديمقراطية… نحن نريد مرشحين أقوى من احتكارات السلاح والنفط… السيد ترامب رجل الأعمال الذي يملك مئات الشركات والكازينوهات عنده الخبرة لانتاج سلع تعزز السلام والأمن الدوليين بدل الذخائر ونشر القواعد العسكرية فـي افريقيا وآسيا والشرق الاوسط خصوصاً.
نحن سنصفق بشدة ومن كل قلوبنا لرئيس أميركي قادم يضغط بداية من أجل حقوق الشعب الفلسطيني وأمانيه الوطنية، نريد رئيساً يحقق السلام بين الشعوب.
Leave a Reply