علي حرب – «صدى الوطن»
عقد رؤوساء منظمات حقوقية وناشطون مدنيون ومسؤولون حكوميون ورجال دين مؤتمراً صحفـياً فـي متحف «تشارلز رايت» للأفارقة الأميركيين فـي ديترويت، الاثنين الماضي، تحت شعار: «أمة واحدة، صوت واحد ضد الكراهية والتعصب». وأجمع المؤتمرون على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية وإدانة تنامي ظاهرتي «الإسلاموفوبيا» ورهاب الأجانب فـي الولايات المتحدة وما تتسببان به من جرائم كراهية ضد المسلمين الأميركيين.
وعبّر أعضاء الكونغرس الديمقراطيون، جون كونيرز وديبي دينغل وبرندا لورنس، عن دعمهم وتضامنهم مع مجتمع الجالية الإسلامية فـي منطقة ديترويت، وقال كونيورز، عميد مجلس النواب الأميركي «إنه لأمر رائع أن يجتمع هنا قادة ونشطاء من منظمات عديدة للاحتفال بالتنوع الذي يجعل منطقتنا عظيمة»، كما حثت لورنس الأميركيين على مجابهة التمييز، وقالت «لقد علمنا التاريخ أن الصمت هو الخطر الأكبر الذي يتهددنا.. وإن السماح بنمو التعصب ضد مجموعة واحدة يضع كامل المجتمع على حافة الخطر».
وشددت على ضرورة رفع الأصوات بشكل جماعي وعدم الركون إلى الصمت أمام ظواهر التعصب والكراهية التي لا يمكن التسامح معها، ليس فقط فـي جنوب شرق ميشيغن، وإنما فـي كل أنحاء أميركا.
من جانبها، شددت دينغل على أن «مترو ديترويت موحدة» ووصفت العرب والمسلمين الأميركيين «بالأصدقاء والزملاء»، وقالت «إنهم جيراننا وأطباؤنا.. ومالكو الأعمال التجارية فـي منطقتنا».
وأضافت «لقد كان والد ستيف جوبز سورياً وكان (جوبز) واحداً من أعظم المخترعين فـي تاريخ هذا البلد».
وشددت على أن العداء للمسلمين يناقض المبادئ والأسس التي بنيت عليها الولايات المتحدة وقالت «أوقفوا هؤلاء الذين يروجون للتعصب ضد المسلمين.. كفى يعني كفى.. فما يحدث لا يعكس حقيقتنا كأميركيين».
وأضافت أنها سوف تصرخ بأعلى صوتها عند سؤالها فـيما إذا كان المسلمون الأميركيون يدينون الإرهاب وسوف تجيب بأنهم يرفعون أصواتهم فـي وجه الإرهاب يوميا ولكن الإعلام يتجاهلهم.
وحذرت المدعية العامة الأميركية لمنطقة شرق ميشيغن باربرا ماكويد من مغبة «اعتبار المسلمين الأميركيين أقل أميركية من الأميركيين الآخرين» كون هذا الأمر يشكل «إهانة لنا جميعاً» على حد تعبيرها.
وشددت على أن ردود الأفعال المسجلة ضد العرب والمسلمين الأميركيين يضر بالأمن القومي الأميركي، لاسيما وأن بعض المنظمات الإرهابية، كتنظيم «داعش» يستخدمها بمثابة دعاية وترويج لخطابه المتشدد، وقالت «هؤلاء يحبون استخدام مثل هذه الروايات الكاذبة التي من شأنها أن تصور أميركا وكأنها فـي حرب مع الإسلام».
وانتقدت ماكويد «التصورات النمطية الخاطئة ضد العرب والمسلمين» ووصفتها بأنها تندرج فـي سياق شيطنة الآخرين المختلفـين عنا، وتساءلت لماذا لم يتم تحميل جميع الأميركيين الكاثوليكيين مسؤولية هجوم مدينة أوكلاهوما الذي نفذه تيموثي ماكفـي، ولماذا لم يوضع الأميركيون الألمان فـي معسكرات الاعتقال خلال الحرب العالمية الثانية كما حدث مع الأميركيين اليابانيين، ولماذا حين يقوم مسلم بارتكاب هجوم إرهابي فإننا نتحدث عن ذلك بالخط العريض، لماذا يحدث ذلك؟
وأجابت على تلك التساؤلات بالقول: «لأننا نقوم بشيطنة الآخرين المختلفـين عنا ونشوّه صورتهم، وهذا يجعل الأميركيين خائفـين من التعامل والتقارب معهم».
وشددت على ضرورة الوقوف كجبهة واحدة لتعزيز الأمن القومي وقالت «علينا أن نقف متحدين عندما يتعلق الأمر بأمننا القومي، وإذا انقسمنا فسوف نسقط جميعاً».
وفـي السياق ذاته، أقر محافظ مقاطعة وين وورن إيفانز بإسهامات العرب والمسلمين فـي المقاطعة ووصف «التنوع بأنه أمر أساسي من أجل النجاح» واعتبر أن التعصب وعدم إبداء الاحترام للآخرين يشكلان عائقا فـي طريق تنمية المقاطعة والولاية وكامل البلاد.
ودعا رئيس «طاولة ميشيغن المستديرة للتنوع والاندماج» ستيف سبريتزر إلى تخطي «الحواجز الاصطناعية بين المجموعات البشرية المتمايزة والمختلفة عن بعضها البعض» وقال «لقد قاد مارتن لوثر كينغ مسيرة الى واشنطن من أجل الحقوق المدنية، وقام بمسيرة أخرى إلى مدينة سلمى من أجل حق التصويت»
وأدان نائب رئيس العلاقات المجتمعية فـي «المجلس العربي الأميركي والكلداني» (أي سي سي) نابي يونو بقوله «التمييز واحد سواء أكان ضد العرب أم الكلدانيين أم المسيحيين أم المسلمين»، وأضاف «نحن جميعا متحدين ندين ذلك».
وتوجه عريف المؤتمر ناشر صحيفة «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني إلى الصحفـيين الحاضرين بالقول «فـي حال لم تسمعوا بإدانة العرب والمسلمين للإرهاب من قبل.. هأنذا أعيدها أمامكم: نحن المجتعمات الإسلامية والعربية فـي الولايات المتحدة ندين الأعمال الإرهابية سواء أكانت ضد أفراد أو جماعات أو دول. هل سمعتم ذلك بوضوح؟ هل يجب أن أعيد قول ذلك عليكم؟ لذلك توقفوا عن مطالبتنا بالاعتذار بالنيابة عن الإرهابيين لأننا نحن من هم فـي مقدمة ضحاياهم.
من جانبه، رأى رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي أن عقد المؤتمر فـي متحف «تشارلز رايت» للأفارقة الأميركيين يحمل أكثر من دلالة كونه يؤرخ لنضال السود ضد العبودية ونظام الفصل العنصري ولأنه «يذكرنا لأحد أفدح الأخطاء التي ارتكبناها فـي الولايات المتحدة» بحسب تعبيره.
وعبر أورايلي عن قلقه من مخاوف المسلمين و«الشعور بأنهم مهددون»، وقال «إن بعض السياسيين يروّجون لرهاب الأجانب على المستوى الوطني وإن المسلمين يخشون من فقدان حقوقهم الدستورية» وشدد بالقول «لا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك وعلينا حماية الجميع».
السلامة العامة كانت موضوع حديث رئيس شرطة ديربورن رونالد حداد الذي وعد بالالتزام بحماية الحقوق المدنية وصون الحريات العامة لجميع سكان مدينة ديربورن. وقال «سوف نقوم بكل ما يمكن فعله من أجل تحقيق هذا الأمر».
وأكدت برندا روزنبرغ، الناشطة اليهودية فـي مجال السلام، على أهمية الحوار بين الاثنيات والجماعات الدينية وقالت إنها قامت بإرسال رسائل إلى 12 منظمة يهودية، حقوقية ودينية وسياسية، يعبرون فـيها عن الوقوف إلى جانب المسلمين الأميركيين فـي الولايات المتحدة، وقامت روزنبرغ بتسليم الرسائل إلى «المركز الإسلامي فـي أميركا» بمدينة ديربورن.
كما شهد المؤتمر مواقف وتصاريح لنشطاء وحقوقيين آخرين، بينهم رئيس «الجمعية الوطنية الأميركية لتقدم الملونين» فـي ميشيغن، القس الدكتور ويندل أنطوني، ومؤسس «الرابطة الاميركية العربية للحقوق المدنية» المحامي نبيه عياد، ومديرة «أي دي سي» – فرع ميشيغن فاتنة عبد ربه، ورئيسة منظمة «نيو ديترويت» شيرلي ستانكاتو ونجاح بزي رئيسة منظمة «زمان انترناشيونال» والنائبة السابقة فـي مجلس نواب الولاية ورشيدة طليب، وجميعهم أجمعن على نبذ خطاب الكراهية والعنصرية وإدانة الإسلاموفوبيا ومروجيها فـي أميركا.
كما حضر المؤتمر عدد من المنظمات المدنية ورجال الدين بينهم محمد علي الاهي والشيخ مصطفى الترك وقساوسة من «مطرانية ديترويت الكاثوليكية» و«الكنيسة المعمدانية» وممثلون عن «مجلس ميشيغن للجاليات الاسلامية».
Leave a Reply