بلال شرارة
الإرهاب ليس مشرقياً يقع على دول المشرق العربي فحسب وليس متوسطيا يقع على دول حوض المتوسط (ضفتي المتوسط العربية والأوروبية)، وليس آسيويا.. فهو يتجاوز دولاً مثل العراق وسوريا وأفغانستان وباكستان، وهو ليس أميركيّ الهدف والمبتغى، بمعنى أنه افتُتح باعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) وانه لا زال يهدد الولايات المتحدة الأميركية فقط. هدف الإرهاب ليس ليبيا والجوار الليبي (مصر بصفة خاصة كما الجزائر وتونس وتشاد والمغرب) فحسب وإنما نيجيريا ومالي والجوار المالي والصومال وعموم افريقيا.
هدف الارهاب هو الاستحواذ على مساحة العالم، وهذا الارهاب يحتاج الى قرار دولي ناجز: غرفة عمليات دولية تنسق الاعمال العسكرية والأمنية والإعلامية والمالية وتفضح مصادر الإرهاب الثقافـية ومنابعه ومصادره الايديولوجية (الفتاوي والمقاصد).
لست ادري -أو أنني أدري و لا أريد أن أغوص فـي الأسس النظرية التي أطلقت مارد الإرهاب من قمقمه وصولا الى السؤال عمن فتح جرح الإرهاب وتركه يتقيح على النحو الجاري- ولكن ما أعرفه هو أن الإرهاب تنظيم أممي تنامى منذ الحرب الكونية الثانية واتخذ اسماء (بريطانية تأسيسية) فمذ ذلك الحين هي: الاخوان المسلمين (مصر) والوهابية (المملكة العربية السعودية) والقاديانية (باكستان) وحزب التحرير (بر الشام-القدس بصفة خاصة) وحزب الدعوة (العراق) و«الطورونية» تركيا.. وترافق ذلك مع توليد كيانات سياسية انطلاقاً من سايكس-بيكو، واليوم تتناسل من «التنظيمات الأم» عناوين ومنها: «القاعدة»، «النصرة»، «داعش»، «جماعة أنصار بيت المقدس»، «أحرار الشام، الجماعة الإسلامية و.. و.. ومئات الأسماء الأخرى..
ولا بد من الاقرار أن بعض الدول المرتكزة على مشروع ايدولوجي وسياسي وتنظيمي جعلت من عواصمها غرفة عمليات دولية لحركة القوى المتوالدة كالأرانب، وهذه الدول تنسق اأنشطتها ومصالحها ولا تلتزم بالقرارات التي تدعو الى إغلاق حدودها السيادية البرية وموانئها الجوية والبحرية أمام الإرهاب ولا تتوقف عن تمويله وغض النظر عن التحويلات المالية من البترو أغنياء.
الآن رويداً رويداً تدخل الدول الكبرى فـي الحرب ضد الإرهاب وتحاول أن ترسم له حلبة الصراع فلا يكون انتشاره مدوياً على مساحة العالم وأن تكون هذه الساحة (الشرق الاوسط) هي خط الدفاع والهجوم على الارهاب بحيث لا ينتقل خطره الى دول الغرب والشرق نفسها. ولكن الوقت تأخر قليلاً رغم أن روسيا تشارك عملياً فـي الحرب الجوية والاستخباراتية ضد الارهاب، والولايات المتحدة تتجاوز دورها فـي قيادة التحالف الجوي الى عمليات كوماندوس فـي سوريا والعراق وترسل المزيد من القوات البرية الى العراق وتعلن عن خطة خمسية بهدف تشديد الخناق على الجماعات الارهابية فـي افريقيا. وفرنسا ترسل حاملة الطائرات شارل ديغول وبريطانيا تعيش مخاضاً (ديمقراطياً) لتعزيز مشاركتها…
الحرب ضد الارهاب لا تحتاج الى مشاركات دولية متواضعة، أو مشاركات متدرجة ولا الى غرف عمليات متباعدة (متخصصة نعم ولكن متوحدة فـي الادارة) فالحرب يجب أن تكون حرباً عميقة لتطال قواعد الارتكاز الفعلية للارهاب عبر تجفـيف المصادر المالية والنفطية.
الحرب ضد الارهاب واستراتيجياتها ووسائلها ستصبح شيئاً فشيئاً المادة الانتخابية الاميركية الرئيسة ولا يمكن للمرشحين الرئاسيين ولا الادارة الاميركية الحالية أن يقصروا اتجاهها لأن الإرهاب هو فـي حالة هجوم. أليس هذا ما أبرزه الدرس الليبي الأخير باستهداف «الهلال النفطي»؟ اليس هذا ما نراه فـي حركة الارهاب على مساحة الحرب؟ هل يكفـي المشهد اليمني الذي تحل المنظمات الارهابية خلاله مكان قوات هادي والتحالف (فـي عدن على سبيل المثال) للتدليل عل ذلك؟
Leave a Reply