لانسنغ – «صدى الوطن»
خيّمت أزمة تلوث مياه فلنت على خطاب «حال الولاية» الذي ألقاه الحاكم ريك سنايدر، يوم الثلاثاء الماضي، تحت قبة مبنى الكابيتول فـي لانسنغ، حيث تعهد لسكان ميشيغن بإصلاح الخطأ الفادح الذي ارتكبته إدارته متوجهاً بالاعتذار لسكان مدينة فلنت.
وخصص سنايدر ١٤ دقيقة من خطابه الخامس عن «حال الولاية» للحديث عن أزمة فلنت حيث استعرض مسار الأزمة وتسلسل الأحداث فـيها متعهداً بمواصلة التحقيقات لمعرفة المسؤولين عن التسبب بهذه الكارثة.
وقدم سنايدر اعتذارا إلى سكان مدينة فلنت وتعهد بإصلاح المشكلة قائلا ان سكان المدينة يواجهون أزمة لم يكونوا السبب فـيها. وطلب سنايدر مبلغ 28 مليون دولار كتمويل عاجل من سلطات الولاية وذلك لدعم المستشفـيات والعيادات الصحية لعلاج الأطفال الذين تضرّروا من تلوث المياه فـي المدينة التي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من مائة ألف نسمة.
ويتعرض الحاكم ريك سنايدر لحملة انتقادات واسعة واحتجاجات سياسية وشعبية إضافة الى حملات إعلامية ودعاوى قضائية وصولاً الى المطالبة باستقالته على خلفـية الأزمة، غير أن رده كان حازماً فـي خطاب حال الولاية بأنه سيتحمل المسؤولية متعهداً بمحاسبة المخطئين فـي هذه القضية، ومؤكداً شفافـية إدارته بقراره الكشف عن مراسلاته الإلكترونية بشأن الأزمة مع العلم أن دستور ولاية ميشيغن يمنح الحاكم حق الاحتفاظ بسريتها.
وأكد سنايدر على اعتذاره حين قال «يا سكان فلنت، أقول هذه الليلة كما قلت من قبل، أنا آسف وأنا ساقوم بإصلاح الخطأ»، وأضاف بأن «المسؤولين الفدراليين وفـي الولاية والمحليين أثبتوا فشلهم تجاه الناخبين».
وطالب سنايدر، وهو جمهوري، المشرعين فـي مجلس الولاية السماح برصد ٢٨ مليون دولار من اجل إنفاقها على المختبرات التشخيصية والعلاج الصحي للأطفال والمراهقين واستبدال صنابير المياه والتجهيزات فـي مدارس فلنت ومراكز الرعاية النهارية للاطفال ودراسة وتحليل خطوط وأنابيب المياه فـي المدينة. وأكد ايضاً على الحاجة إلى تمويل إضافـي.
كما عرض سنايدر الخطوات التي أقدم عليها منذ تفجر الأزمة والتي تضمنت استقالة وزير البيئة، وإعلان الطوارىء لإغاثة سكان المدينة بجهود شرطة الولاية والحرس الوطني فـي ميشيغن. كما قال سنايدر إن طلبه بإعلان الطوارىء الفدرالية قوبل بالموافقة من الإدارة الأميركية مشيراً الى مواصلة الجهود لتوفـير مزيد من الدعم الفدرالي عبر إعلان فلنت «منطقة كارثة»، وأضاف بأن أفضل ما يمكن فعله الآن هو العمل معاً لإصلاح هذا الخطأ.
وقابل المشرعون مواقف سنايدر بالتصفـيق وقوفاً عدة مرات، فـيما لوحظ امتناع بعض الديمقراطيين عن ذلك.
ووعد سنايدر بالافراج عن رسائل البريد الإلكتروني المتعلقة بأزمة فلنت من عام ٢٠١٤ وحتى عام ٢٠١٥ الماضيين، ورفض النداءات المطالِبة باستقالته من قبل بعض المحتجين، مؤكداً حرصه على العمل للتأكد من عدم تكرار هذه الأزمة فـي أي من مدن ميشيغن فـي المستقبل. ويمكن الاطلاع على مراسلات الحاكم مع المسؤولين عبر الموقع الإلكتروني التالي: Michigan.gov/Snyder
وأكد الناطق باسم الحاكم، دايف موراي، الخميس الماضي، إن سنايدر لن يقدم استقالته بسبب أزمة فلنت، مؤكداً أن الولاية تواصل تحقيقاتها لتحديد المسؤولين عن الأزمة.
احتجاجات
وكان قد تظاهر حوالي ألف شخص على الأقل فـي مبنى الكابيتول يوم الثلاثاء الماضي، وحمَّل البعض منهم زجاجات لحليب الاطفال مملوءة بالماء ذي اللون البني علامة التلوث.
وقال محامو السكان ان البعض منهم أبلغوا عن اصابتهم بالطفح الجلدي وفقدان الشعر وغير ذلك من المشاكل الطبية منذ قيام بلدية فلنت، تحت إدارة مدير الطوارئ الذي عينته الولاية، بتحويل مياه الشرب من شبكة مياه ديترويت إلى مياه نهر فلنت فـي شهر نيسان (أبريل) ٢٠١٤ الماضي من أجل توفـير المال، مما تسبب فـي ارتشاح الرصاص من المواسير القديمة.
وقد بدأ سكان المدينة فـي الشكوى من تغيُر مذاق ورائحة وشكل المياه بالإضافة إلى ارتفاع نسبة الرصاص فـي الدم لدى أطفال المدينة، ولكن السلطات لم تحرك ساكناً حتى شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام ٢٠١٥، بعد أن أظهرت المختبرات وجود مستويات مرتفعة من الرصاص فـي مياه فلنت للشرب ولدى نسبة متزايدة من الأطفال. وأشاد سنايدر بالطبيبة العربية الأميركية منى حنا عاطيشا التي كشفت عن ارتفاع نسبة الأطفال المصابين بتلوث الرصاص بعد دراسة أجرتها بهذا الشأن إثر ملاحظاتها ازدياد هذه الظاهرة بين مرضاها فـي فلنت. وصفق المشرعون بحرارة للطبيبة حنا عاطيشا التي كانت بين الحضور.
ورغم عودة البلدية الى شبكة مياه ديترويت لا تزال مستويات الرصاص مرتفعة فـي المدينة وهو ما استدعى توزيع المياه على السكان والمصافـي مع تركيبها فـي البيوت.
وأكد سنايدر أن الولاية ستحرص على أن يكون كل بيت فـي فلنت مزوداً بالمياه الصالحة للشرب.
أزمة مدارس ديترويت العامة
والى جانب أزمة فلنت، احتلت أزمة مدارس ديترويت العامة حيزاً رئيسياً من خطاب الحاكم. وحث سنايدر المشرعين فـي الولاية على التحرك بسرعة لإصلاح المدارس العامة فـي ديترويت التي تعاني من أزمة مالية مستفحلة تضعها على شفـير الإفلاس. وأضاف ان «مدارس ديترويت العامة فـي أزمة. انها فـي حاجة الى تغيير وتحول. والكثير من هذه المدارس تفشل فـي مهمتها (التربوية) المركزية»، وأردف «لا يحصل كل الطلاب فـي ديترويت على التعليم الذي يستحقونه». وقال سنايدر انه يريد للولاية أن تتحرك قبل أن يفوت الأوان حيث من المتوقع أن تنفد أموال منطقة ديترويت التعليمية بحلول الربيع المقبل. واستطرد بأن «وقت العمل هو الآن وغضّ النظر يمكن أن يكلف كل واحد منا أكثر من ذلك بكثير ويتسبب لنا بأضرار أكبر من ذلك بكثير، لذا أطلب منكم التحرك بسرعة».
Leave a Reply