ديترويت – «صدى الوطن»
زيارة الرئيس باراك أوباما الى ديترويت يوم الأربعاء الماضي، أرادها الرئيس فرصة لاستعراض أحد أهم إنجازات عهده الرئاسي المتمثلة بإنقاذ صناعة السيارات الأميركية ووضع مدينة ديترويت مجدداً على سكة النهوض، ولكن الزيارة خيمت عليها أزمتان من العيار الثقيل وهما قضية تلوث مياه فلنت وخطر انهيار مدارس ديترويت العامة.
أوباما ألقى خلال زيارته خطاباً أمام أعضاء نقابة عمال السيارات فـي شركة «جنرال موتورز»، بعد قيامه بزيارة معرض ديترويت الدولي والتجول قليلاً فـي الداونتاون حيث عرج على مصنع «شينولا» للساعات قبل أن يتناول الغداء فـي حانة «جولي بامبكين» مع مسؤولين آخرين بينهم رئيس بلدية ديترويت مايك داغن.
وأثناء زارته لمعرض السيارات أسدلت الستائر السوداء على أقسام واسعة من المعرض كي يتمكن أوباما من إلقاء نظرة عن قرب على سياراته المفضلة دون أن يضطر للتعامل مع الحشود التي تزور المعرض، وقال ممازحاً للصحفـيين إنه يبحث عن سيارة جديدة لأنه سيضطر نهاية العام الجاري الى تسليم سيارة «الكاديلاك» الرئاسية المعروفة باسم «الوحش».
أزمتان من العيار الثقيل
وواجه أوباما انتقادات عديدة لعدم توجهه الى مدينة فلنت رغم فداحة الكارثة التي تهدد حياه آلاف الأطفال المصابين بتلوث الرصاص فـي المدينة، واكتفى بإرسال مساعدة وزير الخدمات الصحية الأميركية نيكول لوري لتولي مسؤولية التنسيق بين السلطات الفدرالية وسلطات المدينة لمواجهة أزمة تلوث المياه.
وتحدث أوباما أمام نقابة عمال السيارات مفتتحاً خطابه بشجب كارثة فلنت التي جلبت الاتهامات بالتقصير وعدم الشفافـية. وقال «لو كنت مكان أحد الأهالي فـي فلنت، فسأكون قلقاً جداً على صحة أطفالي»، مؤكداً أنه لا يجوز للحكومات أن توفر خدمات أقل جودة للسكان.
وكان أوباما قد عقد اجتماعاً خاصاً فـي واشنطن مساء الثلاثاء الماضي، حضرته رئيسة بلدية فلنت كارين ويفر، لمناقشة المستويات العالية من الرصاص التي وُجدت فـي مياه الشرب فـي فلنت، ولتقديم الدعم اللوجستي والتقني المستمر للجهود المبذولة لمعالجة الأزمة، ثم إيفاد مسؤولة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية للتنسيق الفدرالي والمحلي.
وفـي وقت سابق سُئل نائب السكرتير الصحفـي للبيت الأبيض أريك شولتز من قبل الصحفـيين على متن الطائرة، عما اذا كان يتوجَّب على سنايدر الاستقالة، فأجاب ان «وجهة نظرنا هي انه الآن ينبغي أن يركز الجميع على المشكلة الفعلية».
وأزمة فلنت لم تعكر وحدها زيارة الرئيس حيث شهد يوم الأربعاء الماضي تنظيم يوم تغيب مرضي من مدارس ديترويت العامة التي تواجه خطر الإفلاس، حيث قام المعلمون بتنظيم اليوم احتجاجاً على نقص التمويل التربوي وظروف التعليم المتدنية المستوى، فـي الوقت الذي يعمل فـيه سنايدر جاهداً لتوفـير التمويل اللازم لإنقاذ المنطقة التعليمية عبر إقرار سلسلة تشريعات جديدة فـي الولاية.
وكانت ٨٣ من مدارس ديترويت الحكومية -أو ما يقرب من ٨٠ بالمئة من المدارس الموجودة فـي المنطقة- قد أغلقت ابوابها يوم الأربعاء الماضي بسبب نسبة الغياب العالية للمعلمين، الذي نجم عن اتصال المدرسين والموظفـين وإعطائهم اعذاراً مرضية لتخلفهم عن الحضور للفت الانتباه إلى ما يرونه عدم وجود تمويل كاف للمدارس.
إنقاذ صناعة السيارات
ولم تثن الأزمتان أوباما عن التركيز على رسالته الرئيسية من الزيارة: حقيقة ان صناعة السيارات الاميركية المزدهرة أضافت فـي السنوات الماضية ٦٤٦ ألف وظيفة وسجلت عام ٢٠١٥ مستوى قياسياً لمبيعات السيارات فـي الولايات المتحدة وهو الأعلى منذ عام ٢٠٠٩.
وفـي بداية رئاسة أوباما، أوشكت شركتا «جنرال موتورز» و«كرايسلر» على الانهيار قبل أن تجبرهما الإدارة على اللجوء الى إعلان الإفلاس وإقراضهما ما يكفـيهما من أجل البقاء المالي وعدم تسريح مئات آلاف العمال. وبعد إقراض الشركتان من المال الحكومي انتعشتا نسبياً وقامتا بعد حين بتسديد كل القروض إلى وزارة الخزانة الأميركية.
ووصف أوباما عملية إنقاذ إدارته لشركات السيارات بأنها سمحت ببدء عودة ديترويت واستنهاضها كمدينة. وادعى أن المنافسين الجمهوريين على الرئاسة كانوا سيسمحون لشركات مثل «جنرال موتورز» و«فورد» بالانهيار.
«إنه أمر غريب مشاهدة نفس الاشخاص الذين وصفوا خطتنا لإنقاذ صناعة السيارات بأنها «طريق نحو الاشتراكية» وأنها ستؤدي الى كارثة وأنها ستُنزِل القطاع الى الحضيض. وعندما أسمع اليوم أن بعض هؤلاء الاشخاص قد ترشح للرئاسة مجدَّداً ولم يقدر على اجبار نفسه بالاعتراف بما حققتم انتم، لا أريدكم ان تحملوهم على محمل الجد. لأنهم عندما يتجاهلون التقدم الذي أحرزناه وحققناه، لن يتمكنوا من اتخاذ خيارات جيدة حول ما نحتاج اليه فـي المستقبل».
وأضاف أوباما «يمكنك أن تشعر بشيء خاص يحدث فـي ديترويت.. وعندما تسمع الناس يدَّعون ان أميركا فـي تراجع فأنهم لا يعرفون ما الذي يتحدثون عنه. هؤلاء هم نفس الناس الذين كانوا سيتركون هذه الصناعة تقع».
وكانت صناعة السيارات قد تعثرت فـي الأسابيع الأخيرة فـي السوق العالمية بسبب التباطؤ الاقتصادي فـي الصين وانهيار أسعار النفط.
Leave a Reply