خليل إسماعيل رمَّال
لعل استقبال بوابتي الإتحاد الأوروبي، إيطاليا وفرنسا، الحار والترحيب اللافت للرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني والتكريم الذي لقيه من قِبَل أعلى السلطات الدينية والمدنية والسياسية فـيهما، هو دليل على عهد جديد ونمط تغييري حديث للتعامل مع إيران فـي العالم المتموضعة لأخذ دورها ومكانها الطبيعي كدولة إقليمية فاعلة فـي منطقة الشرق الأوسط والعالم بعد رفع العقوبات عنها وتفعيل إسهامها البنَّاء فـي مكافحة الاٍرهاب التكفـيري، فـي مقابل اندثار واندحار الدور الوهَّابي لآل سعود بعد عقود من السيطرة على المنطقة عن طريق الرشاوى وشراء الذِمَم. وأكبر مِثال صارخ على هذا الاستعباد السعودي أشرف ريفـي فـي مسخ حكومة بلد الخردة الذي، بعد أنْ قام معلِّمه بدور التحريض وترهيب اللبنانيين المغتربين فـي الخليج، تلا رسالة الغفران أمام دول الردَّة والمشيخات وخصوصاً أسياده آل سعود بسبب «المرتهنين فـينا» قاصداً المقاومة وحلفاءها الشرفاء والجمهورية الإسلامية بينما عبادته هو وتياره لحكام البترودولار يُعد استقلالاً وسيادة، وكان الأجدى بهذا الريفـي أنْ يطلب السماح بسبب «السفهاء» عنده لا عند الذين يذودون عن حياض وطن وبلد عاق.
الاحترام الذي خُصَّ به الرئيس روحاني فـي الإتحاد الأوروبي، خصوصاً فـي إيطاليا حيث تمت تغطية التماثيل ومُنِعَتْ الخمور بوجوده، يبعث على المقارنة السريعة مع زيارات آل سعود وأذنابهم الذليلة إلى أوروبا وأميركا وتبادل الأنخاب كالذي جرى بين حاكم عائلته السابق عبدالله آل سعود وجورج بوش. فإيران تتعامل بندِّية مع العالم على أساس الإحترام المتبادل بينما حكام الخليج… حدِّث ولا حرَج! رئيس عربي آخر كان آخر الشرفاء هو حافظ الأسد الذي لم يدس بقدميه عتبة واشنطن بل أجبر عدداً من رؤساء أميركا على لقائه فـي أوروبا.
ولا شك أنَّ مسارعة إيران إلى فتح صفحة جديدة مع أوروبا هي ضربة معلِّم (أين منها الضربة على الرأس: نجيب ميقاتي؟)، وعقد صفقات تجارية مهمة مع إيطاليا وفرنسا وغيرها فـي المستقبل القريب (الصين وقبلها موسكو وبعدها اليابان وآسيا)، سيعيد «الروحانية» الاقتصادية والسياسية للدور الايراني مما يفتح صفحة جديدة من التعاون مع أوروبا مع ملاحظة إهمال الشركات الأميركية، لأن مصلحة القارة الأوروبية هي فـي التعامل مع دولة كبرى مثل إيران تعيد الاستقرار إلى منطقة ملتهبة من العالم والتوازن والتعقل إلى الجنون الذي تمارسه السعودية وإسرائيل وهما أصبحتا سبب مصائب وويلات المنطقة.
وعودة إيران المثيرة إلى العالم سيعقِّد قواعد الاشتباك مع السعودية خصوصاً بعد الرد الحاسم لروحاني على الرياض وكشف دورها التدميري الداعم للإرهاب. وهذا ما يفسِّر حرب الإلغاء بين مجرمي «النصرة» و«داعش» والذي هو صراع خفـي مستجد بين قطر والسعودية (بعد تأييد الدوحة لإعلان جعجع بترشيح العماد عون) وتعبير عن أزمة التكفـير الوهَّابي الذي هو كالحية إذا لم يجد من يعضَّه يقوم بعَضِّ نفسه رغم أنَّ الطرفـين هما من شجرة نجسة واحدة. ولا يُخفى تحالف «القاعدة» مع آل سعود ومرتزقتهم فـي اليمن رغم الإعلان عن إعدام بعض قادتهم فـي نفس يوم اغتيال الشيخ الشهيد نمر النمر.
وبالطبع هذا الاشتباك الناجم عن الغضب السعودي المسعور وحقده وغيرته من انتصار إيران فـي كل المجالات، سيؤدي إلى تصلُّب جديد فـي لبنان مما يعني ان الفراغ والفلتان مستمران فـي كل أوصال الحكم والنظام الموتور العفن الذي لا يعيش إلا على الحقن الخارجية. ورغم اجتماع الحكومة وصورتها الخارجية الموحدة لكنها ستبقى مجرد حكومة تصريف ما تيسر من الأعمال مع استمرا التناقضات والتوترات والنفايات فـيها حيث يمكن لرأس الحكومة فـي مؤتمر دافوس أنْ يحمل على التدخُّل الإيراني ويدافع عن أسياده آل سعود، بينما لا يحق لوزير الخارجية جبران باسيل أنْ ينأى بلبنان عن الخلافات العربية حفظاً لورقة تين الوحدة الداخلية!!
صفوة القول أنَّ المقبل من الأيام يحمل أملاً متجدداً لمحور الخير مع خيار حسم الجيش العربي السوري لمعركة حلب وتحييد اللاذقية عن خطر الإرهاب الداعشي-التركي واستعادة الحليف الإيراني لأوراق استراتيجية مهمة بالتكامل دائماً مع الحليف الروسي الوفـي.
Leave a Reply