علي حرب – «صدى الوطن»
تحوَّل الشيخ نمر النمر رمزاً للمعارضة فـي المملكة السعودية بعد إعدامه من قبل النظام فـي الثاني من كانون الثاني (يناير) الماضي، وهو الإعدام الذي لقي إدانة دولية واسعة لانه كان ملتزماً بالدعوة السلمية وحقوق الإنسان العالمية على حد تعبير نجله محمد النمر.
وأعرب محمد نمر (٢٩ عاماً) عن فخر أسرته لشجاعة الشيخ وتضحياته، مشدداً على أن والده كان يسعى لتحقيق الحرية للجميع، ولم يقتصر نضاله على حقوق الشيعة فقط.
وانتقد الناشط فـي مجال الحقوق المدنية، الذي يعيش فـي الولايات المتحدة، السياسة الخارجية للولايات المتحدة وندد بالفكر الوهابي المحافظ المتطرف الحاكم فـي السعودية ونأى بنفسه عن الجمهورية الاسلامية فـي إيران، مع انها عبرت عن غضبها العارم ضد الرياض إثر إعدام الشيخ النمر.
ظلم وفساد
وانتقد محمد النمر رد فعل الولايات المتحدة على اغتيال والده حيث أعرب البيت الابيض عن «قلقه» فقط بعد قتل الشيخ النمر، من دون إدانة هذا العمل الجائر.
«إنه موقف مخجل»، أعلن النمر فـي حديثه لـ«صدى الوطن»، وأضاف «ولكي نكون منصفـين، إنه ليس الموقف الأميركي العام، ولكنه موقف الحكومة الأميركية لأنني شهدت الكثير من التعاطف والدعم من قبل المجتمع الأميركي. ان الحكومة الأميركية تزعم انها تدافع عن الحرية والعدالة ولكنها بقيت صامتة عندما قتل حلفاؤها السعوديون رجل دين يمثل تلك القيم. لقد دافع والدي عن المظلومين فـي كل مكان، فـي اليمن، فـي البحرين، فـي سوريا، فـي تونس، فـي مصر».
ورغم أن المملكة العربية السعودية هي أكبر مصدر للنفط فـي العالم، يؤكد النمر «أن المواطنين العاديين يعانون من الفقر والقهر. فهناك فقط ٣٠ بالمئة من السعوديين يملكون منازل بينما المعدل العالمي للملكية العقارية هو ٧٠ بالمئة. أما موارد الدولة فمسلوبة من قبل عائلة واحدة. كذلك مستوى المعيشة مرتفع جداً، مقارنة بمتوسط الدخل. والمواطن لا يستطيع التعبير عن آرائه ويمكن إلقاء القبض عليه بسبب أدنى كلمة انتقاد يوجهها ضد أي وزير فـي الحكومة أو عضو فـي العائلة المالكة».
وأردف النمر «جميع السعوديين يعانون من استبداد الحكومة والفساد، ولكن الحكومة تميِّز عنصرياً ضد الشيعة نتيجة ألاعيبها السياسية. والحكام الملوك يستخدمون المذهبية لتقسيم الشعب. وتقوم السلطات السياسية بمنح مجموعة من الوهابيين الصلاحيات لكي يقفوا الى جانبهم ضد الشيعة».
وأصر النمر على ان «الشيعة والسنة يتعايشون سلمياً فـي عدة مناطق فـي المملكة»، مشيراً إلى «أن السعوديين الشيعة يواجهون المضايقات والاضطهاد من قبل الحكومة، لا المواطنين».
وكانت جماعة «داعش» الارهابية قد أرسلت انتحاريين لتفجير ثلاثة مساجد شيعية خلال العام الماضي، مما أسفر عن استشهاد وجرح العشرات. وأبدى النمر خشيته على مصير الطائفة الشيعية من مثل هذه الهجمات الإرهابية، لكنه حذر من أن المتطرفـين الذين يمارسون العنف لن يوفروا أي شخص.
أصل المرض
وأوضح «نحن بحاجة إلى معالجة مصدر المرض فـ«داعش» والوهابية وهذه المنظمات الجهادية الإرهابية كلها من نفس الشجرة السرطانية، من صلب آل سعود، الذين يدعمون هذه العقيدة لأنها تضفـي الشرعية عليهم وتساهم فـي احكام قبضتهم على السلطة».
وتابع أن تدمير «داعش» لن ينهي الإرهاب العالمي، طالما أن السعودية تدعم الأيديولوجيات المتطرفة.
مصالح الدول
فـي أعقاب إعدام الشيخ النمر اندلعت التظاهرات الاحتجاجية ضد العائلة المالكة فـي مختلف أنحاء العالم، بما فـي ذلك مدينة ديربورن التي زارها نجل الشيخ الشهيد الأسبوع الماضي. ولم يستغرب ابن النمر ردود الفعل على جريمة إعدام والده، الذي ألقي القبض عليه فـي العام ٢٠١٢ لأنه كان يبشر باللاعنف والدفاع عن حقوق الإنسان.
واستطرد أن «الشيخ كان وحيداً ولم يكن يملك المال أو إمبراطورية النفط، ولكن كان يملك كلمات سلمية وصلت الى كل الارجاء».
وكانت التوترات قد تصاعدت بين السعودية وإيران فـي أعقاب إعدام الشيخ الى مستوى ينذر بالخطر الذي يهدد السلام الإقليمي. وقطعت المملكة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران بعد أن هاجم محتجون سفارتها فـي طهران يوم اعدام النمر
«يد الله ستقبض على رقبة السياسيين السعوديين»، أعلن مرشد الثورة الإيراني الأعلى، آية الله السيِّد علي خامنئي، معلقاً على الجريمة. كما سعّرت هذه المواجهة لهيب المذهبية فـي المنطقة وأثرت فـي جهود التفاوض بين البلدان التي مزقتها الحروب فـي اليمن وسوريا.
لكن محمد النمر قال ان الجغرافـيا السياسية والعلاقات الدولية لا علاقة لها بتطلعات الجماهير من أجل الحرية والعدالة.. والدول عادةً تسعى نحو تحقيق مصالحها وهناك عداء بين المملكة وإيران، وهذا ليس جديداً.
ومضى يقول «أن الحكومة الإيرانية استخدمت المأساة لتمرير أجندتها الخاصة ونحن لسنا من اختصاصنا ان نتعرض للأذى من هذا كأفراد، ويجب أن نكون خارج هذه المعادلات، ويجب أن لا تقع منظمات حقوق الإنسان فـي المزالق السياسية ويجب أن يرفض الناشطون فـي مجال حقوق الإنسان الانجرار لهذه الحسابات السياسية الضيقة» مشيراً الى ان المشاحنات السياسية باسم الدين «توقد نار المذهبية».
لا للعنف
واستنكر النمر الهجوم على السفارة السعودية فـي إيران، معتبراً أن ذلك أفسد رسالة والده السلمية. وأضاف «اننا ندعو للتغيير بالكلام ونحن نرفض العنف. إذا كنت ترغب بتحقيق التغيير بالعنف، فما الفرق بينك وبين من تريد تغييرهم؟».
ورداً على سؤال حول علاقات إيران بالحكومة السورية، أجاب محمد النمر: «كيف يمكن لدولة قمعية ان تتحدث عن حقوق الإنسان فـي بلد آخر؟».
ورفض النمر «شيطنة» جميع السعوديين بسبب تصرفات حكومتهم. وقال «الوهابيون يمثلون نحو ٢٠ بالمئة فقط من دول الخليج. اما بقية افراد المجتمع فهم لطفاء وهم لا يهتمون إذا كنت سنياً أو شيعياً».
ولد محمد النمر فـي سوريا حيث أمضى سنواته الأولى. وعاش متنقلاً بين سوريا والمملكة السعودية عندما كان مراهقا. وفـي عام 2010، سافر إلى الولايات المتحدة، حيث حصل على شهادة البكالوريوس فـي الهندسة الميكانيكية من جامعة بوردو وانديانابوليس فـي ولاية إنديانا وهو يقيم حاليا فـي انديانابوليس.
وذكر ابن الشيخ نمر النمر أنه لن يعود إلى السعودية خوفاً من الملاحقة القضائية.
وختم بالقول «حتى لو عدت ولم يتم اعتقالي على الفور، لكن هناك حكومة انتقامية تعمل وقد تفرض علي الحظر من السفر ثم تعتقلني فـي فـي وقت لاحق.. لست فـي أمان إذا عدت الى هناك».
Leave a Reply